العنوان «شفيق» تونس.. فضائح بالجملة وتاريخ ملطخ بالعار
الكاتب عبد الباقي خليفة
تاريخ النشر السبت 05-يناير-2013
مشاهدات 11
نشر في العدد 2034
نشر في الصفحة 20
السبت 05-يناير-2013
فجرت حادثة رفض أهالي جزيرة جربة عقد اجتماع الحزب الباجي قايد السبسي، والذي يطلق عليه الكثيرون، «شفيق تونس» «نسبة لـ«أحمد شفيق» مصر»، فجرت فضيحة كبرى؛ تمثلت في سرقة أتباعه المحتويات أحد الفنادق؛ وهو فندق «بالاس»، كما عبثوا بمحتوياته وكسروا - وهم في حالة سكر - ما قيمته ٦ آلاف دينار «۳ آلاف يورو».
وقد تزامنت هذه الفضيحة مع فضائح أخرى لحزب صاحب أكبر مستودعات خمور في تونس «السبسي»، وهي شراء أحد المنشقين عن حزب «العريضة الشعبية»، والملتحقين بحزب السبسي مقهى بـ ٢٠٠ ألف دينار تونسي، وهو سائق سيارة أجرة لا حظ له من التعليم، وكان شبه معدم عندما التحق قدرًا بالعمل الحزبي، ومن ثم الدخول في المجلس التأسيسي، بينما اشترى القيادي في حزب السيسي المسمى «نداء تونس» قصرًا بمبلغ يزيد على 400 ألف دينار.
جربة معقل «اليوسفيين» الذين قتل وعذب آباؤهم وأجدادهم على يد «السبسي» عندما كان وزيرا للداخلية في عهد «بورقيبة»
خلت النزل في تونس من السياح وكان أضعف موسم سياحي عرفته تونس في عهد «السبسي».. في حين امتلأت الفنادق في موسم ٢٠١٢م!
قضية جربة
لقد اختار الباجي المكان الخطأ والتوقيت الخطأ، وكانت النتيجة فضيحة مدوية، إذ إن جربة معقل «اليوسفيين» الذين قتل وعذب آباؤهم وأجدادهم على يد السبسي، عندما كان وزيرا للداخلية في عهد مخلوع تونس الأول «الحبيب بورقيبة» «۱۹۰۳ - ۱۹۹۰م» والذي أسقطه المخلوع الثاني سنة ١٩٨٧م، ولذلك كان رفضهم لعقد الباجي اجتماع حزبه في جزيرتهم قاطعًا وشديدًا، حيث توافدوا بالآلاف وطردوه شر طردة، رغم حشد السبسي لعدد من عناصر الحماية المدربين، ونحو الفين من أتباعه جمعهم بشكل عبثي من الشوارع ومناهم بالإقامة في الفنادق، والتمتع بالملذات على حساب الحزب الممول من أباطرة المال في الغرب بينهم «ماردوخ»، و«برلسكوني».
ذهب السبسي إلى جربة متحديا للتحذيرات التي وصلته من مغبة المقامرة بمستقبله ومستقبل حزبه؛ لأن أهلها يرفضون قدومه، ويرفضون عقد اجتماع لحزبه على أرضهم، فهو صاحب إبداع «ضباط الظلام»؛ وهو شكل من أشكال التعذيب الذي عرفته السجون التونسية في الستينيات.
لقد استفاق الشعب التونسي على حقيقة حزب السيسي الساعي لإعادة إحياء حزب «التجمع» المنحل، والذي أسقطته الثورة، وألقت به في مزيلة التاريخ، وأكدت ذلك من خلال قانون العزل السياسي لرموز العهد البائد، الذين زينوا الدكتاتورية وحموها، ودافعوا عنها وشنعوا بخصومها، والآن يحاولون أن يتصدروا المشهد السياسي بعدما عبثوا به طويلًا - ولا يزالون - من خلال الثورة المضادة، ورصيدها في الإدارة وفي المؤسسات، حيث لم يتم تطهيرها منهم بشكل نهائي، ومازالوا يضعون العراقيل، ويجمعون صفوفهم تحت لافتات جديدة من بينها النقابات، فضلًا عن مواقعهم لا لعودة الدساترة والتجمعيين في الإدارات المختلفة بما في ذلك الخدمية كالتجهيز والماء والكهرباء وحتى الوزارات.
وكان الكثير من تعليقات المواطنين تصب في اتجاه تجريم حزب السبسي، فاعتبر البعض أن ما وقع في جربة على يد أتباع السبسي من سرقات شملت أجهزة التلفزيون والمناشف؛ يؤكد بأن أتباع السبسي من المتخلفين عقليًا وذهنيًا ومدنيًا وحضاريًا!
التاريخ القريب للسبسي
أحداث كثيرة شهدتها تونس إبان تولي الباجي قايد السيسي الحكم بعد الثورة بإيعاز من زعيم الثورة المضادة أو حكومة الظل «كمال اللطيف» «تحدثنا عنه بإيجاز في عدد سابق»، ومن ذلك موافقة حكومته على عرض شريط «بريسيبوليس» المسيء للذات الإلهية! لا سيما وأن خطورته تكمن في كونه شريطًا مخصصًا للأطفال، وقد نتج عن ذلك حالة من الغضب الشعبي كادت تزهق روح صاحب القناة التي بثته.
كما تم في عهده حالات من الفوضى والاقتتال في المتلوي «جنوب غربي تونس»، سقط خلالها ۲۰ قتيلًا ومئات الجرحى، وفي نفس الفترة التي لم تبلغ السنة تم قمع اعتصام القصبة الأول والثاني والثالث والذي كان يطالب بانتخاب مجلس تأسيسي، وحقق هدفه، وأسفر ذلك عن جرح العشرات من الشباب.
وبلغ عدد الذين هاجروا بطريقة غير شرعية في عهده نحو 5 آلاف شاب تونسي، غرق منهم ٥٥٠ فردًا، ولا يزال هناك ۲۲۰۰ مفقود، وعندما طالب أهاليهم بمعرفة مصيرهم رد عليهم السبسي: «هل تريدون أن
أليس «مايوو» وأنزل البحر أفتش لكم عنهم»! بينما سارعت الحكومة الشرعية الوحيدة في تاريخ تونس كله إلى اتخاذ جميع الإجراءات عندما تمت كارثة غرق مركب يحمل تونسيين كانوا في طريقهم لإيطاليا، وذلك على مستوى وزارة الخارجية، والملاحة البحرية، والجهات المختصة.
كما حدثت أيام السبسي، أحداث الروحية التي سقط فيها عشرات القتلى والجرحى، وأحداث رمضان بين سلفيين وأصحاب مطاعم، وعلى الصعيد الأمني أيضا تمت في عهد السبسي عملية اغتصاب شاب في مخفر شرطة؛ وهو «أسامة العاشوري»، ولم يفتح أي تحقيق في القضية، بينما تجري الحكومة الحالية تحقيقات في كل حادثة مهما كانت بسيطة وتحاسب المخلين بالقانون، ومن ذلك قتل 3 شبان أمام وزارة الداخلية من بينهم« محمد الحنشي» الذي لم يتجاوز سنه وقتذاك الثامنة عشرة، وقتل مواطن وهو في شرفة منزله في نهج مرسيليًا، وثالثة الأثافي قمع وضرب القضاة والمحامين في بداية شهر يوليو سنة ۲۰۱۱م، ولم تحرك حكومة السبسي ساكنًا.
وعلى المستوى الإعلامي، تم الهجوم على مقر جريدة «لابراس»، وشارك السبسي في الاعتداء على مذيعة وأسمعها كلاما فاحشا، وغيرها بعنوستها.
وفي مجال السياحة، كانت فترة السبسي قفارًا، فقد خلت «النزل» من السياح، وكان أضعف موسم سياحي عرفته تونس، في حين امتلأت الفنادق في موسم ۲۰۱۲م، وعادت الطاقة استيعابها، ونزل مستوى النمو إلى ٣ تحت الصفر، وارتفع حاليًا إلى ٥٪.
وفي عهد السبسي، فر المساجين ثانية من السجون، وطالت بذاءاته عناصر الأمن عندما وصفهم بأنهم «قرود»، وقد هاجمه عناصر الأمن مما اضطره للفرار من باب خلفي المقر الحكومة.
في عهد «السبسي» جرت عمليات اغتصاب الشباب في مخفر شرطة ولم يفتح أي تحقيق!
لكن ما هو أدهى وأمر؛ هو اعتقاله لمن كشفوا ملفات فساد مثل الضابط سمير الفرياني، ونفى وجود «القناصة إشاعة»، زد على ذلك حالة الشوارع والأحياء التي أصبحت مرمى للنفايات والزبالة بعد إلغاء شركات المناولة، وذلك لتمكين، الاتحاد العام التونسي للشغل، من تنفيذ أجندة الإرباك في عهد الشرعية التي انطلقت بعد الانتخابات، وتنفيذ إضراب البلديات.
وختم السبسي فترة حكمه التي لن تعود أبدا بتدنيس جامع «القصبة»، ومحاولة التنصل من جرائمه إبان حكم «بورقيبة» من خلال تمرير قانون إسقاط جرائم التعذيب بعد مرور ١٥ سنة على ارتكابها دون احتساب فترة المخلوع، وهي نفس الفترة التي تفصلنا عن فترة تولية حقيبة الداخلية في عهد «بورقيبة».
التستر على الفساد
وفي عهده كذلك تم الإفراج عن «سيدة العقربي» المتهمة بالفساد؛ ومن ثم تهريبها من مطار قرطاج الدولي، بشكل رسمي في تحد للثورة، علاوة على أحداث العنف في الملاعب وفي بعض المدن والتي كان للثورة المضادة دور فيها بل المحرض لها.
إلى جانب ما سلف، فإن من أكبر جرائم السبسي، هو إخفاؤه وحرقه الملفات ووثائق مهمة تدين الكثيرين، وهي إلى جانب تنكيله باليوسفيين كافية لإبعاده عن الساحة السياسية وإلى الأبد، فالجرائم ليست بالاقتراف فحسب بل بالسكوت أيضًا.
وإذا تباكى السبسي على ما وقع في جربة، فإن هناك من يذكره بالاعتداء على اجتماع حركة النهضة في المنستير في 1 مايو ٢٠١١م، وعلى حزب «العمال» في حي التضامن يوم 5 يوليو، واعتداء على مقر «النهضة» في ۲۰ أكتوبر ۲۰۱۱م في سيدي بوزيد، وفي ۲۲ نوفمبر على ممثلة للنهضة في المجلس التأسيسي سعاد عبد الرحيم، ويوم 6 ديسمبر ٢٠١١م اعتدي على مقر حزب المؤتمر.
واليوم يلجأ الباجي، إلى فرنسا، وإلى الخارج، لاستباق قرار عزله سياسيًا ومحاكمته، متناسيًا أن الجرائم لا تسقط بالتقادم، أو التآمر لإعادة المنظومة السابقة؛ ﴿فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ (17)﴾ (الرعد).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلفي الذكرى السابعة لـ»الياسمين».. سياسيون بندوة النهضة: الثورة التونسية كانت نقلة إستراتيجية من نظام العصابة إلى حكم الشعب
نشر في العدد 2116
55
الخميس 01-فبراير-2018