مهمة شاقة.. البحث عن الشهيد في غزة!

ريما محمد زنادة

03 نوفمبر 2025

146

حاولت هند تكراراً النظر إلى الجثامين، وفي كل مرة كانت تفقد الوعي، وتستيقظ لتقف مجدداً في مهمة البحث الشاقة على كل ذرة في كيانها، فكيف لها أن تتفحص جثامين الشهداء بحثاً عن نجلها وقد غابت كل ملامحهم.

لكن لا بد لها أن تبحث لعلها تعثر على نجلها، لمحت حذاء يشبه كثيراً حذاء نجلها، لكن ذلك لا يكفي، وقلب الأم دليلها، فلم يؤكد لها أنه ابنها، فهي تخاطب قلبها كلما وقفت على جثمان وتسأل: هذا ابني؟! وتنتظر الإجابة.

تقول لكل من يسمع صوتها: لقد رأى قلبي ابني وهو جنين في أحشائي قبل أن تراه عيناي، وقلب الأم لا يُخطئ.

التعذيب والقتل

كانت جثامين الشهداء التي تسلمتها وزارة الصحة في قطاع غزة عبر الصليب الأحمر مغيبة الملامح، فالتعذيب واضح جداً عليها، فمنها متفحمة، وأخرى عليها آثار سير دبابة، وعلامات الخنق وتكبيل اليدين.

والكثير منها تعرض لسرقة الأعضاء من قبل الاحتلال، فهم لم يكتفوا بالتعذيب والقتل، بل السرقة أيضاً، وهذا ليس غريباً عليهم، فقد سرقوا الأرض وقتلوا البشر حتى الأجنة في بطون أمهاتهم.

وقد تعمد الاحتلال تسليم الجثامين دون إرفاقها بالأسماء أو حتى أدنى الأشياء التي من الممكن أن تشير إلى صاحب الجثمان، لتبقى الحيرة في قلوب أهالي الشهداء الموجعة في البحث عن جثامين أبنائهم.



مجهول الهوية

هند واحدة من مئات الأمهات لا تعلم إن كانت مرت على جثمان نجلها وجهلته، أو أنها لم تجده بالفعل ولم يكن بين الجثامين.

شعور من الصعب على الكلمات أن تصفه، فهو عالق ما بين العين والقلب، ويجعل الكلمات صامتة غير قادر أن تبوح عن الحديث الذي يدور بين مثلث العين والقلب والعقل.

لا بد من إكرام الجثامين ودفنها، وألا تطول فترة البقاء بعد تعذر التعرف على هوياتها، فكانت المقابر الجماعية لشهداء «مجهول الهوية»، حيث كل شهيد كتب على قبره «مجهول الهوية» حكاية أم وأب وزوجة وأبناء ما زالوا يبحثون عن شهيدهم، وهم لا يعلمون إن كان أحد هذه القبور يضمه أم لم يدفن بعد.

قبر الشهيد في غزة

لم يترك الاحتلال وسيلة من وسائل التعذيب إلا ومارسها على أبناء قطاع غزة، حتى الجثامين فقدت أبسط حقوقها بأن يتعرف عليها أهلها؛ ذلك جعل كل مَن يستشهد له قريب ويدفن جثمانه حتى وإن كان مقطع الأوصال، يردد «الحمد لله، صلّينا عليه، ودفناه، وله قبر».

حيث أصبح التعرف على جثمان الشهيد أمنية تراود مئات العائلات الغزية، لكن الذي يسكن وجع هذه القلوب رحمة الله تعالى، وأن جثامين الشهداء إن كانت في قبور جماعية لشهيد مجهول الهوية، فيكفي أنه سبحانه يعرفها.


اقرأ أيضاً:

المأساة تتعقد في غزة!

أخطر 3 جرائم سرقة للكيان الصهيوني في فلسطين

 

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة