; “كورونا” في ماليزيا.. هل جنى مؤتمر جماعة التبليغ على الدولة؟ | مجلة المجتمع

العنوان “كورونا” في ماليزيا.. هل جنى مؤتمر جماعة التبليغ على الدولة؟

الكاتب أحمد سليمان

تاريخ النشر الأربعاء 01-أبريل-2020

مشاهدات 12

نشر في العدد 2142

نشر في الصفحة 38

الأربعاء 01-أبريل-2020

حالة العالم الإسلامي

  • اجتماع حاشد لـ»التبليغ والدعوة» أول مارس أدى إلى تفجر الأوضاع بالبلاد فأصيب بالفيروس فيه 570 شخصاً.
  • وتيرة القرارات الحكومية تتسارع نحو التشديد كلما أظهرت الإحصائيات تزايد أعداد المصابين.
  • هناك نقص في المطهرات الطبية والكمامات لاستهلاكها للحماية من فيروس الأنفلونزا الموسمية (A) بدايات عام 2020م.
  • الأسعار لم ترتفع استغلالاً للظرف الطارئ بل انخفض بعضها وظهرت العروض الترويجية وانخفضت أسعار الوقود.

حتى نهايات يناير الماضي، كان كل شيء على ما يرام، الأخبار تتطاير عبر الأثير من الشرق والغرب عن "كورونا" وباء 2020م، والماليزيون حكومة وشعباً في حذر وترقب، مع هدوء نسبي نظراً لعدم اكتشاف أي حالة مؤكدة الإصابة، كانت الحكومة تسعى لإيجاد خطط بديلة للتأثيرات الاقتصادية لفيروس "كورونا" على الموسم السياحي، وتعزيز الإجراءات الحدودية عبر استخدام الماسح الحراري لمنع وصول الفيروس إلى أراضيها، حتى أعلنت وزارة الصحة، في 25 يناير، عن أول 4 حالات إصابة بالفيروس، 3 منهم كانوا على صلة بسائح يبلغ من العمر 66 عاماً، أكدت سلطات بلاده في سنغافورة إصابته بالعدوى.

تأهبت الحكومة الماليزية وأعلنت حالة الطوارئ الصحية، لكن التزايد المحدود لحالات العدوى لم يكن يستدعي إجراءات التقييد العنيف التي تشمل كافة أراضيها وحدودها البرية والبحرية والجوية، فمنذ اكتشاف أول حالة وحتى نهاية فبراير الماضي لم تزد الحالات المؤكدة على 25 حالة، في حين لم تسجل أي وفيات حتى تاريخ 17 مارس.

ثم جاء اجتماع جماعة التبليغ والدعوة، في الفترة من 27 فبراير إلى 1 مارس، في مسجد «سيري بيتالينغ» بالعاصمة الماليزية كوالالمبور؛ ليفجر الأوضاع دفعة واحدة، حيث حضره حسب الإحصاء الرسمي للحكومة الماليزية أكثر من 16 ألف شخص، منهم أكثر من 14 ألف ماليزي من جميع الولايات الماليزية؛ مما سمح للفيروس بالانتشار عبر طول البلاد وعرضها، وقد كشفت الفحوصات مؤخراً عن إصابة أكثر من 570 شخصاً في هذا الاجتماع، فضلاً عمن خالطوا المصابين قبل خضوعهم للحجر الصحي، وما زالت الحكومة في مهمة شبه مستحيلة لتتبع الحاضرين ومخالطيهم داخل ماليزيا وخارجها إلى اليوم.

كانت ماليزيا في هذه الأثناء لم تتعافَ بعد من أزمة سياسية أحدثتها استقالة د. مهاتير محمد، وتفكُك تحالف الأمل الذي قاده إلى سدة الرئاسة في انتخابات عام 2018م، والساحة السياسية ملأى بالتراشقات والتجاذبات، بين تحالف منقضٍ وآخر في طور التكوين، وما زال داتو(1) محيي الدين ياسين يخطو خطواته الأولى لحصد ثقة الشعب ومجلس النواب، بعد تكليف ملكي بتعيينه رئيساً للوزراء خلفاً للدكتور مهاتير المستقيل، لكن في 17 مارس، وحين تخطت الإصابات حاجز الـ500 إصابة، وأعلنت وزارة الصحة الماليزية عن أول حالتي وفاة؛ إحداهما لقس ستيني، والأخرى لشاب (34 عاماً) كان ضمن الحضور في اجتماع جماعة التبليغ؛ دق وبقوة ناقوس الخطر عند كافة المؤسسات، وشعر الجميع بالخطر، وأصبح للجميع غاية واحدة وهي «إنقاذ البلاد»، ثم أعلن رئيس الوزراء خطة البلاد للتصدي للفيروس، وأصدرت الحكومة قرار الإغلاق، من 18 - 31 مارس (تم تمديده لاحقاً إلى 14 أبريل)، في 6 إجراءات صارمة:

1- منع كافة الاجتماعات والتحركات الجماعية من أي نوع.

2- خضوع كافة المواطنين العائدين إلى ماليزيا للحجر الصحي 14 يوماً مع تحليل للفيروس.

3- منع الأجانب من دخول البلاد بكافة المعابر، مع تقييد حركة المغادرة.

4- إغلاق مؤسسات التعليم والتدريب المهني بكافة أنواعها.

5- إغلاق كافة شركات القطاع العام والخاص، مع استثناء العاملين في الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والجيش والشرطة، وخدمات الطوارئ.

6- منع كافة المحال والمطاعم من التعامل مع الجمهور، مع السماح بخدمات التوصيل للمنازل فقط عدا محلات البقالة والصيدليات.

إلا أن الجمهور لم يتعاطَ مع قرار الإغلاق بالجدية الكافية، فقد عاد كثير من الماليزيين -كما هي عادتهم في العطلات- من المدن وعواصم الولايات إلى القرى! وهو ما عرض هذه القرى لخطر كبير، خاصة أن معظم سكانها من المتقاعدين وكبار السن؛ مما دفع رئيس الوزراء إلى الخروج من جديد والتحذير من عواقب التهاون، وأن قرار الإغلاق ربما يمتد لشهرين، ولاحقاً أُعلِن عن قرار تقييد الحركة، أو ما يعرف اختصاراً بـ «MCO»، بحزمة إجراءات متشددة كمنع الانتقال بين الولايات، وإغلاق الطرق السريعة، ومنع التسوق إلا لفرد واحد من كل عائلة، وانتشار كثيف لقوات الجيش والشرطة، مع غرامات تصل إلى الحبس لفرض هذه القرارات.

ثم أعلنت الحكومة عن دعم إضافي لوزارة الصحة قيمته 500 مليون رينجيت (الدولار = 4.2 رينجيت)، وعن تسهيلات مالية عبر شبكة البنوك الوطنية للمتضررين جراء قرارات الإغلاق والتقييد.

التاريخ

الحالات المؤكدة

الحالات الجديدة

حالات الشفاء

الوفيات

25 يناير

4

4

0

0

5 فبراير

12

8

1

0

15 فبراير

21

9

7

0

25 فبراير

22

1

20

0

5 مارس

55

28

22

0

17 مارس

673

618

42

2

20 مارس

1030

357

87

3

21 مارس

1183

153

114

8

22 مارس

1306

123

139

10

23 مارس

1518

212

159

14

24 مارس

1624

106

183

15

25 مارس

1796

172

183

17

جدول يعطي صورة واضحة لتطور الأوضاع حتى يوم 25 مارس

ويظهر بوضوح -من الإحصاء في الجدول المرفق- التأثير الكبير لاجتماع مسجد «سيري بيتالينغ» على انتشار العدوى، وتدهور الوضع وبدء تزايد حالات الوفاة، وعلى الرغم من التأخر النسبي في بدء إجراءات قيد الحركة، خاصة أن الأزمة قد بدت ملامحها تتضح في بلدان عديدة قبل وصول المرض إلى ماليزيا، فإن وتيرة القرارات الحكومية تتسارع نحو التشديد كلما أظهرت الإحصائيات تزايد أعداد المصابين.

في 21 مارس، وصلت إلى كافة الهواتف المحمولة رسالة من اللجنة الوزارية لإدارة الأزمة، تعلن عن منع التجول، وتسمح فقط لرب العائلة بالتحرك لطلب المساعدة الطبية، أو لشراء المتطلبات الضرورية، مع ضرورة الالتزام بارتداء الكمامات الواقية، وفرض إجراءات المسح الحراري في كافة أماكن التجمع.

معاناة الطواقم الطبية:

في زيارة للطبيب المخضرم د. صبري، صاحب عيادة طبية خاصة، اشتكى من نقص أدوات التطهير الطبية، واختفاء الكمامات، وسائر الأدوات اللازمة لحماية الطواقم الطبية من التعرض للعدوى، وأعلنت وزارة الصحة عن حالة وفاة واحدة بين طواقمها الطبية جراء الفيروس.

لسوء حظ المجتمع الماليزي كانت هذه الأدوات تعاني نقصاً قبل ظهور «كورونا» نظراً لاستهلاكها في الحماية من فيروس الأنفلونزا الموسمية (A)، الذي عانت منه البلاد في بدايات عام 2020م، وأيضاً من الدخان الكثيف الذي تعرضت له البلاد نهاية عام 2019م بفعل حرائق الغابات في ماليزيا وإندونيسيا، ثم جاءت مشكلة "كورونا" والمخزون يعاني نقصاً لم يُعوَّض بعد، وقد تداركت الحكومة فمنعت التصدير، في 20 مارس، وفتحت باب الاستيراد بشروط مخففة، وفرضت أسعاراً ثابتة منعاً لتلاعب التجار واستغلالهم حاجة المواطنين.

في 22 مارس، بدأت المحلات التجارية الكبرى في فحص جميع الزوار بكاشف حرارة الجسم عن بُعد، ولا يسمح لمن زادت درجة حرارتهم عن 38 درجة بالمرور، وقد أسفرت درجة الالتزام الكبيرة التي أبداها الشعب الماليزي مؤخراً عن بدء ظهور مبشرات الانحسار، إلا أن الخروج الاضطراري لطلب المساعدة الطبية، أو لشراء المستلزمات الضرورية يعرض بعض الأصحاء لالتقاط العدوى، ويحول دون كسر سلسلة انتشار المرض.

على الرغم من زيادة الطلب على المنتجات الغذائية ومواد النظافة والتعقيم، فإنه على الأقل في الأسواق التجارية الكبرى لم تتغير الأسعار، ولم تتحرك نحو الزيادة استغلالاً للظرف الطارئ، بل انخفضت بعض الأسعار، وظهرت العروض الترويجية كالمعتاد، كما أن أسعار الوقود قد انخفضت بنسبة تقارب 35% متأثرة بحالة الإغلاق وأيضاً انخفاض أسعار البترول عالمياً.

الهامش:

(1) لقب ورتبة تشريفية ينالها كبار رجال الدولة، وأعضاء المجالس النيابية، وكبار أساتذة الجامعات، وكبار المحامين والقضاة.

الرابط المختصر :