العنوان إشراقة الثلاثاء مفاتيح تفتح قلوب الناس
الكاتب محمد إبراهيم نصر
تاريخ النشر الثلاثاء 30-أبريل-1974
مشاهدات 12
نشر في العدد 198
نشر في الصفحة 14
الثلاثاء 30-أبريل-1974
أخي صديق إشراقة الثلاثاء: سلام الله عليك، ورحمته تحفك، أدعو لك في بداية حديثي: أن يجملك الله بالعلم، وأن يزينك بالحكمة، ويمنحك الذوق وحسن التصرف، ويرشدك إلى النافع من أمرك، ويجعلك من الذين يألفون ويؤلفون.
• • •
تحدثت معك أيها الصديق عن «الإتيكيت» كما يسميه الغربيون، أو عن فن الذوق، والسلوك العام، كما نسميه فى لغتنا العربية وأقمت لك الدليل والبرهان على أن الذوق في المعاملة، وحسن التصرف في مواجهة الأمور، واللباقة والكياسة والظرف، كلها أمور دعاك إليها دينك القويم، وأرشدك إليها نبيك الكريم. ودعوتك في حديثي السابقين أن تبسط للناس وجهك، وأن تعاونهم في حل مشكلاتهم، وتغفر لهم زلاتهم، واليوم أدعوك إلى أمر آخر، يحقق لك السعادة في عملك، والرضا من رؤسائك والتقدير من أساتذتك، والعطف والحنان من أبويك، فليس أسعد في نظر الإنسان من أن يكون مقدمًا لدى هؤلاء، قريبًا من نفوسهم، يطمئنون إليه ويثقون فيه..
هل أدلك على أحد المفاتيح التي بها أبواب هؤلاء لتدخل إلى قلوبهم، لن أتحدث معك عن أداء الواجب، وإتقان العمل، والبعد عن الإهمال، فتلك أمور قد حددتها القوانين واللوائح، وسنّت لها عقوبات رادعة، وجوائز مشجعة.. و لكني أحدثك في أمور غير مكتوبة، واتجاهات غير مفروضة، لم يُشر إليها قانون من قوانين العمل: لأنها من قبيل الذوق العلم، والسلوك المهذب، يعرفها المرء بکیاسته، ويهتدي إليها بظرفه ولباقته، ويفضلها لأن فيها تقديرًا لنفسه، واحترامًا لغيره.
• • •
أريدك يا أخي -يا صديق إشراقة الثلاثاء- ألا ترفع صوتك فوق صوت من هو أكبر منك إذا تحدثت إليه، فليكن صوتك خفيضًا عن صوت أستاذك إذا ناقشته، وأقل درجة من صوت رئيسك إذا عرضت أمرًا عليه، لا ترفع صوتك عاليًا أمام والدك وليحمل صوتك في أوتاره المودة، وفي نغماته المحبة، وليكن مشيرًا إلى التقدير والتوقير فذلك أدعى أن يجعلك قريبًا إلى النفوس، محببًا إلى القلوب، جديرًا بأن تكون موضع الثقة، تسند إليك الأمور الهامة، وتؤثر بالخير عن غيرك.
ولعلك بهذا تكون قد عرفت لماذا ذم الله سبحانه وتعالى أصحاب الأصوات العالية المنكرة، وشبههم أقبح تشبيه فقال جل شأنه ﴿إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ (لقمان: 19). ولعلك عرفت لماذا خاطب المؤمنين داعيًا لهم أن يغضوا أصواتهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وألا يرفعوها في حضرته، استمع إلى هذا النداء العلوي الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (الحجرات: 2-3).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل