الأصول المقدسة للإرهاب اليهودي

كثيرون هم الذي يذهلهم آلة البطش الصهيونية، وحالة الإيغال في استباحة
الدماء، كأن قطعانا من الذئاب الجائعة قررت أن تأكل، ثم تقتل ما تبقى بعد الشبع!
حالة الاستباحة للدماء وتخريب العامر من البنيان، يعود بالمتابع لأفعال
التتر، يقول ابن الأثير عنها: لقد بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة
استعظاما لها، كارها لذكرها، فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت
نسياً منسياً.. ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم، وتفنى
الدنيا، إلا يأجوج ومأجوج(1).
لكن ماذا عساه يكتب ابن الأثير عن غزة المستباحة وهي تتحول إلى قفار بإرهاب
صهيوني لا يوصف، على يد أسوأ نموذج بشري يعيش بين الناس.
ليس العجب من التتر، فهم أمة بلا شريعة؛ لكن العجب من أمة تدعي محبة الله،
وأنها خاصته من خلقه، ثم تبلغ هذا المبلغ في سفك الدماء وتخريب العمران، حيث
تتساوى عندها النفوس بالحجارة، ولا فرق بين مشفى ومسجد وثكنة عسكرية، كل مظاهر
الحياة وكل الناس؛ الرجال والنساء مستباحون!
كيف نبع كل هذا الإرهاب في العقلية الجمعية اليهودية؛ للقادة والشعب على
السواء؟
القرآن يتحدث عن مخازيهم
كشف القرآن عن تفاصيل شتى في أخلاق اليهود، فإنهم استباحوا أموال الناس،
وادعوا أنهم أغنياء والربُّ فقير، وتحايلوا على أحكام الله، وتسلطوا على الأنبياء
صفوة الخلق فقتلوهم، وأظهروا عداوة الملائكة، ونبذوا الكتاب واتبعوا السحر.
ثم كان كتابهم المقدس مشحوناً بالمخازي التي منها أن صراعاً نشب بين يعقوب
عليه السلام والرب، صرع فيه يعقوب الرب واشترط مباركته له حتى يتركه ويحله من
الصرع(2)!
وفي التلمود عندهم: «إن تعاليم الحاخامات لا يمكن نقضها، ولا تغييرها، ولو
بأمر الله، وقد وقع يوما الاختلاف بين الباري وبين علماء اليهود في مسألة، فبعد أن
طال الجدال، تقرر إحالة فصل الخلاف إلى أحد الحاخامات! واضطر الله أن يعترف بغلطه!
بعد حكم الحاخام المذكور(3).
آثار النشأة الأولى
تعد الغراس التي يتلقاها الإنسان في طفولته العناصر المؤثرة في تصرفاته،
فإذا غرست التعاليم المقدسة العنف وسفك الدماء، وكرَّست ذلك بالمثل العليا، وجعلته
مما يؤجر عليه فاعله، فإن النفوس إذ تتربى كذلك تنشأ هادفة لسفك الدماء، واستباحة
الأغيار من الخلق.
تتجلى آثار تلك النشأة في قول الحاخام مانيس فريدمان: إن الطريقة الوحيدة
لخوض حرب أخلاقية هي الطريقة اليهودية: دمِّر أماكنهم المقدسة، واقتل رجالهم
ونساءهم وأطفالهم ومواشيهم.
وعلَّل ذلك بقوله: إنه الرادع الوحيد والحقيقي للتخلُّص من ثبات
الفلسطينيين ومقاومتهم المستمرة(4).
مصادر البلاء في الخلفية اليهودية
تتوزع الكتب المقدسة لدى اليهود التي بموجبها يمارسون طقوسهم على: العهد
القديم، والتلمود، وبروتكولات حكماء صهيون، واليهود يعتبرون التلمود بقسميه
(المشنا، والجمارا) أعظم الكتب، ومن درس التوراة فعل فضيلة لا يستحق المكافأة
عليها، ومن درس المشنا فعل فضيلة استحق أن يكافأ عليها، ومن درس الغماراة فعل أعظم
فضيلة(5).
من هنا كانت تعاليم التلمود الأساس للذهنية اليهودية تجاه الخلق، يصور لهم
الناس على أنهم: «خلقهم الله لخدمة اليهود، وصبغهم الله بالصبغة البشرية ليسهل
لليهود التعامل معهم، وأنه لا قيمة لأرواح غير اليهود أو أعراضهم أو ممتلكاتهم ولا
حرمة لها»(6).
يقرر التلمود الأهداف التي يجب السعي إليها: «يجب على كل يهودي أن يسعى لأن
تظل السلطة على الأرض لليهود دون سواهم، وقبل أن يحكم اليهود نهائيًا باقي الأمم
يجب أن تقوم الحرب على قدم وساق، ويهلك ثلثا العالم، وسيأتي المسيح الحقيقي ويحقق
النصر المرتقب، وحينئذ تصبح الأمة اليهودية غاية في الثراء، لأنها تكون قد ملكت
أموال العالم جميعاً، ويتحقق أمل الأمة اليهودية بمجيء إسرائيل، وتكون هي الأمة
المتسلطة على باقي الأمم عند مجيء المسيح»(7).
وفي سبيل ذلك، جاءت وصاياهم: اهدم كل شيء قائم، لوّث كل طاهر، احرق كل أخضر
كي تنفع يهودياً بفلس، اقتلوا جميع من في المدن من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر
والغنم بحد السيف، العن رؤساء الأديان غير اليهود ثلاث مرات في اليوم!
ولم يقف التلمود عند ذلك الحد، بل فيه: اقتل الصالح من غير «الإسرائيليين»،
ومحرم على اليهودي أن ينجي أحداً من باقي الأمم من هلاكه أو يخرجه من حفرة يقع
فيها؛ لأنه بذلك يكون حفظ حياة أحد الوثنيين، وإذا وقع أحد الوثنيين في حفرة يلزمك
أن تسدها بحجر! بل زاد بعض الحاخامات: إنه يلزم عمل الطرق اللازمة لعدم خلاص
الوثني منها(8).
أما أخلاق الحرب فيقول التلمود: عندما تلتقي قواتنا بمدنيين في أثناء الحرب
أو في مطاردة أو حملة عسكرية، وما دامت غير متأكدة من أن هؤلاء المدنيين غير
قادرين على إلحاق الضرر بقواتنا، فإنه وفقًا للشريعة، يمكن؛ بل يجب أن يقتلوا،
ينبغي تحت أي ظرف ألا نثق بالعربي، حتى وإن أعطى الانطباع بأنه مهذب، ففي الحرب
عندما تقوم قواتنا بالانقضاض على العدو، فإنه من المباح لها، بل تأمرها الشريعة
بأن تقتل حتى المدنيين الطيبين(9).
الأسفار على ذات السبيل
لم تسلم الأسفار المقدسة عندهم من الدعوة لسفك الدماء، ففيها: «تأكلون ثروة
الأمم، وعلى مجدهم تتأمرون»(10).
إن هناك من المؤمنين بالعهد القديم من يقدم تأويلات أو تفسيرات متعسفة
لقضية سفك الدماء الذي تأمر به الأسفار المقدسة، ليتم لهم نفي التهمة عنها بجعل
سفك الدماء شريعة وعبادة، لكن ماذا عساهم يقولون في نص كتابهم: «حين تقترب من
مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب
الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك، وإن لم تسالمك، بل عملت معك حرباً،
فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء
والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغتنمها لنفسك.. هكذا تفعل
بجميع المدن البعيدة منك جداً التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا، وأما مدن هؤلاء
الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيباً فلا تستبق منها نسمة ما(11).
هكذا تظهر النصوص المقدسة لدى الصهاينة لتجعل من سفك الدماء عبادة، ومن
تخريب العامر فعلاً مقدساً، ولا يمكن قراءة اليهود إلا من خلال نصوصهم التي يؤمنون
بها، ويعلمون عليها الناشئة، وبعضها أخفوه أو طمسوا مكانه(12) لما لم
يجدوا له تأويلًا، واحتفظوا به لخاصتهم دون الخلق، فلا يطلع عليه غيرهم.
___________________
(1) الكامل في التاريخ (10/ 333).
(2) سفر التكوين 32: 24 – 29، وتأويلات شراح الكتاب المقدس منهم ومن
النصارى لا يقبلها عقل.
(3) التلمود، ص74، نقلاً عن الكنز المرصود، ليوسف نصر الله، ص 34.
(4) 1- Manis Friedman, “How Should Jews Treat their Arab Neighbors?” Moment
(May-June) 2009.
(5) الكنز المرصود، ص31.
(6) المرجع السابق، ص66.
(7) أساليب الغزو الفكري، ص158.
(8) الكنز المرصود، ص66.
(9) الجريمة المقدسة، ص 66 نقلاً عن:
Israel Shahak, Jewish History, Jewish Religion: The Weight of Three
Thousand Years (Electronic
Copy), chap. 5, on the Web: www.judaism.me/5.php.
(10) سفر أشعياء، 61: 6.
(11) سفر التثنية 20: 10-17.
(12) همجية التعاليم الصهيونية، بولس حنا، ص12.