5 أنواع للصحة.. أهمها «الروحانية»

محرر المنوعات

30 يوليو 2025

225

الصحة، كلمة حينما تُسمع تنصرف العقول مباشرة إلى الصحة الجسدية، وكأن الصحة كلها ما هي إلا صحة جسد، رغم أن هناك عديداً من الجوانب تستوجب الاهتمام بصحتها، مثل الجانب الروحي، والجانب النفسي والعقلي، والجانب الاجتماعي وما إلى ذلك، هذه الأمور كلها لا يمكن للإنسان أن يحيا بدونها.

يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) (الأنفال: 24)؛ فكلمة «يحييكم» كلمة عامة يُقصد بها حياة الروح بالعبادة والإيمان، والعقل بالتفكر والتدبر، والبدن باتباع التعاليم الدينية لحماية الجسد من الأمراض، والنفس بالسكينة والطمأنينة، والعلاقات الاجتماعية المشروعة بالتعاون والمشاركة والتكافل، فالصحة لم تكن يومًا جسدية فحسب، وإنما مزيج من الأمور التي تُكوّن في النهاية شخصاً صحياً في كافة جوانبه.

1- الصحة الجسدية:

الصحة الجسدية من أكثر جوانب الصحة اهتمامًا لدى كثير من الناس، واهتمت الشريعة الإسلامية بهذا النوع من الصحة، ويوجد عشرات الآيات والأحاديث التي تدل على ضرورة الاهتمام بالبدن، خاصة وأنه أمانة من الله تعالى يجب حفظها، قال تعالى: (ولَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (البقرة: 195)، وقال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خيرٌ وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف».

الدين الإسلامي يؤهلنا للتمتع بالصحة الجسدية، فنهى عن العنف والتطرف والجريمة والانحراف والبغي والفساد والخمر والإدمان والكسل والخمول حتى ينعم الإنسان بحياة الأمن والسلام، ودعا إلى الاهتمام بالجسد والصحة والسلم والهدوء والاتزان والتسامح حتى يعيش الإنسان في حياة صحية بعيدة عن الاعتداءات الجسدية، أو المساس بهذه الأمانة التي سنسأل عنها يوم القيامة.

انظر أيضًا: 4 نصائح للتخلص من الشيب المبكر


2- الصحة العقلية:

تعد الصحة النفسية من أنواع الصحة التي اهتم بها الإسلام اهتمامًا بالغًا، فدعا إلى حرية الفكر والإبداع وإعمال العقل، وتحصيل العلم، كما حث على التدبر والإدراك والحكمة والمقارنة والتأمل في مخلوقات الله تعالى لكي يصل المسلم إلى الإيمان العميق، قال تعالى: (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُون) (الذاريات: 21)، وقال تعالى: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ {17} وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ {18} وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ {19} وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) (الغاشية)؛ والناظر في هذه الآيات وغيرها في كتاب الله يجد أن الإسلام اهتم بالصحة العقلية لذا كرم العلم والعلماء، وجعل طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، كما بين صلى الله عليه وسلم.

انظر أيضًاالنسيان.. 5 توجيهات شرعية لتقوية الذاكرة


3- الصحة النفسية:

لقد جاءت الشريعة الإسلامية بالقيم الفاضلة الراسخة التي نقلت الإنسان من الظلمات إلى النور، فبينت له الفضائل الخلقية وأثرها في علو النفس والهمة والنشاط، ودورها في البناء والتعمير ورقي المجتمع وسعادته، ونشر السكينة والهدوء للإنسان للعيش متكيفاً مع نفسه ومجتمعه.

واعتبر الإسلام استقرار النفس وسلامتها جزءاً لا يتجزأ من كمال الإنسان وعبادته، لأن طمأنينة النفس تجعل صاحبها نشطًا في عبادته، وصدره منشرحًا للعمل والجد؛ ولذا أثنى الله عليها في قوله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ {27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً) (الفجر).

فالطمأنينة النفسية من أعظم مراتب الرضا، وقد مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بالحزن والضيق، وعلّم الأمة كيف تتعامل مع المشاعر السلبية كالقلق والاكتئاب والحزن، فقال صلى الله عليه وسلم: «ما أصاب عبدًا قط همٌّ ولا حزنٌ فقال: اللهم إني عبدُك، وابنُ عبدِك وابنُ أمتِك، ناصيتي بيدِك، ماضٍ فيّ حكمُك، عدلٌ فيّ قضاؤُك، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك، سميتَ به نفسَك، أو علمته أحدًا من خلقِك، أو استأثرت به في علمِ الغيبِ عندك أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حزني، وذهابَ همي وغمي إلا أذهب اللهُ همَّه وغمَّه وأبدله مكانه فرحًا».

انظر أيضًا: 4 خطوات تمنحك صفة الانضباط الذاتي

4- الصحة الاجتماعية:

لقد اهتم الإسلام بالصحة الاجتماعية، وحث على بناء أسرة متماسكة، ومجتمع متقدم من خلال التحلي بالأخلاق الفاضلة، والتصدي للظلم والعنصرية والكراهية والفساد، وأمرنا بالتمسك بكل القيم القرآنية من حب، وتعاطف، وإنسانية، وتراحم، وتكافل، وصلة للأرحام، ومشاركة وجدانية، ومحبة خالصة دون تباغض أو تشاحن.

وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حينما آخى بين المهاجرين والأنصار، ووطد العلاقات بين القبائل التي كانت متشاحنة قبل الإسلام، قال تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) (آل عمران: 103)، وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن العلاقات المشروعة التي بنيت على طاعة الله تعالى واحدة من أهم الأمور التي تجعل صاحبها تحت ظل الرحمن يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: «سبعةٌ يُظِلُّهم اللهُ في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلُّه» منهم: «رجُلانِ تحابَّا في اللهِ؛ اجتمَعا عليه وتفرَّقا عليه».

5- الصحة الروحانية:

يعتقد كثير من الناس أن عبادة الله تعالى أمر منفصل عن جوانب الحياة الأخرى، وهذا معتقد في حاجة إلى التصويب، ذلك لأن الجانب الروحي أصل كل شيء، وأن الصحة الروحانية أهم نوع من أنواع الصحة، ومن المستحيل أن يستقيم أمر مسلم به عله روحانية، لأن الله تعالى ضمن لأصحاب الصحة الروحانية حياة طيبة لا شقاء فيها.

أما هؤلاء الذين بهم علل روحانية تسببت في بعدهم عن طاعة الله تعالى فهؤلاء لهم معيشة ضيقة مليئة بالأحزان والأوجاع، قال تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى {123} وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً) (طه)، من هنا يتبين أن الصحة الروحانية هي اللبنة الأساسية لكل أنواع الصحة، فإن سلمت سلم كل شيء.

من هنا يتبين أن الإسلام اهتم بجميع الجوانب التي تؤدي إلى تمتع المسلم بصحة نفسية وعقلية وجسدية واجتماعية، وقبل كل هذا صحة روحانية وطهارة قلب، وعبادة خالصة، ونية صادقة، وصفاء للنفس من الخبث والضغائن والأحقاد والطمع، والقرآن فياض بهذه المعاني السامية والقيم الفاضلة.

 




__________________

1- فائق محمد غنايم، الإسلام والصحة النفسية.

2- سيد بن حسين العفاني، ترطيب الأفواه بذكر من يظلهم الله.

3- https://dorar.net/hadith/sharh/62791.

4- https://dorar.net/hadith/sharh/118859.


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة