خطة إعمار غزة.. هل ينجح العرب في تنفيذها؟

سيف باكير

05 مارس 2025

92

أثارت الخطة التي اعتمدتها القمة العربية في القاهرة لإعادة إعمار غزة ردود فعل متباينة، بين ترحيب رسمي باعتبارها خطوة ضرورية لتخفيف معاناة الفلسطينيين، وتحفظات سياسية ترى فيها محاولة لإعادة ترتيب المشهد وفق توازنات جديدة.

وبينما رحبت حركة «حماس» بالخطة باعتبارها تعكس موقفًا عربيًا داعمًا للقضية الفلسطينية، أبدى محللون ومراقبون شكوكهم حول جدواها في ظل تعنت الاحتلال «الإسرائيلي» ورفضه لأي حلول سياسية تقود إلى إنهاء الحصار أو الاعتراف بالحقوق الفلسطينية.

وبين الترحيب والتحفظ، تبقى التساؤلات قائمة: هل يمكن لهذه الخطة أن تُنفَّذ في ظل العقبات السياسية والميدانية؟ وهل تشكل فرصة حقيقية لإعادة إعمار غزة، أم أنها مجرد محاولة لتخفيف الضغوط الإقليمية دون تغيير جوهري في واقع القطاع؟

إعمار غزة.. الدور المجتمعي المطلوب عربياً وإسلامياً


رؤية تقليدية

قال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة: إن الخطة المطروحة تركز بشكل أساسي على إعادة الإعمار، بينما يبقى الجانب السياسي فيها محدودًا، مشيرًا إلى أن تفاصيلها توحي بأنها من إعداد خبراء في التطوير العقاري والبنية التحتية.

وأضاف الزعاترة، في منشور عبر منصة «إكس»، أن الرؤية السياسية للخطة تبدو تقليدية، مستوحاة من «المبادرة العربية» التي أُعلنت في قمة بيروت عام 2002م، حيث تكرر الحديث عن إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967م، وهو ما يشكل معضلة بالنظر إلى الموقف «الإسرائيلي».

وأوضح أن الصهاينة يرون في هذا الطرح خطابًا ينتمي إلى مرحلة انتهت، حين كان الهدف استدراج منظمة التحرير والنظام العربي الرسمي لمنح الشرعية لكيانهم. لكن مع مرور الوقت، كشف الاحتلال عن مطامعه الحقيقية، وأصدر الكنيست قرارًا جماعيًا برفض إقامة دولة فلسطينية، في حين شرع نتنياهو وحكومته في التمهيد لضمّ الضفة الغربية وتهجير سكانها، إلى جانب فرض وقائع جديدة في سورية ولبنان.

وأشار الزعاترة إلى أن هذه الخطة لا تستهدف حركة «حماس» مباشرة، إذ لم تتطرق بشكل واضح إلى سلاحها، بل تحدثت عن لجنة غير فصائلية تدير الأوضاع في القطاع لمدة 6 أشهر، وهي خطوة لا ترفضها الحركة، كما أنها تقترح ترتيبات لتوحيد غزة والضفة، وهو ما قد يكون مقبولًا إذا تحقق الانسحاب الكامل وإعادة الإعمار.

وأضاف: «إذا استطاعت الأنظمة العربية فرض هذه الخطة على الاحتلال، فقد يكون ذلك إنجازًا رغم موقفنا المبدئي الرافض للحلول السياسية»، معتبرًا أن المواجهة الحقيقية ليست مع «حماس»، بل مع الكيان وحلفائه الدوليين.

وأوضح الزعاترة أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبل بالخطة على مضض، نظرًا لإدراكه أن «فتح» في غزة تميل إلى خصمه محمد دحلان، بينما تظل «حماس» أكثر قوة في القطاع مقارنة بوضعها في الضفة، حيث السيطرة «الإسرائيلية» المباشرة والتضييق الأمني.

كما لفت إلى أن المشهد السياسي يشهد تحولًا لافتًا، إذ لم يسبق أن تعامل الاحتلال مع الأنظمة العربية الرسمية بهذا القدر من الازدراء، مشيرًا إلى أن الخطة تجاوزت فلسطين لتشمل تهديدات مباشرة لسورية ولبنان، مع مساس بأمن مصر والأردن.



أثر «طوفان الأقصى»

من جانبه، قال الباحث السياسي سعيد زياد: إن المشهد العربي الذي ترقبه العالم اليوم لم يكن سوى نتيجة للفعل المقاوم وتضحياته الكبرى، مضيفًا في منشور عبر «إكس» أن هذه القمة استمدت قيمتها من أثر يوم الطوفان والصمود الأسطوري للغزيين وقتالهم بلحم أطفالهم الجياع وعظام جماجمهم، ومن قدرة غزة على الاحتفاظ بأسرى الاحتلال والتعامل مع دباباته المدمرة.

وأكد أن هذه البطولات هي التي منحت العرب صورة القوة في هذه اللحظة، داعيًا إلى البناء على هذا الزخم لتحقيق مكاسب أكبر.

«حماس» ترحب

في السياق ذاته، رحبت حركة «حماس» بخطة إعادة الإعمار التي اعتمدتها القمة العربية، معتبرة أن انعقاد القمة يعكس اصطفافًا عربيًا وإسلاميًا متقدمًا مع القضية الفلسطينية.

وأشادت الحركة بمواقف القادة العرب الرافضة لخطط التهجير ومشاريع الضم، والداعمة للحقوق الفلسطينية المشروعة.


كما أكدت «حماس» أن الشعب الفلسطيني، بدعم عربي موحد، قادر على إفشال أي مخططات تهدف إلى تصفية قضيته، مثمنة جهود مصر في التحضير لمؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة.

وشددت الحركة على ضرورة إلزام الاحتلال بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، واتخاذ خطوات عربية موحدة للضغط عليه، سواء عبر إدخال المساعدات أو التحرك السياسي والدبلوماسي.

9 خطوات لدعم إعادة إعمار غزة


أبرز بنود الخطة المصرية لإعمار غزة

- إجمالي احتياجات إعادة إعمار غزة تقدر بـ 53 مليار دولار، منها 3 مليارات للتعافي المبكر خلال 6 أشهر.

- تتضمن الخطة 3 مراحل تمتد حتى عام 2030م، بهدف استيعاب 3 ملايين نسمة.

- توفير 500 ألف فرصة عمل لسكان غزة عبر مختلف القطاعات.

- رفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، مع التحذير من تداعيات تجاهل معاناتهم.

- تشكيل لجنة إدارية مستقلة لإدارة غزة لمدة 6 أشهر تحت إشراف الحكومة الفلسطينية.

- تدريب عناصر من الشرطة الفلسطينية في مصر والأردن، تمهيدًا لنشرهم في القطاع.

- اقتراح بحث مجلس الأمن نشر قوات حفظ سلام في غزة والضفة الغربية ضمن جدول زمني واضح.

- هدنة متوسطة المدى تمهيدًا لإجراءات بناء الثقة وحل الدولتين.

- إزالة أنقاض الدمار وبناء 20 منطقة إسكان مؤقتة بمشاركة شركات دولية.

- إجراء انتخابات فلسطينية خلال عام إذا توفرت الظروف المناسبة. 


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة