حملة «صوت المسلمين» تحقق اختراقاً كبيراً في انتخابات ‏بريطانيا وتصعد بـ7 نواب للبرلمان

محمد جمال عرفة

07 يوليو 2024

2660

ماذا تعرف عن حملة «صوت المسلمين» في انتخابات بريطانيا، التي أنجحت 7 من مؤيدي فلسطين وأسقطت داعمي الاحتلال الصهيوني؟

هذا سؤال مهم يحتاج إلى دراسات وليس مجرد متابعة صحفية روتينية، بعدما حققت حملة تُسمى «صوت المسلمين»، عبارة عن تجمع منظم من مسلمي بريطانيا (4 ملايين) للاستفادة من أصوات المسلمين، اختراقاً كبيراً في انتخابات بريطانيا.

هذه الحملة نشأت عقب بدء المجزرة والإبادة الجماعية الصهيونية في غزة، وكرد فعل على تصريحات رئيس حزب العمال (صهيوني التوجه، ومتزوج من يهودية متطرفة) التي أيَّد فيها منع الاحتلال الماء والغذاء والكهرباء عن غزة.

مسلمو بريطانيا والأقليات كانوا تقليدياً يصوتون في الانتخابات لصالح حزب العمال، وكانت أصواتهم متناثرة وغير موحدة، لكن أغضبهم هذه المرة هذا الفجور من جانب زعيم حزب العمال (الذي فاز في الانتخابات الأخيرة بقرابة 410 مقاعد من 650 بمجلس العموم البريطاني)؛ فقاموا بتشكيل منظمة أو حملة «صوت المسلمين»، في ديسمبر 2023م.

كان هدف هذه الحملة المعلن دعم أي مرشح للبرلمان يدعم قضية فلسطين ويدين الجرائم الصهيونية في غزة، وقد نجحوا في إيصال 7 نواب (4 منهم مسلمون) لمجلس العموم ممن يدعمون قضية فلسطين، وهذا اختراق كبير.

انعكس هذا على المشهد الانتخابي في بريطانيا، ولا سيما العدوان «الإسرائيلي» على غزة، الذي كان سبباً في قلب الموازين داخل الدوائر الانتخابية التي تضم عدداً كبيراً من المسلمين، فضلاً عن تأثيرها على توجهات الناخبين البريطانيين الداعمين للقضية الفلسطينية؛ لذا جاء فوز حزب العمال هذه المرة بدون الدعم المطلق للمسلمين رغم أن كل الأجواء كانت ترشح الحزب للفوز وتولي رئاسة الوزراء.

انتصار غير متوقع بسبب الوحدة

ترشح قرابة 16 بشكل مستقل في انتخابات بريطانيا، نصفهم تقريباً من المسلمين، بعضهم كان عضواً في أحزاب أخرى وتركها لدعم «إسرائيل»، والبعض الآخر نزل لينافس مرشحي حزب العمال والمحافظين معاً، وهؤلاء دعمتهم حملة «صوت المسلمين».

كانت مفاجأة كبيرة أن يفوز 7 من هؤلاء المرشحين المستقلين من بينهم 4 مسلمين، و3 غير مسلمين، دعمتم حملة «صوات المسلمين»؛ أي قرابة نصفهم؛ ما أثار تساؤلات وجدال في صحف بريطانيا، وبدأ بعض السياسيين والأحزاب يحذرون من قوة المسلمين حين توحدوا، فقد أنجحت الحملة المنظمة لـ«صوت المسلمين» كلاً من: النواب المسلمين: شوكات آدم، وإقبال محمد، وأيوب خان، وعدنان حسين، وفازت معهم ابتسام حسين (رغم أنها من حزب العمال)، كما أنجحت الحملة من غير المسلمين جيريمي كوربين، وهو زعيم حزب العمال السابق ومؤيد لفلسطين وتم إبعاده من الحزب لذلك، إضافة إلى كارلا دينير، زعيمة حزب الخضر، وإد ديفيس.

https://twitter.com/AlARABINUK/status/1809289006045172106

 هؤلاء النواب السبعة نزل من بينهم 5 مستقلين عن الأحزاب، بعدما عاقبوا حزب العمال الذي كانوا يترشحون على دوائره، ونجحوا في هزيمة مرشحي حزب العمال الفائز بنتائج الانتخابات ورئاسة الوزراء كمرشحين مستقلين.

ولو فاز النائب جورج جالاوي، المعروف بآرائه المناهضة للحرب وبمناصرته للقضية الفلسطينية، لأصبح عددهم 8 نواب يشكلون كتلة مهمة، فهم يشكلون نسبة أكبر من الحزب اليميني المتطرف الفائز في الانتخابات (الإصلاح) الذي فاز بـ4 مقاعد فقط!

وتعد قصة فوز كل نائب من هؤلاء النواب وكيف دعمه «صوت المسلمين» قصة نجاح في حد ذاتها بعدما تكتل مسلمو بريطانيا وتوحدوا، مثل النائب لأول مرة عدنان حسين الذي فاز وسط هتافات «الحرية لفلسطين» في المدينة احتفالاً بفوزه.

والنائب المستقل المؤيد لفلسطين أيوب خان الذي فاز على النائب العمالي خالد محمود الذي ظهر في فيديو داخل مسجد وهو يعنف المصلين ويقول لهم: إنهم جهلة لا يفهمون موقف حزبه «العمال» فأسقطوه.

أيضاً كانت حملة النائب المؤيد لفلسطين إقبال حسين محمد، الذي استقال بسبب دعم زعيم الحزب كير ستارمر للعدوان الصهيوني على غزة، مثالاً لتنسيق وتنظيم المتطوعين الشباب من حملة «صوت المسلمين».

أما النائب المستقل شوكت آدم، فحقق مفاجأة وأطاح بمرشح حزب العمال جوناثان أشوورث الذي كان مرشحاً لتولي وزارة بالحكومة الجديدة، وظهر وهو يلوح بالكوفية الفلسطينية، مؤكداً أن هذا الفوز من أجل أهل غزة.

وكان من المتوقع أن يفوز عدد آخر ممن دعمتهم حملة «صوت المسلمين»، وكانت مفارقة أن باقي المرشحين الذين لم ينجحوا ممن دعمتهم حملة الصوت المسلم حققوا اختراقاً مذهلاً في أقوى معاقل حزب العمال، وخسروا بفروق ضئيلة تصل لـ100 صوت فقط في بعض الأحيان!

مثل المرشحة من أصل فلسطيني ليان محمد التي خسرت بفارق 528 صوتاً (0.5%) عن مرشحة حزب العمال، وابن غزة سامح حبيب الذي ترشح عن دائرة إيلينغ الشمالية وحقق اختراقاً محترماً في عدد الأصوات رغم تعرضه لحملة تشويه من اللوبي الداعم للاحتلال ووجود مرشحين عرب آخرين.

وقبل الانتخابات، كشف بحث جديد أن تصويت المسلمين البريطانيين في الانتخابات العامة يمكن أن يُسهِم إسهاماً بارزاً في نحو 100 دائرة انتخابية في جميع أنحاء البلاد، فقد قدّرت حملة «صوت المسلمين»، و«جمعية هنري جاكسون» اليمينية (HJS) عدد المقاعد التي ستُحسم بأصوات الناخبين المسلمين بـ92 و120 مقعداً على الترتيب، وتحدثت عن 100 دائرة انتخابية في بريطانيا تحت هيمنة أصوات المسلمين البريطانيين.

وجاء في بحث جمعية هنري جاكسون بشأن التنوع الديني في الدوائر الانتخابية في بريطانيا: يمكن للناخبين المسلمين أن يكون لهم دور حاسم في 120 دائرة انتخابية، لا سيما في المقاعد الهامشية، حيث تقطن الغالبية المسلمة في 129 دائرة انتخابية، وهناك 20 دائرة انتخابية في المملكة المتحدة يزيد عدد الناخبين فيها على 30 – 40% من المسلمين، من إجمالي 650 دائرة انتخابية في بريطانيا.

وقد اعترفت بقوة المسلمين قائمة حزب العمال الانتخابية في تقرير أصدرته، في 31 مايو 2024م، ذكرت فيه أن 16 مقعداً يسيطر عليها الحزب، في مناطق يقطنها عدد كبير من الناخبين المسلمين تُوصف بأنها «مناطق معركة».

ولم تكتف حملة «صوت المسلمين» بإنجاح من دعموا غزة، ولكن اهتمت بإسقاط داعمي «إسرائيل»، وأثر هذا على الدعم التقليدي لحزب العمال من جانب المسلمين، حيث أكدت وكالة «رويترز»، في 5 يوليو الجاري، أن عدد الأصوات التي حصل عليها الحزب، الذي يعتمد منذ فترة طويلة على دعم المسلمين، تراجعت بواقع 10 نقاط في المتوسط في المناطق التي يشكل المسلمون فيها أكثر من 10% من السكان.

ماذا تعرف عن «صوت المسلمين»؟

في ديسمبر 2023م، شكل مسلمون بريطانيون حملة سُميت «صوت المسلمين» أو «الصوت المسلم» أو «التصويت الإسلامي» (TMV)، هذه الحملة هي نتائج تعاون وتفاهم بين «رابطة مسلمي بريطانيا»، و«المجلس الإسلامي في إسكتلندا»، و«مجلس مسلمي ويلز»، و«منظمة المشاركة والتنمية الإسلامية» (Mend)، وجهات إسلامية أخرى.

الحملة التي اتخذت شعار «اجعل صوت المسلمين له قيمته»، أعلنت أنها تهدف إلى توجيه أصوات المسلمين البريطانيين للتصويت للنواب الداعمين للشعب الفلسطيني، وعدم التصويت للنواب الذين سبق أن رفضوا التصويت لوقف إطلاق النار بغزة، لمنعهم من العودة للبرلمان.

وأكدت أننا قوة قوية ومتحدة تتألف من 4 ملايين نسمة (مسلم بريطاني) يعملون في انسجام وتناغم، وسنضع الأسس للمستقبل السياسي لمجتمعنا، وسعت الحملة لحشد أصوات ما يقرب من 4 ملايين مسلم في المملكة المتحدة؛ أي حوالي 6% من الناخبين.

وتصف جماعة «صوت المسلمين» نفسها عبر موقعها بأنهم مؤيدون للديمقراطية ومناهضون للإبادة الجماعية، والمسلمون وكل من يدافع عن العدالة متفقون على أن الطبقة السياسية الحالية لا تمثلنا، وتقول هذه المجموعة: إن لديها الآلاف من المتطوعين المستعدين لدعم الحملات السياسية المحلية المستقلة في الدوائر الانتخابية التي تضم عدداً كبيراً من الناخبين المسلمين وأعضاء البرلمان.

https://twitter.com/themuslimvoteuk/status/1752707973892465094

ويقول أبو بكر ناناباوا، المنسق والمتحدث باسم حملة صوت المسلمين: إن هدف الحملة كان تشجيع المشاركة السياسية الإسلامية وإيلاء قيمة لقوة التصويت للمجتمعات الإسلامية المحلية، وقال: إن حزب العمال كان يعتبر صوت المسلمين محسوماً له بشكل تقليدي، لكن بعد تصريحاته المؤيدة للعدوان الصهيوني أصبح من حق المجتمع المسلم أن يصوت كما يتراءى له وبما يحقق مصالح المسلمين.

وتشير تقديرات بريطانية إلى أن دعم المسلمين لحزب العمال انخفض من 75% عام 2001 إلى 38% عام 2004م، بعد حرب العراق التي قاد المشاركة البريطانية فيها رئيس الوزراء العمالي السابق توني بلير.

وارتفعت النسبة بحلول عام 2015م، عندما صوت 64% من المسلمين لصالح حزب العمال، وبلغت ذروتها بأكثر من 80% عندما كان جيريمي كوربين زعيماً للحزب، بين عامي 2015 و2020م.

لكن تغيرت العلاقة بين المسلمين وقيادة الحزب الحالية المتمثلة في كير ستارمر بشكل ملحوظ منذ انتخابه في عام 2020م، وخاصة منذ عملية «طوفان الأقصى»، في 7 أكتوبر 2023م، التي انتقدها ستامر وأيد تجويع «إسرائيل» لغزة.

وقد تعهدت حملة «الصوت المسلم» بمواصلة حشد مسلمي بريطانيا خلال السنوات المقبلة، بعد نجاحها في حشد الدعم لخمسة مرشحين مستقلين مؤيدين لغزة في الانتخابات الأخيرة، وأكدت استمرارية عملها خلال السنوات القادمة، بحسب صحيفة «التايمز» البريطانية، في 7 يوليو.

وتسبب هذا الدور المهم لـ«صوت المسلمين» في انتخابات بريطانيا التي كان يهيمن عليها اللوبي الصهيوني رعباً في «إسرائيل»، ونقلت صحيفة «إسرائيل هيوم»، المقربة من رئيس الوزراء الصهيوني المتطرف بنيامين نتنياهو، عن مصادر سياسية قولها: نخشى أن يوجه الصوت المسلم في المقاعد الخلفية العلاقة مع «إسرائيل» بعد فوز مؤيديه، وقالت: إن الحكومة «الإسرائيلية» تعتقد أن لهجة بريطانيا تجاه «إسرائيل» ستصبح أكثر انتقاداً، ويختفي الود تجاه دول الاحتلال، وأن «إسرائيل» تستعد لسنوات معقدة من العلاقة مع بريطانيا بعد فوز حزب العمال وأنصار «صوت المسلمين».


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة