حين يغدر الهاتف بالحب.. الطلاق في زمن «السوشيال ميديا»!

في جلسة تحقيق داخل محكمة خليجية، كانت الزوجة تلوّح بهاتفها، والدموع في عينيها قائلة: هذه المحادثات على إنستغرام.. هذه الصور.. هذه السهرات التي كنت أكتشفها بعد منتصف الليل!

نظر القاضي إلى الزوج وسأله: هل هذه علاقتك؟ فقال بهدوء: مجرد دردشة.. ترفيه عابر!

تمتم القاضي: ليس عابرًا بكل تأكيد، لقد دمر بيتك!

تطبيق أم تمزيق

في زمنٍ ليس ببعيد، كان الطلاق مرتبطًا بمشكلات كبيرة: الخيانة الصريحة، أو غياب النفقة، أو الضرب والإهانة، أما اليوم، فقد أصبح للطلاق عناوين أخرى، فـ«فيسبوك»، أو «سناب شات» أو «إنستغرام» أضحت عناوين معتادة وأدلة إثبات داخل قاعات محاكم الأسرة في عالمنا العربي.

ماذا حدث؟ لقد دخلت التكنولوجيا غرفة النوم، وجلست بين الزوجين، تُفسد ودّهما، وتفتح أبوابًا للفتنة، لا تُغلق بسهولة.

نحو 33% من حالات الطلاق في الخليج ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر باستخدام وسائل التواصل، بحسب دراسة حديثة نُشرت في السعودية والإمارات والكويت.

ووفقاً للدراسة ذاتها، تُسجل في بعض المحاكم الخليجية شكاوى يومية بسبب الغيرة الرقمية، أو اكتشاف علاقات افتراضية تهزّ الثقة.

وهناك تقرير خليجي أدرج الإدمان على التطبيقات ضمن أكثر 5 أسباب تؤدي إلى الانفصال خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وتشير إحصاءات صدرت في عام 2023م عن مركز الإرشاد الأسري في الإمارات إلى أن أكثر من 40% من النزاعات الزوجية المسجلة خلال أول 5 سنوات من الزواج كان التدخل التكنولوجي أحد أسبابها.

وفي الكويت، أوضحت إدارة الإصلاح الأسري أن الخيانة الإلكترونية أو الفضول غير المنضبط في الدردشة صار يُسجَّل كسبب رسمي في ملفات الطلاق.

وفي السعودية، حذّرت وزارة العدل من تنامي قضايا الطلاق بسبب برامج التواصل، مثل «واتساب» و«سناب شات».


هل تختار الخوارزميات زوجات المستقبل؟! |  Mugtama
هل تختار الخوارزميات زوجات المستقبل؟! | Mugtama
مع التطور المتسارع للتقنية، لم يعد موضوع الزواج ح...
mugtama.com
×


حين يتفوق الافتراضي على الشريك

الزوجة تتابع المؤثرة فلانة يوميًا، تشاهد بيتها المثالي في عالم افتراضي، وزوجها الذي لا يتوقف عن إرسال الهدايا والمفاجآت، والزوج يتنقل بين صور لنساء لم يرَ منهن إلا قشرة منتقاة بعناية.

والنتيجة؟ تبدأ المقارنات: لماذا لا أعيش مثلهم؟ لماذا زوجي ليس رومانسيًا؟ لماذا هي أكثر أناقة؟ لماذا لا تهتم بي كما تهتم هي بمتابعيها؟ وهكذا، يتحول الرضا إلى نقمة، والنعمة إلى عبء.

كيف تؤدي التكنولوجيا إلى الطلاق؟

هنا ربما يسأل البعض هذا السؤال، بحسبان تلك التكنولوجيا باباً كبيراً لتعميق التواصل لا لقطع الأواصر، حيث يرى خبراء أن التعامل غير المنضبط مع تلك التكنولوجيا يحولها عن مسارها إلى مسار عكسي تماماً، محددين عدداً من الأسباب، منها:

1- الانفتاح غير المضبوط:

التطبيقات الحديثة تتيح التواصل السهل مع الغرباء، فيتحول الإعجاب البسيط إلى علاقة تنتهي بالحرام في بعض صورها.

2- الإهمال العاطفي:

ويحدث هذا حين يقضي أحد الزوجين ساعات مع هاتفه، ويعجز عن منح الطرف الآخر دقائق للحوار، وهذا الأمر يولد فجوة عاطفية.

3- المقارنات السامة:

وهذا ما يحدث للشريكين على السواء، فالزوجة تجلس بالساعات لتتصفح، وترى صور نساء مزينات ومُفلترات، وتقارن نفسها بهنّ، والزوج يفعل هو الآخر ويرى رجالًا في رفاهية مفرطة، فيزدري بيته البسيط، وزوجته الطبيعية.. وهكذا، تتآكل القناعة، ويذبل الحب.

4- الفضائح المفاجئة:

ويحدث هذا حين ينكشف المستور، وتُكتشف رسائل ساذجة، أو صور مخزّنة، أو حسابات وهمية، وكلها تنسف الثقة بين الطرفين.

5- العزلة الرقمية والعالم الموازي:

وهي حالة تتلبس بكل أفراد الأسرة، حيث يجلس كل طرف في ركنه، يغوص في شاشة هاتفه، فيفقدان معنى الونس، والصحبة، والدفء، والـسكن وفقاً للتعبير القرآني.


10 نصائح تكسبين بها قلب زوجك |  Mugtama
10 نصائح تكسبين بها قلب زوجك | Mugtama
هذه السطور، تقدم لكل زوجة، 10 نصائح تمكنها من كسب ‏قلب وعقل الزوج
mugtama.com
×


الإسلام يربّي على الرقابة

الإسلام لم يمنع التطور، لكنه علّمنا الورع، والمراقبة، والحياء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «استحيوا من الله حق الحياء»، وفي حديث آخر: «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت».

فمن يجرؤ على محادثة غريبة، أو إرسال صورة، أو كشف أسرار زوجته، هل نسي أن الله يراه؟ وهل يرضى أن تُفعل تلك الأفعال مع أخته أو ابنته؟

كيف نحمي بيتنا من لعنة التكنولوجيا؟

فلنضع قواعد رقمية واضحة في الحياة الزوجية، نُخصص وقتًا خالياً من الهواتف كل يوم، نُربي أبناءنا على الضبط الذاتي لا الرقابة الخارجية فقط، ومن تلك الخطوات التي يمكن تفعيلها وفقاً لخبراء:

1- اتفاق مسبق: قبل الزواج، يجب مناقشة طبيعة استخدام الأجهزة، ووضع حدود واضحة.

2- أوقات خالية من الهواتف: كأن يتم الاتفاق على ساعة خالية من الهاتف يوميًا، ولو على وجبة.

3- إغلاق أبواب المقارنة: التوعية بأن الحياة التي نراها على الإنترنت غالبًا غير حقيقية.

4- التثقيف الرقمي: فهم أخطار الخصوصية، والخيانة الإلكترونية، والعلاقات العابرة.

5- الوازع الإيماني: كلما زاد حضور الله في القلب؛ قل حضور الفتنة في العين.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة