إذا فاتك اعتلاء القارب.. كيف تشارك في «أسطول الصمود»؟

أسامة الهتيمي

02 أكتوبر 2025

84

على مدى ما يقرب من عامين كاملين سكنت غزة -ولم تزل- كل القلوب النابضة بالإنسانية في أرجاء الدنيا، فهذه البقعة الصغيرة من الأرض غدت شاهدة على أبشع صور المأساة التي تعيشها البشرية على يد الاحتلال «الإسرائيلي»، فنساؤها وأطفالها وشيوخها وشبابها حُرموا جميعاً من أبسط حقوق الحياة بعد أن حاصرهم القتل والجوع من كل جانب، فمن لم يصرعه الرصاص أسقطه الجوع حتى صارت غزة –وبلا أدنى مبالغة– مقبرةً ليس للأحلام البريئة فحسب، ولكن أيضاً لما تبقى من مبادئ القانون وقيم حقوق الإنسان ودعاوى المدنية الزائفة!

ورغم قسوة المأساة ومحاولات طمس الحقيقة من قبل قوى الهيمنة، فإنه مع كل يوم جديد تشتعل رغبة الملايين في أرجاء الدنيا لكي يمدوا يد العون لأهل غزة؛ لعلهم يكسرون جدار الظلم أو على الأقل يخففون عنهم بعضاً من وطأة الألم والجراح، غير عابئين بنار الاحتلال التي لا يتردد لحظة في تصويب رصاصه تجاه صدور ممن ما زالوا يحتفظون بضمائر حرة.

مسيرة دولية

في مقابل هذا الواقع الصعب الذي تعيشه غزة، جاء «أسطول الصمود 2025م» الذي ضم نحو 50 قارباً بمشاركة أكثر من 300 متطوع ينتمون لـ44 دولة، منطلقاً من موانئ أوروبية وشمال أفريقيا باتجاه غزة، ليصبح رسالة عالمية شديدة اللهجة تفضح الحصار وتستنهض الضمير الدولي لوقف حرب الإبادة بحق الفلسطينيين.

الأسطول يُعد المحاولة الـ38 للإبحار تضامنًا مع غزة منذ التصعيد الصهيوني عام 2008م، التي أخفقت جميعها باستثناء واحدة بشكل جزئي.

المشاركة عن بُعد

ربما يتصور البعض أن المشاركة الفعلية في «أسطول الصمود» حكر على العشرات الذين اعتلوا القوارب فيما أنهم حرموا من هذه المشاركة التي تلبي ولو جزءاً يسيراً مما تهفو إليه نفوسهم حيث الرغبة في التضامن، وهو تصور خاطئ؛ إذ يمكن للجميع أن يشاركوا ولو عن بُعد في هذا الأسطول الذي قد يتحول إلى قوة معنوية تحيي الأمل في قلوب الفلسطينيين.

تتعدد أشكال المشاركة في «أسطول الصمود» لتسمح للآلاف، بل لعشرات ومئات الآلاف ممن لم يعتلوا القوارب بأن يكونوا فاعلين في هذا الحراك عبر مبادرات نوعية عن بُعد تضمن استمرارية الزخم وتوسع دائرة التأثير، ويبرز منها:

1- الدعاء والتضرع:

اللجوء لله تعالى والدعاء له بصدق وإخلاص يبقى الملاذ الأول والأخير لكل المؤمنين مهما اشتدت المحن وتعاظمت التحديات، وقد كان ذلك نهج النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، فلنبتهل ونتضرع لله بأن يثبت هذه الشرذمة على الصمود وأن يوفقها لتحقيق أهدافها.

2- الضغط السياسي:

لم يعد صعباً أن يصل الكثيرون في أي بقعة بالعالم بأصواتهم إلى أكبر المنظمات والمؤسسات الدولية، وهو ما يمنح مثل هؤلاء إمكانية تنظيم حملات إلكترونية لتوقيع عرائض عالمية موجهة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية وغيرها من المنظمات للمطالبة بحماية الأسطول والعمل على رفع الحصار.

كما يمكنهم أن يخاطبوا البرلمانيين المحليين كل في دولته للضغط على الحكومات للتفاعل مع الأسطول وإبداء التعاطف معه، وهو السلوك الذي نجح إلى حد كبير في بريطانيا وإيطاليا حيث أعرب نواب بريطانيون وإيطاليون عن تأييدهم للأسطول.

4- النضال الإلكتروني:

توظيف المنصات الإلكترونية مثل المواقع، بودكاست، قنوات «يوتيوب»، التواصل الاجتماعي؛ لمتابعة أخبار الأسطول لحظة بلحظة، وإيجاد حالة من التفاعل للرأي العام مع تحركاته وما يتعرض له من تهديدات أو اعتداءات.

ومن ذلك أيضاً تدريب متطوعين على تقنيات التحقق الرقمي لفضح ما يتعرض له الأسطول من هجمات سواء عبر المسيرات أو إلقاء المواد الكيميائية ليعلم العالم كله حقيقة هذا الكيان المغتصب وجرائمه النكراء.

5- تقديم المساعدات:

يمكن إنشاء صناديق تبرع شعبية بإشراف لجان محلية في الجامعات والنقابات المهنية وإطلاق قوافل برية ورمزية داخل الدول العربية والإسلامية تحمل مواد غذائية وأدوية تُسلم للهلال الأحمر أو منظمات دولية مع ربطها إعلامياً بـ«أسطول الصمود».

6- دور فني:

يمكن من خلال الفنون التعبير عن التعاطف مع الفلسطينيين وكشف الخفي مما يجري لهم عبر تقديم عروض مسرحية أو معارض فنية واقعية ورقمية أو إنتاج أفلام قصيرة أو رسوم متحركة لتوثيق مسيرة الأسطول.

7- صوت الشعوب:

ولعل تفعيل دور الشعوب أحد أهم الأشكال العملية، فإذا لم تتح الفرصة للبعض أن يكون بين نشطاء «أسطول الصمود»، فإنه يمكن أن يساهم من خلال الأحزاب أو الجمعيات أو المؤسسات الفاعلة في عقد مؤتمرات سياسية وتوعوية سواء في الجامعة أو خارجها للتعريف بجهود الأسطول وأهدافه.

8- أساطيل رمزية:

يمكن تنظيم أساطيل برية رمزية، من خلال تسيير عشرات السيارات في شوارع العواصم مزينة بالأعلام الفلسطينية، أو إقامة اعتصامات دورية أمام سفارات الاحتلال أو مكاتب الأمم المتحدة مع بث حي يربطها بالمشاركين في الأسطول لتذكير الناس بالمشهد البحري.

9- دعم قانوني:

المساهمة في تشكيل فرق بحثية لإعداد تقارير قانونية حول انتهاك الاحتلال للقانون الدولي عبر الهجمات على سفن مدنية في المياه الدولية، ومنع وصول المساعدات فضلاً عن إطلاق شبكة محامين دولية لتقديم استشارات ودعم للمشاركين الذين قد يواجهون دعاوى قضائية أو تهماً بالإرهاب.

لنساهم جميعاً في تحول الأسطول من حدث محدود لحركة شعبية دولية؛ ما سيكون له بكل تأكيد أثره الإيجابي في نفوس المشاركين، بالإضافة إلى وضع غزة في قلب الوعي الإنساني.


اقرأ أيضاً:

غزة.. و«حلف فضول» معاصر

«أسطول الصمود» يتعرض لهجمات.. ويواصل مهمته الإنسانية نحو غزة

موجة اعتراف غربية بفلسطين تشعل غضب «إسرائيل»

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة