قُبلات راغب علامة!
لم ينته الجدل
بعد حول واقعة قبلات الفنان اللبناني راغب علامة لمعجباته، خلال حفل غنائي بالساحل
الشمالي في مصر، لتثار الكثير من علامات الاستفهام حول سلوكيات يراد لها أن تكون
نهج أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ربما يقلل البعض
من شأن الواقعة، في اتجاه أنها سلوك اعتيادي من مطربي هذا العصر، وأنه سلوك متعارف
عليه في المجتمع اللبناني، وأن «القبلة» ليست جريمة!
زاد الطين بلة
-إن صح التعبير- ما قاله علامة على خلفية أزمة منعه من الغناء في مصر، بالقول:
«إنه غير نادم على ما بدر منه، وإنه لو عاد به الزمن لكرر نفس الأمر مرة أخرى»!
رفع من وتيرة
الصخب والجدل القائمين في الشارعين المصري والعربي، إصرار المطرب اللبناني خلال
مقابلة تلفزيونية على الهواء مباشرة خلال برنامج «تفاصيل» على قناة «صدى البلد»
(خاصة)، على أن «القبلة ليست جريمة، ولا يوجد قانون يمنع الفنان من الأحضان».
من جانبه، رد
نقيب المهن الموسيقية المصرية مصطفى كامل، بالقول: إن «مشهد قبلات وأحضان المعجبات
بالفنان راغب علامة كان مستفزاً ومسيئاً»، مضيفاً: «لو سكتنا على هذا الأمر، غداً
كل الناس تطلع تقبل وترقص على المسرح.. ونعمل مهرجان «البوس» والأحضان على مسارح
مصر»!
طبقة
اجتماعية
انتقل الجدل حول
القبلات إلى مربع آخر من الحوار والنقاش المجتمعي، يتعلق ببزوغ طبقة اجتماعية
مترفة، وأثرياء جدد، يقطنون في برج عاجي، ويحاولون فرض قيم جديدة، هي أبعد ما تكون
عن أعرافنا وتقاليدنا وأخلاقنا، قبل أن تكون فعلاً محرماً من الأساس، وفق الكتاب
والسُّنة.
إن منظومة القيم
تلك، التي يراد فرضها على الشعوب العربية والمسلمة، لا تنفصل عن محاولات التطبيع
مع العدو الصهيوني، التي تحاول القوى العظمى فرضها بالقوة على دول المنطقة، بل إن
الأمر يذهب إلى مسخ متعمد للهوية الإسلامية، والشخصية العربية، تحت ستار الفن
والغناء!
ما علاقة الفن
بتقبيل المعجبات؟! وهل دور الفنان أن يتحرش بمعجباته على المسرح؟! وهل من رسالة
الفنان أن يقبّل واحدة، ويحضن ثانية، ويتراقص مع ثالثة؟! وهل من مقاييس النجاح
الفني، مثلاً، قدرة الفنان أو المطرب على التقبيل؟!
هل من الرجولة
أن يسمح إنسان، أياً كانت ديانته أو جنسيته، لزوجته أو شقيقته، أن يقبّلها رجل
غريب ليس من محارمها، بدعوى أنه «نجم» أو «لاعب كرة» أو «بلوجرز»، أو غير ذلك من
أوصاف ومسميات للنجومية الزائفة التي ابتليت بها مجتمعاتنا، فصار العالِم نكرة،
والمغني أيقونة وأسطورة؟!
جيتوهات
أخلاقية
يقول الباحث في
علم الاجتماع د. عمار علي حسن، تعليقاً على الواقعة: «نحن أمام جيتوهات تقام في
مجتمعنا، حيث لا تكتفي بالعزلة الجغرافية، إنما تنعزل نفسيًا وثقافيًا، وترتبط
مصالحها شيئًا فشيئًا مع الخارج».
هذه «الجيتوهات»
الغارقة في ثراء فاحش، لا يعرف أحد مصدره، تحاول تصدير مشهد مناف للحقيقة، ويخالف
ما جُبل عليه الناس، في بلد الأزهر الشريف، من حب للتدين، وفطرة للحياء، وشوق
للحجاب، ورفض للعري والحرام.
إن مرتع القبلات
والإيحاءات غير المنضبطة والأحضان التي تثير الاشمئزاز، لهو مشهد عبثي غريب عن
مجتمعاتنا، لا يمثله سوى قلة قليلة، انغمست في الشهوات، وتدثرت برداء الغرب، بدعوى
التحضر والتمدن، فصارت هي ذاتها وكراً للعري والإباحية والانحلال تحت مسميات
الغناء والفن والترفيه.
إن مصر وبلاد
العرب جميعاً، أبعد عن تلك الصورة التي يتم تصديرها عن عمد، ليل نهار؛ للإيحاء
بالانفتاح المزعوم، وهي في الحقيقة انسحاق أمام التقاليد والعادات الغربية، التي
أباحت الشذوذ، والجنس خارج إطار الزواج، وحرية الجسد، وغير ذلك من سلوكيات فاضحة،
هناك من يأتي بها من باب التقليد الأعمى لكل ما هو غربي.
إن المسلم
الحقيقي لا يقبل حراماً، ولا يأتي بالفاحشة، وإن المرأة المسلمة لا تقبل أن يمسها
أجنبي، وإن القُبلة مقدمة الزنى، وقد اتفق الأئمة الأربعة على أنه محرم على المرأة
مس أو مصافحة الرجل الأجنبي عنها، أما تقبيله، فإنه أشد حرمة عندهم، وقال النووي:
«كل من حرم النظر إليه حرم مسه بل المس أشد، فإنه يحل النظر إلى الأجنبية إذا أراد
أن يتزوجها، ولا يجوز مسها».
وعن معقل بن
يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له
من أن يمس امرأة لا تحل له»، وهو وعيد يشمل المرأة التي تمس الرجل الذي لا يحل
لها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «العين تزني وزناها النظر» (رواه أبو داود).
وقد حرم الله عز
وجل النظر إلى الحرام، فأمر الرجل والمرأة بغض البصر، وجعل ذلك من صفات الإيمان،
فقال عز وجل: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {30} وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا
مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) (النور).