كيف نفهم الدور الصهيوني في مجاعة غزة؟

منذ 2 مارس الماضي، فرضت حكومة الاحتلال حصاراً مشدداً على قطاع غزة، حيث أغلقت كافة معابره، وهو ما انعكس سلباً على واقع الأمن الغذائي فيه، بعد نفاد أكثر من 90% من أصناف الطعام، وسط ارتفاع في أسعار ما تبقى من السلع الغذائية بنسب تجاوزت 10 أضعاف عن أسعارها قبل الإغلاق «الإسرائيلي».

ويعتبر الإغلاق «الإسرائيلي» الحالي لمعابر القطاع أطول فترة إغلاق يشهدها قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023م، حيث منعت دولة الاحتلال على مدار نحو 3 أشهر من الحصار المشدد، مرور أي إمدادات إنسانية أو إغاثية للقطاع، لتدخل غزة رسمياً في أخطر مراحل المجاعة بعد تسجيل نسب مقلقة لموت عدد كبير من الأطفال جوعاً، في حين يهدد سوء التغذية حياة أكثر 60 ألف طفل دون سن الخامسة بعد أن باتوا يعانون من نسب مقلقة من الجفاف الناجم عن قلة الغذاء والمياه الملوثة.

جريمة الحصار والتجويع.. ممارسة جاهلية تتجدد في ظل الصهيونية المعاصرة! |  Mugtama
جريمة الحصار والتجويع.. ممارسة جاهلية تتجدد في ظل الصهيونية المعاصرة! | Mugtama
الحصار في اللغة: من الحصر، قال ابن فارس: الحاء وال...
mugtama.com
×

كيف يبدو واقع غزة الغذائي؟

خلال الحرب الصهيونية على القطاع، انحصر اعتماد أهالي القطاع على مصدرين أساسيين في توفير الطعام؛ الأول: يأتي عبر المساعدات المقدمة من المنظمات الدولية والإغاثية، وأهمها «الأونروا»، وبرنامج الغذاء العالمي، ووزارة التنمية الاجتماعية، والمنظمات الأهلية والدولية المختلفة.

أما الثاني: فكان يتم إنتاجه محلياً، حيث نجح القطاع في السنوات الأخيرة في الوصول لنسب مرتفعة من الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الزراعي، فعلى سبيل المثال سجلت غزة اكتفاء ذاتياً بنسبة 80% من الخضار، و50% من لحوم الدواجن، ونحو 45% من إنتاج الفواكه.

سوء التغذية يهدد حياة أكثر من 60 ألف طفل دون سن الخامسة في غزة

إلا أن هذا الواقع تغير كلياً بعد أن سيطر جيش الاحتلال عسكرياً على أكثر من 60% من مساحة القطاع، وحصر النازحين في المنطقة المعروفة بـ«المواصي»، وتراجعت مساحة الأراضي الزراعية التي كانت تقدر بثلث مساحة القطاع البالغة 365 كيلومتراً مربعاً، لتنحصر ببضع عشرات الدونمات الزراعية تتركز في منطقة بلدة بيت لاهيا، وفي غرب معسكرات وسط القطاع.

استهداف المنظومة الإغاثية.. هل يخشى الاحتلال الطعام كما يخشى السلاح؟ |  Mugtama
استهداف المنظومة الإغاثية.. هل يخشى الاحتلال الطعام كما يخشى السلاح؟ | Mugtama
أمام جثامين أبنائه الستة، وقف الأب المكلوم إبراهيم...
mugtama.com
×

مؤشرات مقلقة

مع نفاد مخزونات الطعام في القطاع، سواء في مستودعات المنظمات الدولية، أو في المخازن التجارية، تعطلت برامج الإغاثة الاجتماعية المعروفة باسم «تكايا الطعام»، حيث يعتمد ما لا يقل عن 1.5 مليون من أهالي غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، على وجبات الطعام التي تقدمها المطابخ المجتمعية.

يشير أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، إلى أن قطاع غزة يضم ما بين 70- 80 مطبخاً مجتمعياً، تقدم أكثر من 250 ألف وجبة طعام يومية، ولكنها توقفت عن العمل كلياً جراء نفاد الطعام من القطاع، وعدم توفر ما يمكن طبخه في الأسواق.

تتبع هذه المطابخ عادة إما لمنظمات ومبادرات دولية، مثل «منظمة المطبخ العالمي»، وجمعية نماء والجمعية الخيرية التابعتان لدولة الكويت، والإغاثة الإسلامية.

في حين تتبع بعض تكايا الطعام لمبادرات محلية حيث يشرف على تمويلها وإدارتها مبادرون من غزة يتلقون تبرعات من الخارج لإعداد وجبات الطعام للفقراء والنازحين الذين تقطعت بهم السبل، أو لم يعودوا قادرين على توفير الطعام لأسرهم.

وبالعودة إلى الفترة التي سبقت الإغلاق «الإسرائيلي» للمعابر، كانت هذه التكايا تقدم وجبات طعام تعد جيدة نسبياً تضم أطباقاً متنوعة من الأرز مع الدجاج أو اللحم، ولكن بعد نفاد مخزونات الطعام من القطاع، تقلص دور هذه المطابخ لينحصر في تقديم وجبات تضم البقوليات مثل العدس والفاصوليا والمعكرونة، قبل أن تتوقف كلياً عن العمل.


معسكر الجوع.. كيف حوَّل الاحتلال التجويع إلى أداة إبادة في غزة؟ |  Mugtama
معسكر الجوع.. كيف حوَّل الاحتلال التجويع إلى أداة إبادة في غزة؟ | Mugtama
منذ بدء العدوان «الإسرائيلي» على قطاع غزة، تحوّلت...
mugtama.com
×

ماذا يعني دخول غزة مرحلة المجاعة؟

أصدرت حكومة السلطة الفلسطينية في رام الله إعلاناً سياسياً وقانونياً، أخيراً، تحت عنوان «دخول قطاع غزة في مرحلة المجاعة»، وهو مؤشر يعكس حجم الأزمة الإنسانية التي يشهدها القطاع.

حمل البيان الذي أدلاه رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، ووزير العدل شرحبيل الزعيم، مجموعة من المعايير التي يستند إليها القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني للإعلان عن منطقة أو إقليم ما بدخوله لمرحلة المجاعة.

هل تحوّلت المساعدات لغزة إلى سلاح ناعم بيد الاحتلال؟
هل تحوّلت المساعدات لغزة إلى سلاح ناعم بيد الاحتلال؟
"مجلة المجتمع" هي مجلة إسلامية تصدر كل أول شهر تأسست عام 1970م ، توزع في أكثر من 120 دولة، تصدر من الكويت تـابعونا على حسابات على المجلة الرسمية: 👇الفيس بوك...
www.youtube.com
×


توقف ما بين 70- 80 مطبخاً مجتمعياً عن العمل جراء نفاد الطعام من القطاع

ومن هذه المعايير الدولية التي تطابقت مع واقع غزة الغذائي، وجود نقص حاد في الغذاء يؤثر على نسبة كبيرة من السكان، وتسجيل معدل وفيات يتجاوز حالتي وفاة لكل 10 آلاف شخص يومياً، بالإضافة إلى تأثير سوء التغذية الحاد على أكثر من 30% من الأطفال.

بدورها، أطلقت منظمة الصحة العالمية نداء إنسانياً عاجلاً لتدارك الوضع الغذائي في القطاع، حيث جاء في تحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، أن 470 ألف فلسطيني في غزة يعانون من مستويات كارثية من الجوع (المرحلة الخامسة من التصنيف)، كما يعاني كافة السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وأن منع الوصول الفوري إلى الغذاء والإمدادات الأساسية في قطاع غزة يتسبب في مزيد من الوفيات والانزلاق إلى المجاعة.

وأضاف البيان: لسنا بحاجة لانتظار إعلان المجاعة في غزة لنعلم أن الناس يعانون بالفعل من الجوع والمرض والموت، بينما الغذاء والدواء على بُعد دقائق من الحدود.

وسط ذلك، يترقب أهالي القطاع حدوث تحول إيجابي في واقعهم الغذائي والإنساني ولو لفترة مؤقتة، وذلك في ضوء جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في دول الخليج العربي، على آمل أن يساهم إفراج «كتائب القسام»، قبل أيام، عن الجندي «الإسرائيلي»- الأمريكي عيدان ألكسندر، في حدوث اختراق في ملف المفاوضات الذي من شأنه أن يساهم في فتح المعابر لدخول البضائع والمساعدات.


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة