بعد اختطافها من قِبَل الاحتلال.. ماذا قدمت «مادلين» لكسر الحصار عن غزة؟

سيف باكير

10 يونيو 2025

267

في ظل الحصار القاسي والمستمر الذي يفرضه الاحتلال «الإسرائيلي» على قطاع غزة، تستمر المبادرات الدولية في تحدي هذا الواقع، حاملة راية الإنسانية والحرية، وتأتي سفينة «مادلين» كجزء من هذه الجهود النبيلة، محملة برسالة تضامن ودعم إنساني للفلسطينيين في وجه المعاناة.

إلا أن قوات الاحتلال شنت عليها هجومًا في المياه الدولية؛ ما أدى إلى اعتقال عدد من الناشطين العرب والأجانب على متنها ومصادرة المساعدات الحيوية التي كانت تحملها.

«مادلين» سفينة إغاثة ثانية من إيطاليا.. هل تنجح في كسر حصار غزة؟ |  Mugtama
«مادلين» سفينة إغاثة ثانية من إيطاليا.. هل تنجح في كسر حصار غزة؟ | Mugtama
في مشهد إنساني مؤثر يُجسّد ضمير الشعوب الحية، أبحر...
mugtama.com
×

انتهاكات مستمرة وتجاهل دولي

وأكد «ائتلاف أسطول الحرية»، في بيان رسمي، أن سفينة «مادلين» تعرضت لهجوم قسري من قبل الجيش «الإسرائيلي»، في 9 يونيو الجاري، في الساعة 3:02 صباحًا بتوقيت وسط أوروبا، وذلك في المياه الدولية.

وأوضح البيان أن قوات الاحتلال صعدت إلى السفينة بشكل غير قانوني، واعتقلت طاقمها المدني غير المسلح، وصادرت حمولتها التي تضم مواد غذائية وأدوية وإمدادات طبية، بينها حليب للأطفال.

من جانبها، أكدت المحامية وناشطة حقوق الإنسان هويدا عراف، عضو منظمة أسطول الحرية، أن «إسرائيل» لا تملك أي سلطة قانونية لاحتجاز المتطوعين الدوليين على متن السفينة، معتبرة أن هذا الاستيلاء يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ويتعارض مع قرارات محكمة العدل الدولية التي تلزم بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق.

وأضاف البيان: «إسرائيل» تتصرف بحصانة تامة، متجاهلة أوامر محكمة العدل الدولية والقوانين الدولية التي تحمي الملاحة المدنية، ومتجاهلة مطالب الملايين حول العالم بإنهاء الحصار والإبادة الجماعية في غزة.

وأشار البيان إلى أن هذا الهجوم يأتي بعد اعتداء سابق بطائرات مسيرة على سفينة «الضمير» التابعة للأسطول نفسه، الذي أدى إلى إصابة 4 متطوعين وتعطيل السفينة دون محاسبة الاحتلال «الإسرائيلي».

من جهته، قال تان صافي، أحد منظمي «أسطول الحرية»: التزمت الحكومات العالمية الصمت عندما تعرضت سفينة «الضمير» للهجوم، والآن تختبر «إسرائيل» هذا الصمت مجددًا، كل ساعة تمر دون عقاب تشجع «إسرائيل» على تصعيد هجماتها على المدنيين وعمال الإغاثة وقواعد القانون الدولي.

وطالب البيان بإنهاء الحصار غير القانوني والقاتل على غزة، والإفراج الفوري عن جميع المتطوعين المعتقلين، وإيصال المساعدات الإنسانية فورًا وبشكل مباشر إلى الفلسطينيين دون وسيط الاحتلال.

كما دعا البيان إلى محاسبة الاحتلال على الاعتداءات العسكرية ضد سفينتي «مادلين» و«الضمير»، مؤكداً مسؤولية الحكومات العالمية في الوفاء بتعهداتها القانونية ووقف تمكين «إسرائيل» من ارتكاب هذه الجرائم.

وشدد على أن أساطيل الحرية لن تتوقف حتى يُرفع الحصار ويتحرر الشعب الفلسطيني.

ترحيل الناشطة تونبرغ

في تطور جديد، أعلن الاحتلال «الإسرائيلي» ترحيل الناشطة السويدية غريتا تونبرغ إلى فرنسا، بعد احتجازها مع ناشطين آخرين على متن سفينة «مادلين» أثناء محاولتها الوصول إلى غزة.

ونقلت تونبرغ إلى مطار تل أبيب لترحيلها على متن رحلة جوية، فيما أكد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو وجود 6 ناشطين فرنسيين على متن السفينة، بينهم من رفض التوقيع على أوراق الترحيل وسيتم ترحيلهم بعد قرار قضائي.

تضم قائمة الناشطين شخصيات بارزة مثل النائبة الأوروبية الفرنسية الفلسطينية ريما حسن، المنتمية لتيار اليسار.

ردود الفعل والتضامن

على مواقع التواصل، عبّر العديد من الناشطين والكتَّاب عن غضبهم واستنكارهم، معتبرين ما جرى مع سفينة «مادلين» دليلاً على خذلان الأمة وتواطؤ المجتمع الدولي وغطرسة الاحتلال.

وأكد الكاتب والمحلل السياسي الكويتي وليد الأحمد أن اختطاف قوات الاحتلال لسفينة «مادلين» المتجهة إلى غزة في محاولة لكسر الحصار ووقف ما وصفه بـ«حرب الإبادة» لن يثني أساطيل الحرية القادمة، التي تهدف إلى إيقاظ الضمائر الدولية وتحريك الشارع النائم.

وفي السياق ذاته، أكد المحلل ياسر الزعاترة أن سفينة «مادلين» نجحت في إيصال رسالتها إلى العالم، وكتب في تغريدة عبر منصة «إكس»: ما جرى للسفينة ليس جديدًا، فهو ما حدث في محاولات سابقة من سيطرة واعتقال وترحيل، لكن الهدف تحقق بوصول رسالة أحرارها للعالم أجمع.

وأضاف: الفرق هذه المرة أن دماء جحافل الأطفال وصيحات جوعهم كانت حاضرة بقوة؛ ما كشف عن بشاعة الغزاة بصورة لم تكن مكشوفة كما هي اليوم.

بدوره، رأى الباحث الفلسطيني علي أبو رزق أن القيمة الحقيقية لسفينة «مادلين» ليست في الوصول الفعلي إلى غزة، بل في كونها بارقة أمل لكسر حالة الجمود التضامني والتطبيع النفسي والعقلي مع مشاهد الموت الرخيص في القطاع.

وأوضح أن السفينة وقافلة الأحرار التي انطلقت مؤخراً برًا من بلاد المغرب العربي تعبر عن انتقال نوعي من التضامن العاطفي إلى حراك سياسي وشعبي ضاغط، وهو ما يحتاجه أهل غزة بعيدًا عن حالة الشجب والبكائيات على منصات التواصل الاجتماعي.

وانطلقت سفينة «مادلين» في الأول من يونيو من إيطاليا، حاملة 12 ناشطًا من جنسيات متعددة، بينهم فرنسيون وألمان وبرازيليون وأتراك وسويديون وإسبان وهولنديون، في محاولة لكسر الحصار «الإسرائيلي» المفروض على قطاع غزة الذي يعاني أزمة إنسانية حادة بعد سنوات من الحصار والحروب.

وتوقفت السفينة لفترة في مصر، ثم اقتربت من غزة رغم التحذيرات والتهديدات «الإسرائيلية» التي منعت وصولها بالقوة.

وأدت عملية اعتراض السفينة واعتقال النشطاء إلى موجة احتجاجات ومظاهرات تضامنية في باريس ومدن أخرى مثل كندا وألمانيا، مطالبة بالإفراج عن المعتقلين ورفع الحصار عن غزة.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة