مراقبون: اعتراف الغرب بفلسطين يعمّق عزلة «إسرائيل».. والمطلوب خطوات عملية

أثار إعلان بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال اعترافها الرسمي بدولة فلسطين تفاعلات سياسية
وشعبية واسعة عبر منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، حيث اعتبره محللون ونشطاء تحولًا
نوعيًا يعمّق عزلة الكيان الصهيوني دوليًا ويحرج واشنطن داخل تحالفها الغربي، فيما
رأى آخرون أنه لا يكفي وحده لوقف جرائم الاحتلال ما لم يترافق مع خطوات عملية
كالعقوبات ووقف تصدير السلاح.
كما رحبت عدة
دول عربية وإسلامية بهذه الخطوة، معتبرة أنها تدعم حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم
المستقلة.
الاعتراف بفلسطين.. عزلة لـ«إسرائيل» وإحراج لأمريكا
قال أستاذ
العلوم السياسية د. عبدالله الشايجي: إن الاعترافات الأخيرة تمثل «طوفان الاعتراف
بالدولة الفلسطينية» الذي يزيد من عزلة رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو، ويضع إدارة
واشنطن في موقف محرج داخل الحلف الأنغلوساكسوني بعد انشقاق بريطانيا وكندا
وأستراليا عنه.
وأضاف أن 10 دول
أخرى ستلتحق قريبًا بالاعتراف؛ ما يدفع الصهاينة إلى حافة الانهيار العصبي وتكرار
أسطوانة العداء للسامية.
من جانبه، اعتبر
الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة أن الخطوة تنزع الشرعية عن الاحتلال «الإسرائيلي»
وتعمّق عزلته الدولية.
لكنه شدد على أن
المطلوب ليس الاكتفاء بالاعترافات، بل فرض عقوبات صارمة على قادة «إسرائيل» ووقف
جرائمها في غزة.
الاعتراف بفلسطين ثمرة دماء الشهداء
وكتب الناشط
السياسي فايز أبو شمالة، مؤكداً أن الاعتراف الغربي بفلسطين جاء ثمرة لتضحيات
الشعب الفلسطيني، قائلاً: شكراً للسنوار، شكراً للضيف، شكراً للعاروري، شكراً لهنية،
والشكر الأكبر لدماء 63 ألف شهيد من غزة، ومئات الشهداء من الضفة، وأكثر من 100
ألف جريح من أبناء فلسطين.
وأضاف: دماء
الشهداء هي التي فتحت الطريق أمام اعتراف دول وازنة مثل بريطانيا وكندا وأستراليا
بدولة فلسطين، وهي دول ذات تأثير ومكانة على مستوى العالم.
وأشار أبو شمالة
إلى أن هذا الاعتراف لم يكن مجرد قرار حكومي، بل جاء استجابة لإرادة جماهيرية
أوروبية عبّرت عن قناعتها بعدالة معركة «طوفان الأقصى» وعدالة القضية الفلسطينية.
هل للاعتراف الدولي بفلسطين قيمة حقيقية؟
أما الباحث
الفلسطيني علي أبو رزق، فحذّر من المبالغة في الاحتفاء، قائلاً: إن أولوية الشعب
الفلسطيني في زمن الإبادة لا تقتصر على الاعتراف الدولي، بل تكمن في وقف تصدير
الأسلحة إلى «إسرائيل»، وتجميد العلاقات التجارية والدبلوماسية معها، وممارسة ضغط
سياسي حقيقي يحد من جرائمها.
وأضاف: هذه
الاعترافات تحمل أهمية إستراتيجية على المدى البعيد، لكن ما يعيشه أهل غزة اليوم
يجعل المدى الإستراتيجي آخر همومهم؛ فمن يسكن الخيام، ولا يجد طعاماً لأطفاله أو
مستشفى لعلاج جرحاه، ويواجه خطر التهجير يومياً، لا يعنيه كثيراً هذا التطور، ولا
يجوز المبالغة في تصويره كأنه الإنجاز السياسي الأكبر.
وتابع أبو رزق:
فهذه الاعترافات يجب أن تُستثمر لممارسة ضغط سياسي أكبر على الدول المعترفة نفسها،
واتهامها بالتواطؤ مع الاحتلال في زمن الإبادة، بعدما أمدّته بالسلاح والمال
والدعم الاستخباري، وفي مقدمتها بريطانيا.
رجل الأعمال
الإماراتي خلف الحبتور وصف خطوة الدول الغربية بأنها بالغة الأهمية تبعث برسالة
واضحة بأن العالم بدأ يسمع صوت الحق، ويدرك أن الشعب الفلسطيني يستحق دولته
المستقلة وكرامته على أرضه.
وأوضح الحبتور
أن المطلوب اليوم يتجاوز الاعترافات الشكلية، مشددًا على ضرورة ممارسة ضغط دولي
حقيقي لوقف العدوان وإنهاء الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من ممارسة حقهم المشروع في
الحرية والاستقلال.
وأضاف: فلسطين
قضية إنسانية وأخلاقية، والحق لا يسقط بالتقادم، وسيبقى الشعب الفلسطيني حيًّا حتى
ينال دولته وعاصمتها القدس.
وأكد أن غزة جزء
لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، محذرًا من مخططات تهجير أهلها، أو تحويلها إلى
مشاريع استثمارية تخدم مصالح أمريكية و«إسرائيلية»، وقال: غزة ستبقى لأهلها، وستظل
قلب فلسطين النابض.
وختم الحبتور
قائلاً: إن على «إسرائيل» أن تدرك أن العالم بأسره سيعترف عاجلًا أم آجلًا بالدولة
الفلسطينية وينصف شعبها.
ونشرت صفحة «العرب»
في بريطانيا مقطع فيديو لناشط بريطاني اعتبر أن تصريحات رئيس الوزراء البريطاني
كير ستارمر تكشف تناقضًا صارخًا، مؤكداً أن الاعتراف لن تكون له قيمة حقيقية ما لم
يُترجم إلى أفعال ملموسة تُعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة.
ترحيب عربي وإسلامي بالاعتراف الدولي بفلسطين
رحبت الكويت
باعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال بدولة فلسطين، مؤكدة أن الخطوة تعزز
فرص السلام في المنطقة وتدعم جهود حل الدولتين، مع التأكيد على ضرورة تمكين الشعب
الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية،
ودعت باقي الدول إلى حذو هذه الدول لتحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
كما رحبت
السعودية بالاعترافات، معتبرة أنها تعكس التزام الدول الصديقة بدعم مسار السلام
والدفع نحو حل الدولتين، مع التأكيد على أهمية استمرار خطوات إيجابية لدعم حقوق
الفلسطينيين وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
من جانبها، وصفت
قطر الخطوة بأنها انتصار للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، داعية الدول التي لم
تعترف بعد بفلسطين إلى اتخاذ خطوات مماثلة بما ينسجم مع الشرعية الدولية وقرارات
مجلس الأمن.
أما تركيا، فقد
اعتبرت هذه الاعترافات دليلًا ملموسًا على الدفاع عن القانون الدولي والقيم
الإنسانية، مؤكدة التزام أنقرة بدعم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها
القدس، وتشجيع دول أخرى على اتخاذ مواقف مماثلة لمنح فلسطين مكانتها على الساحة
الدولية.
من جانبه، وصف
الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين طه الخطوة بـ«التاريخية ومتوافقة مع
مبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة»، ومشدّدًا على دعم حقوق الشعب
الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها
القدس الشرقية.
وجددت منظمة
التعاون الإسلامي دعوتها للدول التي لم تعترف بعد بفلسطين إلى المبادرة بذلك
ومساندة عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، انطلاقًا من مسؤولية المجتمع الدولي
نحو إنهاء الاحتلال «الإسرائيلي» وتحقيق السلام والاستقرار وفق حل الدولتين.
إلى جانب
بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال، تستعد فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ونيوزيلندا
ومالطا وسان مارينو وأندورا لإعلان اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة من
شأنها تعزيز العزلة الدولية للكيان الصهيوني وتوسيع شرعية الدولة الفلسطينية على
الصعيد العالمي.