واجب المسلمين تجاه إخوانهم الجائعين

 

نعيش اليوم مرحلة صعبة من أحلك مراحل التاريخ، حيث تُرتكب الفظائع جهاراً، وتُحاصر مدينة غزة العزة، في معركة وجود تدافع فيها عن أولى القبلتين، وتُقدّم من دمائها الزكية ضريبة الكرامة والرباط، بينما يُمنع عنها الطعام والدواء، وتُقصف مستشفياتها في وضح النهار، ويُستهدف الأطباء والجرحى ولا مغيث لهم ولا نصير.

لقد بلغ الجوع في غزة مبلغاً عظيماً، واستُشهد من آثاره عشرات الأبرياء، بعضهم من الأطفال الذين تحوّلوا إلى هياكل بشرية، لم تعد القضية مجرد عدوان، بل أصبحت سياسة تجويع جماعي تُمارَس على مرأى ومسمع العالم، في فضيحة أخلاقية وإنسانية وقانونية، تكشف زيف الحضارة الغربية، وتواطؤ المجتمع الدولي، وتواطؤ منظمات تُسمى إنسانية، وهي عن الإنسانية أبعد ما تكون.

كيف نفهم الدور الصهيوني في مجاعة غزة؟ |  Mugtama
كيف نفهم الدور الصهيوني في مجاعة غزة؟ | Mugtama
منذ 2 مارس الماضي، فرضت حكومة الاحتلال حصاراً مشدد...
mugtama.com
×

قالوا: إن تجويع المدنيين جريمة حرب، وها هم يصمتون على تجويع أكثر من مليوني إنسان! وقالوا: إن القانون يحمي المستشفيات، فهُدمت المستشفيات على من فيها! وقالوا: إن حقوق الإنسان مقدسة، فدهستها الدبابات وسكت عنها الإعلام!

صدقت يا رسول الله عندما قلت: «يُوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها»، فقال قائلٌ: ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيلِ، ولينزِعنَّ اللهُ من صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذِفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوهْنَ»، فقال قائلٌ: يا رسولَ اللهِ، وما الوهْنُ؟ قال: «حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموتِ» (أخرجه أبو داود).

واجبات المسلمين تجاه غزة

في ظل هذا الحصار والتجويع، يسأل المسلم الصادق: ما واجبي تجاه غزة؟

والجواب: إن الواجبات كثيرة، متنوّعة، لا يعذر أحد بتركها:

أولاً: كسر الحصار وإدخال الطعام: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه» (رواه البخاري)؛ فعلى الدول الإسلامية أن تبذل ما في وسعها لإدخال الطعام والدواء، مستخدمة كل وسائل الضغط السياسية والاقتصادية، أما الصمت عن هذا الإجرام، فهو جريمة، والتقاعس عنه خيانة.

ثانياً: الجهاد الإعلامي: لا بد من تسخير الإعلام، بما فيها صفحات المؤثرين على مواقع التواصل؛ لنصرة الرواية الفلسطينية، وتوضيح كذب الرواية الصهيونية، وكشف سياسة التجويع في كل مكان في العالم، فهناك صفحات كثيرة لمؤثرين في الدول العربية والإسلامية؛ فواجب عليهم توضيح المعاناة الفلسطينية ونقل صورة المجاعة بالصوت والصورة، وإظهار صور الأطفال الذين أصبحوا هياكل عظمية بسبب التجويع.

ثالثاً: الترشيد في الإنفاق: على المسلمين أن يحفظوا أموالهم ولا يضيعوها، فهي ملك للأجيال القادمة، ومن المعيب إظهار الترف والتلذذ بشتى أنواع الطعام، وأهلنا في غزة والسودان يموتون من الجوع، قال تعالى: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (الإسراء: 27)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ» (أخرجه البخاري).

غزة بين الجوع والخذلان.. فهل من ناصر؟ |  Mugtama
غزة بين الجوع والخذلان.. فهل من ناصر؟ | Mugtama
غزة، هذا الشريط الصغير من الأرض، يشهد منذ سنوات حص...
mugtama.com
×

إن نصرة فلسطين وتقديم الدعم والمساعدة في كافة المجالات، واجب على كل مسلم ومسلمة، فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بنصرة المظلومين، ففي الحديث الشريف: «أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع.. فذكر عيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ورد السلام، ونصرة المظلوم، وإجابة الداعي، وإبرار القسم».

وليعلم المسلمون أن عقوبة الخذلان وخيمة وعظيمة، فمن خذل الجياع في غزة سيخذله الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من امرئ يخذل امرأ مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب نصرته».

فهل ستكون ممن نصر أم ممن خذل؟


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة