10 خطوات لاستدامة الرأي العام لمناصرة غزة

في عالم تتسارع فيه الأحداث وتتزاحم الأزمات فوق بعضها، يصبح الحفاظ على حضور قضية غزة في الوعي العالمي مهمة معقدة تتطلب تخطيطًا وإستراتيجية طويلة المدى.

فالمجازر والانتهاكات التي وثّقتها جهات أممية وحقوقية مثل الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، و«هيومن رايتس ووتش» وفرت مادة ضخمة للرأي العام، لكن بقاء هذا الوعي حيًا ومتجددًا يعتمد على كيفية إدارة المحتوى وتوجيهه وتحويله إلى سردية مستمرة لا تخبو.

ومن هنا تبرز ضرورة بناء إستراتيجية شاملة لاستدامة الرأي العام، ترتكز على مجموعة خطوات مترابطة تشكّل فيما بينها منظومة متكاملة.

1- تحويل الرواية إلى قصة إنسانية مستمرة:

تبدأ الاستدامة بتحويل رواية غزة من مجرد أرقام إلى قصص إنسانية نابضة بالحياة، فحسب دراسات مركز «رويترز» لأبحاث الصحافة، تُعد القصص الفردية أكثر تأثيرًا وانتشارًا من البيانات المجردة، وتزيد القدرة على الارتباط العاطفي 6 أضعاف مقارنة بالمحتوى الإخباري التقليدي.

2- الإنتاج الإعلامي المستمر والمتجدد:

وإلى جانب القصص، يكتسب الإنتاج الإعلامي المستمر أهمية مضاعفة، فحسب إرشادات «يونسكو» لتغطية النزاعات، فإن التغطية المتدرجة والمتواصلة تحمي الجمهور من الانقطاع وتسدّ الفراغ الذي قد تستغله الرواية «الإسرائيلية» أو أي خطابات مضادة.

الفيديوهات القصيرة، والملخصات اليومية، والإنفوغرافيك، والبث المباشر تشكّل نوافذ تُبقي غزة حاضرة في الوعي الرقمي العالمي.

3- ربط غزة بالقيم العالمية:

لكن استدامة الرأي العام لا يمكن أن تقوم على المشاعر وحدها؛ بل تحتاج إلى ربط القضية بمفاهيم إنسانية عالمية، كحق المدنيين في الحياة وحماية الأطفال ورفض العقاب الجماعي.

وقد أكدت تقارير «هيومن رايتس ووتش» و«العفو الدولية»، إلى جانب تقارير «الأونروا» و«الصليب الأحمر الدولي»، استمرار الانتهاكات بحق المدنيين في غزة؛ ما يمنح الحملات الإعلامية أرضية حقوقية صلبة تجعل خطاب المناصرة يتجاوز حدود السياسة ويصل إلى جمهور عالمي واسع.

4- استخدام لغة بسيطة وجاذبة:

ولأن الجمهور يتعرض لإرهاق معرفي نتيجة كثافة الأخبار، فإن تبسيط اللغة يمثل عنصرًا جوهريًا في الحفاظ على التفاعل.

تقارير معهد بيترسون للتواصل الجماهيري تشير إلى أن الجمل القصيرة والواضحة تُضاعف معدل الانتشار بنسبة تقارب 40%؛ لذلك، يُفضّل تقديم الرسائل بلغة مباشرة، وجدانية، وسهلة الاقتباس، تجعل المحتوى قابلًا للتداول على نطاق واسع.

5- تفعيل سفراء الرأي العام:

ومن العوامل المؤثرة أيضًا تفعيل «سفراء الرأي العام» من مؤثرين وصحفيين وأكاديميين وفنانين، حيث تُظهر الدراسات الإعلامية أن الجمهور يتفاعل مع الشخصيات أكثر من المؤسسات، وأن مدى الانتشار يرتفع بواقع 5 أضعاف عند مشاركة المؤثرين في حملات المناصرة، هؤلاء يشكلون جسورًا مع شرائح مجتمعية لا تصلها الحملات التقليدية.

6- العمل عبر موجات مركّزة:

وتكتمل المنظومة عبر اعتماد نموذج الموجات المركّزة، أو الحملات العنقودية التي تُخصص لكل أسبوع محورًا محددًا؛ مثل الأطفال أو القطاع الطبي أو استهداف الصحافة، وهو ملف وثّقته لجنة حماية الصحفيين (CPJ) بشكل موسّع، يساهم هذا النموذج في تجديد الزخم وربط الجمهور بأحداث متسلسلة، بدل الاكتفاء بردود الفعل العاطفية اللحظية.

7- إنتاج محتوى بلغات متعددة:

كما تؤدي الترجمة دورًا محوريًا؛ فبحسب مؤشر «غلوبال ديجيتال» 2024م، فإن معظم الجمهور العالمي لا يتابع المحتوى العربي؛ ما يجعل نشر المحتوى بلغات متعددة -الإنجليزية، والإسبانية، والتركية، والفرنسية- ضرورة إستراتيجية لتوسيع دائرة الدعم وتقليل احتكار الإعلام الغربي للرواية.

8- التحالف مع مؤسسات المجتمع المدني:

وتحتاج الاستدامة أيضًا إلى شراكات مع مؤسسات المجتمع المدني -كالنقابات، والاتحادات الطلابية، والمنظمات الحقوقية- وهي جهات أكدت الشبكات الحقوقية الدولية قدرتها على نقل التضامن من المجال الرقمي إلى مساحات الضغط السياسي، سواء على مستوى البرلمانات أو الجامعات أو مجالس البلديات.

9- التركيز على الأدلة والتحقيقات:

ويبقى التوثيق ركيزة لا غنى عنها، فالتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، و«هيومن رايتس ووتش»، و«بيتسيلم»، و«الأونروا»، توفر مادة موثقة تدعم السردية الفلسطينية وتمنح الحملات الإعلامية مصداقية عالية وتحصينًا ضد التشكيك، فكل صورة أو شهادة أو تقرير رسمي يعيد تثبيت الوعي العالمي بأن القضية ليست رواية، بل حقيقة مثبتة.

10- تحويل التفاعل الرقمي إلى فعل واقعي:

وأخيرًا، لا يتحقق الوعي المستدام إلا حين يتحول التفاعل الرقمي إلى فعل واقعي.

وفق دراسات منظمات الحملات الجماهيرية مثل «MoveOn» و«Avaaz»، فإن أكثر الحملات تأثيرًا هي تلك التي تربط بين النشر الرقمي والخطوات العملية؛ من وقفات احتجاجية، وضغط برلماني، ومقاطعة اقتصادية، أو فعاليات طلابية، فكل نشاط على الأرض يُعيد شحن الرأي العام ويمنحه سببًا للاستمرار.

بهذه المنظومة المتكاملة -القصة الإنسانية، والاستمرار الإعلامي، واللغة البسيطة، والتوثيق، والترجمة، والحملات المركزة، والشراكات المدنية، وسفراء الرأي العام- يمكن بناء رأي عام عالمي متجدد يحفظ حضور غزة في الضمير الإنساني ويحول التضامن من لحظة عابرة إلى حركة متصاعدة لا تنطفئ.


اقرأ أيضاً:

10 وسائل لنصرة غزة

الانتفاضة العالمية الـمناصِرة لغزة.. والسيناريوهات المستقبلية

كيف يمكن استدامة الرأي العام لمناصرة غزة والضغط على الكيان الصهيوني؟

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة