6 أخطار شرعية لتجويع أهل غزة!

في الحروب تُرفع البنادق، وتُطلق الصواريخ، وتُهدم البيوت، لكن في غزة يُستخدم الخبز كسلاح، وتُقطع المياه لكسر الإرادة، ويُحاصر الأطفال حتى يجوعوا! إنها حرب من نوع آخر، حرب على البطون الخاوية، لا على الجيوش المسلحة؛ لذلك فإن تجويع أهل غزة ليس فقط انتهاكًا إنسانيًا، بل خطيئة شرعية كبرى.
ومن أهم الأخطار الشرعية المترتبة على تجويع أهل غزة ما يأتي:
1-
نقص الإيمان:
روى الطبراني في
«المعجم الكبير» عن أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَان وَجَارُهُ جَائِعٌ
إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ»؛ فالإيمان يكون ناقصاً إذا تخلى المسلم عن
إخوانه وأهل دينه وتركهم لعدوهم دون نصير أو معين.
2-
تحمل إثم الخذلان:
يعد الصمت عن
تجويع أهل غزة وعدم إغاثتهم صورة من صور الخذلان، وهو محرَّم شرعًا، فالمؤمنون
إخوة، والأخ لا يخذل أخاه، وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ
لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ».
وفي صحيح
البخاري عن عَبْد اللهِ بْن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ،
وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ
مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ
الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
3-
المشاركة في إثم الحصار:
عدم إغاثة أهل غزة وتركهم يموتون من الجوع نوع من المشاركة في الحصار، وهو إثم كبير، حيث إن كل قادر على إغاثتهم ثم تعمد حرمانهم، فإنه يعد موالياً لعدوهم، والله تعالى حذّر من اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، حيث قال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) (النساء: 144)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة: 51).
4- التعاون على الإثم والعدوان:
أمر الله عز وجل
عباده بالتعاون على البر والتقوى؛ حيث يتعاون المسلمون على إطعام جائعهم وكفالة
فقيرهم ومسكينهم، وإعانة ذوي احتياجاتهم، أما ترك المجاهدين وأهاليهم في الجوع
والعطش فإنه من أشد وأصعب الأحوال التي يتعاون فيها المسلم مع عدوه، وقد لا يشعر
بذلك، لكنه تعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا
تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة: 2)، وإن التجويع، والحصار وحرمان الغذاء
والدواء، كلها صور من العدوان المحرّم شرعًا، بل هي صورة من صور القتل البطيء.
5-
تعريض الأمة للعقوبة العامة:
يزعم بعض الناس
أن المسلم عليه بنفسه، وليس علاقة بغيره من المسلمين، فهو مسؤول عن نفسه فقط،
ويتخذ من هذا ذريعة لعدم المساندة أو النصرة، ففي مسند أحمد، عَنْ قَيْسِ بْنِ
أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: يا أَيُّهَا النَّاسُ،
إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ هَذِهِ الْآيَةَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا
يَضُرُّكُمْ مَّنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) (المائدة: 105)، وَإِنِّي
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ النَّاسَ
إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ
يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابِهِ».
والله تعالى
يقول: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً
لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ
شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الأنفال: 25)؛ حيث إن وقوع فريق من المسلمين في
المعاصي والظلم وانتشار ذلك وعمومه إنما هو سبيل إلى تعميم العقوبة على الناس
أجمعين.
6-
الجوع قد يؤدي إلى الكفر:
يعد الجوع من
أخطر الابتلاءات التي يتعرض لها الإنسان، فقد استعاذ منه النبي صلى الله عليه
وسلم، ففي سنن أبي داود بسند حسنه الألباني عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ
رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ
الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ».
وإن الجوع علامة على الفقر والحرمان، والفقر قد يجر صاحبه إلى التنازل عن مبادئه ودينه إذا كان ضعيف الإيمان، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله منه، ففي مسند أحمد بسند حسن عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ، وَالْفَقْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ»؛ أي قارب أن يوقع في الكفر لأنه يحمل على عدم الرضا بالقضاء وتسخط الرزق، وذلك يجر إلى الكفر والعياذ بالله(1).
________________
(1) الفتح
الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (4/ 63).