العنوان «المجتمع» تحصل على «تقرير سرّي» إثيوبي
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 27-أبريل-1976
مشاهدات 11
نشر في العدد 297
نشر في الصفحة 6
الثلاثاء 27-أبريل-1976
التقرير السري الذي حصلت عليه «المجتمع»، والذي قدم للمجلس العسكري الحاكم في إثيوبيا وأُقر كما هو دون تعديل.
هذا التقرير دخل نطاق التنفيذ.. فعلًا وأصبح سياسة رسمية للنظام الفاشي في الحبشة.
وهذه ثلاثة أدلة:
* التقرير ينص- طالع الصفحات ٢٠-٢٥- على «تحويلات جذرية» في الجغرافيا البشرية لإريتريا.
تهجير مئات الألوف من أبناء إرتريا من المناطق الاستراتيجية، وإحلال أحباش متعصبين مكانهم، هؤلاء الأحباش يتمركزون- في مستعمرات عسكرية- على البحر الأحمر وعلى حدود إرتريا المتاخمة للسودان.
ومنذ ١٥ يومًا- ١٢ ربيع الآخر- أعلن النظام الحبشي أنه سيحشد الإثيوبيين في مظاهرة قوامها نصف مليون حبشي. للتوجه إلى إرتريا، وهذا تنفيذ عملي لسياسة التقرير الخطير.
* منذ شهر- في أواخر ربيع الأول- زار الميجر سيساي وهو واحد من أبرز أعضاء المجلس العسكري الحاكم في إثيوبيا، زار فلسطين المحتلة سرًا ووقع هناك مع المؤسسة الصهيونية اتفاقًا أرسل اليهود بموجبه إلى الحبشة ٤٠ أربعين خبيرًا صهيونيًا، مهمتهم المحددة هي: تدريب فرقة إثيوبية جديدة تتخصص في حرب العصابات، وهذه الفرقة المكونة من ١٥ خمسة عشر ألف رجل تتلقى تدريبها الآن في منطقة «أواش»، وهذا الاتفاق الإثيوبي- الصهيوني تطبيق لما جاء في التقرير من فقرات تقترح تعزيز التعاون الحبشي مع الكيان الصهيوني، وفي نفس الوقت تطبيق لسياسة النظام الفاشي ضد شعب إرتريا فحرب العصابات سوف تشن ضد الإرتريين بكل تأكيد.
* التقرير يصف العرب بالمستعمرين ويطالب بتصفية نفوذهم في الحبشة كما يطالب بتكوين جبهة إفريقية سوداء متعصبة ضد العربي.
وفي المجال العملي حدث الآتي:
- بدأ النظام العسكري الحبشي يجرد العرب داخل إثيوبيا- خاصة أبناء اليمن- من إمكاناتهم التجارية، ويقدم هذه الإمكانات للأحباش المتعصبين الموالين له.
ومن المعروف أن العرب، خاصة أبناء اليمن يتمتعون بمكانة تجارية كبيرة- قديمة وحديثة- في السوق الإثيوبي.
- في مؤتمرات القمة الإفريقية يتخذ عسكر إثيوبيا مواقف معادية للقضايا العربية.
ولا نريد إعادة نشر التقرير مرة أخرى في هذه الصفحات، حيث إن نص التقرير في صفحات تالية من هذا العدد.
إنما التقرير يكشف:
* أن ظاهرة «البديل السيئ» للواقع السيئ لا تزال مطردة فقد كان الإمبراطور هيلاسلاسي ينزل بالمسلمين من الاضطهاد ما جعلهم أكثرية مظلومة تحكمها أقلية ظالمة.
فهل جاء بديل أفضل؟
لا.. فإن التغير في الوجوه «والمكياج»، أما حقيقة المواقف فهي: ظلم للمسلمين، وقهر لطموحاتهم في الدين والدنيا.
* وأن النفوذ الصهيوني قد استدار من جديد وركز على إفريقيا تركيزًا مزعجًا،
وقد تم ذلك، لأن العالم العربي- الإسلامي لا يملك استراتيجية عميقة واعية نشطة نحو أفريقيا، ولأنه مشغول بالحروب الأهلية بين المغرب والجزائر وبين تونس وليبيا، وبين الأخيرة ومصر، وبين العراق وسوريا ومشغول بحرب لبنان!
ولأن بعض العرب قد طرح شعارات الصلح مع العدو والاعتراف بوجوده والعيش معه بسلام.
وهذه الشعارات استغلتها الصهيونية، إذ طفقت تروجها في إفريقيا وتسأل الأفارقة في تهكم: لقد قطعتم علاقتكم معنا بسبب العرب وها هي «طلائع» عربية تقترب منا، مصالحةً وتعايشًا فلماذا تصرون أنتم على القطيعة، لماذا تكونون عربًا أكثر من العرب؟!
* إن الصراع على البحر سيزداد هولًا وحدًة واتساعًا في المستقبل فإثيوبيا تريد إرتريا- أساسًا- من أجل السواحل الإرترية الطويلة على البحر الأحمر.
والصهيونية تدعم الحبشة في هذا الاتجاه لأنها تريد بناء قواعد على الساحل الإرتري لحماية كيانها في فلسطين المحتلة.
ولتأمين تجارتها إلى أفريقيا، وأيضًا من أجل مخزون البترول الذي تدل الدراسات على وجوده في البحر الأحمر بكميات تجارية كبيرة.
إن الصهيونية تريد سرقة البحر الأحمر، أي تحويله إلى «بحيرة» صهيونية فهي الآن تحتل شريطًا منه، واتفاقية سيناء أمنت لها مضيق باب المندب إذ تنص الاتفاقية على الالتزام العربي بعدم فرض حصار بحري في باب المندب على «الكيان الصهيوني»! وإلى جانب هذين الموقعين تريد الساحل الإرتري.
* إن حركة التفاف معادية وواسعة النطاق تستهدف تطويق العروبة والإسلام في القارة السوداء.
- ها هو التقرير الإثيوبي بين أيديكم.
- وها هو كيسنجر يتجول في سبع دول إفريقية «لاحظوا: أنه بدأ جولته بعد انتهاء مؤتمر وزراء الخارجية العرب والأفارقة في دكار عاصمة السنغال».
يتجول لخدمة بني قومه اليهود، تمامًا كما خدمهم في الشرق الأوسط بعناية واهتمام.
- في مؤتمر مجلس الكنائس العالمي الذي عقد مؤخرًا في نيروبي عاصمة كينيا قرر المؤتمرون «تقليص» نفوذ العقائد المعادية، أي الإسلام، لأن الإسلام هو الدين الرئيسي في القارة الإفريقية.
بقي سؤال مهم وهو: كيف يجمع المجلس العسكري الإثيوبي عدة متناقضات.. فهو مع المخابرات الأمريكية والصهيونية العالمية، وهو في نفس الوقت مع الصين الشيوعية.. ثم مع كل ذلك ينتهج هذا النظام سياسة شيوعية ويتعصب للنصرانية؟
إن السياسة معقدة جدًا، وفهمها يتطلب إدراكًا لطبيعة العلاقات الداخلية في بلد ما، وكذلك لواقع الظروف الدولية.
إن المجلس العسكري الحاكم ليس على قلب رجل واحد.. إنه يضم بين أعضائه الشيوعي المتطرف، ورجل الكنيسة المتنكر في ثياب عسكرية.
هذه واحدة.
والثانية: أن كثيرًا من الذين يتظاهرون باليسارية، إذا ذهبت تبحث عن حقيقتهم وجدتهم كهانًا متعصبين، فجولاس نيريري- مثلًا- يرفع راية الثورية والاشتراكية ويلبس نفس زي ماوتسي تونج، ولكنه في حقيقته قسيس صليبي تدعمه الكنيسة دعمًا مطلقًا.
وفي هذا الجو التضليلي يمكن أن نفهم دعم النظام الحبشي للكنيسة الإثيوبية والاستعانة بها في إغراء واحتضان مجموعة كثيرة من أبناء إفريقيا يفدون إلى الحبشة كلاجئين.
إنه احتضان التذويب والتنصير، وإغراء الارتباط بالمؤسسة الكنسية العالمية.
والرابعة: أنه لا فرق بين المخابرات الأمريكية والصهيونية العالمية.
والخامسة: أن هناك تحالفًا أو تعاونًا أو تنسيقًا مرحليًا مصلحيًا بين أمريكا والصين الشيوعية.
تنسيق مرحلي ضد الاتحاد السوفيتي فلا عجب أن يتعاون ذو الميول الصينية داخل المجلس العسكري الإثيوبي مع الولايات المتحدة الأمريكية، فثمة اعتبار إقليمي قريب، ونظرة استراتيجية بعيدة.
الاعتبار الإقليمي هو: أن للصين ولأمريكا مصلحة مشتركة في ضرب النفوذ السوفيتي في الصومال.
أما النظرة الاستراتيجية فقد رأيناها في أنجولا حيث وقفت الصين مع أمريكا.. ضد روسيا.
ورأيناها في مسارعة الصين إلى تعزيز علاقتها مع مصر بمجرد أن ألغت الأخيرة اتفاقية الصداقة مع الاتحاد السوفيتي.
وبعد: فإننا ندعو كل من يهمه أمر الإسلام وأمن بلاده ومصلحة وطنه إلى قراءة هذا التقرير الخطير.
وندعو إلى دعم شعب إرتريا دعمًا يمكنه من تحرير أرضه وأخذ حقه والإبقاء على إرتريا جزءًا من الأمة العربية- الإسلامية.
وندعو إلى دعم شعب عفر وعيسى- الذي نص التقرير الإثيوبي على قهره واحتوائه- دعمًا يمكنه من مواجهة الترسانة الحبشية، والدعم الكنسي العالمي.
إن شعب عفر وعيسى شعب مقاتل مجاهد. ولا ينقصه سوى الإمدادات القوية والمستمرة.
«في مكان آخر من هذا العدد اقرأ نبذة عن كفاح شعب عفر وعيسى».
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل