4 أمور تجعلك أكثر ابتلاءً
 
                    في هذا الزمان،
تعددت الابتلاءات، وكثرت المحن، وتنوعت النوازل، فلا يكاد العبد يخرج من محنة إلا
لحقته أخرى، الأمر الذي يثير تساؤل الكثير: لماذا أنا؟ سؤال يُسأل تارة بين الجزع
والسخط، وأخرى بين تأنيب النفس والخوف من التقصير. 
وهنا نتحدث عن
الصنف الأخير، الذي يعتقد أن الابتلاء عقاب من الله تعالى، أو مؤشر على عدم محبة
الله له، أو نتيجة لتقصيره في طاعة أو خوضه في معصية.
والظاهر إن كان
هكذا –افتراضًا– إلا أن الباطن يخفي كثيراً من الأمور التي لو علمها العبد لتمنى
ألا يفارقه الابتلاء طول عمره، فما هذه الأمور؟ ولماذا بعض الناس أكثر ابتلاءً من
غيرها؟
1-
محبة الله تجعلك أكثر ابتلاءً:
إن الله تعالى
يبتلي من يحب ابتلاءً يقربه منه، فهو ابتلاء عتاب لا عقاب كما يعتقد البعض، يقول
ابن عطاء: «مقام المحبة مقام العتابة يعني مقام المحبة مقام الابتلاء، وابتلاء
الله تعالى أولياءه عتاب لا عقاب، وإنها تختص بالأحباء». 
ويؤكد ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: «إذا أحب الله تعالى عبداً ابتلاه، فإن صبر اجتباه، فإن رضي اصطفاه»، فالابتلاء معيار الله تعالى يظهر فيه القريب من البعيد، والمحبون متفاوتون في القرب والبعد على قدر تفاوتهم في المحبات والابتلاءات، فكم من شخص ابتلاه الله تعالى بمرض فاقترب من الله أقرب من أي وقت مضى، ووجد لذة في الدعاء لم يشعر بها من قبل، وبدأت علاقته بالله تقوى منذ ذلك الابتلاء!
انظر أيضًا: تودَّدْ إلينا برفع البلاء
2-
رفع منزلتك في الآخرة يجعلك أكثر ابتلاءً:
إن الله تعالى
قد يكتب للإنسان منزلة لن يستطيع الوصول إليها بعمله واجتهاده، فيبتليه الله في
أهله أو ولده أو رزقه أو عمله لينال بها المنزلة الرفيعة، وهذا ما بينه النبي صلى
الله عليه وسلم. 
فعند أبي داود، وأحمد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه في جسده أو في ماله أو في ولده، ثم يصبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له منه»، وهذا رحمة من الله تعالى، وحرص منه على عبده المسلم الذي يحبه؛ لأن الفوز الحقيقي هو فوز الآخرة، والدرجات الحقيقية هي درجات الآخرة، وحين يرفع العبد إلى أعلى الدرجات والمنازل يوم القيامة، سيتمنى لو أن الابتلاءات أصبحت ملازمة له طول عمره.
انظر أيضًا: المحن مقدمات الفرج.. ولكل شدة مدة
3-
التطهير من الذنب يجعلك أكثر ابتلاءً:
لا تجزع من
البلاء، فالله تعالى أنزله عليك طُهرة من الذنوب والمعاصي، سواء كان البلاء صغيرًا
أو كبيرًا، يسيرًا أو عظيمًا، سيكفر الله عنك الذنوب بقدر هذا البلاء. 
فعن عائشة رضي
الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مصيبة تصيب المسلم إلا
كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها»، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: «لا يصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة».
وقال صلى الله
عليه وسلم: «لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله وفي ولده حتى
يلقى الله وما عليه خطيئة».
4-
الله يريد سماعك لذا يبتليك:
قد يبتليك الله
تعالى ليسمع صوتك وأنت تناجيه، يريدك أن تسأله برفع الغمة؛ لذا يُنزل عليك البلاء،
فإن نزل بك تذكرت الله تعالى، ورجعت إليه، ودعوته بقلب خاشع ويقين لأنك تعلم جيدًا
أن (لَّا مَلْجَأَ مِنَ
اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ) (التوبة: 118)، فالعبرة من الابتلاء التضرع
واللجوء إلى الله تعالى والاستعانة به، يقول سبحانه: (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ
فَأَخَذْنَاهُمْ بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)
(الأنعام: 42).
لذا، علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن التضرع لله لا يقتصر على الشدة، وأن من الأدب أن نعرف الله في كل وقت حين، قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس: «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة».
انظر أيضًا: في انتظار الساعة الخفية!
 
من هنا يتبين أن
الابتلاء ليس عقاباً من الله تعالى، وإنما دليل محبة، وارتفاع منزلة، وهذا يستدعي
الرضا بقضاء الله وقدره، والصبر على كل امتحان وابتلاء، فالبلاء لا ينزل إلا بخير،
وكما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا: «عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ
أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ
أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ
صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ».
___________________
1- أحمد فريد
المزيدي، شرح الأنفاس الروحانية للجنيد وابن عطاء.
2- الإمام أبي
عبدالله بن قيم الجوزية، عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين.
3- https://n9.cl/rguns.
4- https://n9.cl/tlh3j.
 
                                             
                     
                 
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                     
                                