; مداد القلم.. «وردة.. والإرهابيين» | مجلة المجتمع

العنوان مداد القلم.. «وردة.. والإرهابيين»

الكاتب د.عبدالحميد البلالي

تاريخ النشر الثلاثاء 03-أغسطس-1993

مشاهدات 18

نشر في العدد 1060

نشر في الصفحة 66

الثلاثاء 03-أغسطس-1993

في عددها الصادر في 26/7/93 ذكرت مجلة روز اليوسف خبرًا مفاده «أن المطربة وردة الجزائرية تلقت تهديدات بضرورة ارتداء الحجاب وإلا سيتم إلقاء مادة حمضية كاوية على وجهها ووجه ابنتها، ونقلت الصحيفة عن وداد فكري ابنة المطربة وردة بأن «الشخص نفسه لا يزال يتحدث هاتفيًا على مدى أسبوع ويعرض الدفع بسخاء لكافة النفقات والتكاليف إذا ثابت والدتي وألغت كل تعاقداتها»، وقالت إنها عندما أبلغت الشرطة بالأمر أبلغها المتحدث هاتفيًا أنه علم ما فعلته، وأنه وإخوانه مضطرون الآن لإلقاء المادة الحمضية على وجهها.

وأضافت أن المتحدث حاول أولًا أن يستخدم الإقناع وعرض أن يرسل شرائط توعية دينية كبداية. وقالت إنه أبلغها أنه طالما أخفق الأمر بالمعروف فإن النهي عن المنكر يجب أن يتبعه، انتهى.

ومن الواضح جدًا الإيحاء الذي يريد إيصاله صانع الخبر، وهو التدليل على الآتي:

1 - أن موجة الحجاب بين الفنانات مردها للتهديد أو الترغيب.

2 - أن هناك دولًا خارجية تدفع بسخاء لدعم هذا الاتجاه.

3 - تأكيد جهل وقساوة الإسلاميين في دعوة الآخرين.

وهي نفس الشبهات التي صاحبت ارتداء الحجاب منذ أول حالة حجاب للسيدة الفاضلة شمس البارودي وحتى آخر حالة وهي للسيدة سهير البابلي، والتي كان يرددها على الدوام رموز اليسار والعلمانيين في مصر الحبيبة. إذن ليس في الموضوع غرابة، ولا جديد، ولكن الأمرالذي يستدعي الالتفات والتوقف هو ظاهرة «القابلية للتصديق» عند الكثير من الناس، وحتى في أوساط المتدينين، دون الأخذ بالكثير من الضوابط التي تحكم على صحة الخبر أو كذبه والتي من أهمها:

1 - التأكد من نزاهة المصدر.

2 - معرفة صلة المصدر بالمتهم، فيما إذا كان محايدًا أم خصمًا.

3 - سماع الطرفين.

4 - ترابط الخبر وعدم وجود متناقضات فيه.

وغيرها من الضوابط، ولكن الحاصل أن غالب الناس يتلقون مثل هذه الأخبار دون أي تمحيص، ثم تتخذ المواقف طبقاً لهذه الأخبار غير الموثقة أو المؤكدة.

والأمثلة على تلك الأخبار أكثر من أن تحصى، فلقد صدق الكثيرون نبأ إسلام المغني الأمريكي مايكل جاكسون، بل إن أحد الخطباء المشهورين خطب خطبة في هذا الأمر.

وصدق الكثيرون النبأ المنسوب لآرم سترونج أول رجل نزل على القمر، بشأن ما سمع بأسماء من القرآن.

ويصدق الكثير كل يوم أنباء القبض على بعض الإسلاميين بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.

ويتبين بعد ذلك أن هذه الأخبار كلها عارية عن الصحة، ومع ذلك تستمر هذه الظاهرة بالانتشار دون أن يعتبر معتبر.

قابلت أحد الإخوة الفلسطينيين بعد أن دحر الله جيش البغي عن الكويت فقال لي: أسمعت عن مذبحة الفلسطينيين في منطقة حولي؟؟

قلت له: لم أسمع بها.. ومن أخبرك بذلك؟ قال لي: المجلة الفلانية - مجلة طلابية عربية تصدر في الولايات المتحدة - قلت له: وما مصدر الخبر؟

قال لي: C.N.N وB.B.C

قلت له: سبحان الله ألا تؤمن معي أن هاتين المحطتين تدار بالعقول والأموال الصهيونية.

فرد علي: نعم بالتأكيد.

فقلت: إذن كيف تصدق الصهاينة بما يقولون؟! أما أخبرنا الله في كتابه الكريم ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ (سورة الكهف: 28).

أخي العزيز أسكن مقابل حولي، وكل يوم أمر عليها أكثر من ست مرات ولم أر ذلك، وأنت تسكن هناك ولم تر ذلك، وحتى لم تسمع به من أحد يسكن هناك، ثم تصدق أخبارًا من خارج المكان الذي تسكن فيه.

استغفر صاحبي، وأحس بخطورة تصديق هذه المحطات وسلم معي على ضرورة التأكد من مصادر الأخبار، وطلب مني السماح. 

إن أعداءنا عندما يرون فينا هذه القابلية، يزداد مكرهم بتفريق الصف، ونشر الفتنة والتشكيك والتثبيط، فهل نعي هذا الأمر ونحبط مخطط الأعداء؟

الرابط المختصر :