اللجنة البرلمانية المشتركة تعتمد مشروع قانون الأوقاف المعدل: المعركة القانونية والدستورية

في خطوة مثيرة للجدل، اعتمدت اللجنة البرلمانية المشتركة (JPC) مشروع قانون الأوقاف المعدل لعام 2024، والذي يهدف إلى تعديل القوانين المتعلقة بإدارة الأوقاف في الهند.
جاء هذا القرار بأغلبية 15 صوتًا مقابل 11، رغم معارضة شديدة من بعض الأحزاب السياسية، التي وصفته بـ"غير الدستوري"، مشيرة إلى أن القانون يتدخل في الشؤون الدينية للمسلمين.
التعديلات على قانون الأوقاف
تشمل التعديلات الرئيسية في مشروع القانون إلغاء "الوقف عن طريق الاستخدام"، وهي آلية كانت تسمح باستخدام الأراضي الموقوفة لأغراض محددة، بالإضافة إلى منع إعادة فتح القضايا السابقة المتعلقة بالأوقاف.
وقد اعتُبرت هذه التعديلات خطوة نحو تعزيز الشفافية في إدارة الأوقاف، وتحقيق استفادة أكبر للمجتمعات الإسلامية، بما في ذلك النساء والأيتام والمسلمين من الطبقات الأقل حظًا.
وبحسب تصريحات رئيس اللجنة، جغدمبيكا بال، فإن الهدف من هذه التعديلات هو ضمان توزيع الموارد بشكل أكثر عدلاً وشفافية.
من جهة أخرى، أكد حزب "بهاراتيا جاناتا" (BJP) أن هذه التعديلات تمثل خطوة هامة نحو تحسين الشفافية في إدارة الأوقاف، وذلك ضمن جهود الحكومة لتعزيز النظام الإداري في مختلف القطاعات. ووفقًا للحزب، فإن القانون لا يتدخل في الشؤون الدينية للمسلمين، بل يهدف فقط إلى تحسين إدارة الأوقاف لصالح المجتمع ككل.
المعارضة والانتقادات
لكن هذه التعديلات لم تمر بدون اعتراضات، فقد اعتبرت المعارضة، بما في ذلك حزب الكونغرس وحزب "ترينامول كونغريس" (TMC)، أن القانون يتجاوز الحدود الدستورية ويتدخل بشكل غير مبرر في الشؤون الدينية للمسلمين.
ووصف زعماء المعارضة هذا التعديل بأنه محاولة للهيمنة الحكومية على الأوقاف الإسلامية وإضعاف استقلالية المجتمع المسلم في إدارة أموره الدينية والاجتماعية.
انتقدت المعارضة بشكل خاص ما وصفته بالتدخل الحكومي في إدارة الأوقاف الإسلامية، حيث اعتبرت أن الحكومة تتجاوز دورها كمشرع في القضايا الدينية الخاصة بالأقليات.
وفي هذا السياق، اعتبرت المعارضة أن هذه الخطوة قد تفتح باب التدخل الحكومي في قضايا أخرى تتعلق بالشؤون الدينية، مما يؤدي إلى تقليص حقوق المسلمين في إدارة شؤونهم الذاتية.
كما أعرب المعارضون عن قلقهم بشأن تأثير هذه التعديلات على الأوقاف في المستقبل، معتبرين أن إلغاء "الوقف عن طريق الاستخدام" قد يؤدي إلى فقدان العديد من الأوقاف التي كانت تستخدم بشكل تقليدي لدعم المجتمعات الإسلامية، مثل المدارس والمستشفيات.
وبالنسبة لهم، فإن هذه التعديلات قد تضر بالمصالح الاجتماعية للمجتمع المسلم.
انتقد كاليان بانيرجي من حزب TMC نتائج اللجنة، ووصفها بأنها "منحرفة تمامًا"، فيما حذر أسد الدين أويسي من التدخل الحكومي في مسائل الأوقاف. كما اعتبر سيد نصير حسين من حزب المؤتمر التعديلات "غير دستورية"، وأشار أ. راجا من DMK إلى إمكانية الطعن القانوني ضد القانون.
من جانبه، دافع تيجاسفي سوريا من حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) عن القانون، مؤكدًا أنه يعزز الشفافية ويعالج مشكلات سابقة في إدارة الأوقاف. كما يتضمن التعديل إلغاء بند "الوقف عن طريق الاستخدام" ويمنع إعادة فتح القضايا المتعلقة بالعقارات غير المتنازع عليها.
الحكومة والدفاع عن التعديلات
في المقابل، دافع حزب "بهاراتيا جاناتا" (BJP) عن مشروع القانون بقوة، مؤكداً أنه يمثل خطوة نحو تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الأوقاف.
وفقًا للحزب، فإن هذه التعديلات تهدف إلى القضاء على الفساد والاختلاسات التي قد تحدث في بعض الأوقاف، كما أنها تضمن أن تكون الموارد التي يتم جمعها من الأوقاف موجهة بشكل أفضل لخدمة الفئات الأكثر احتياجًا في المجتمع.
وأكد قادة BJP أن مشروع القانون لا يتعدى على الشؤون الدينية للمسلمين، بل إنه يعزز المبادئ الدستورية ويضمن توزيع الأوقاف بشكل يتماشى مع احتياجات المجتمع. وأضافوا أن القانون الجديد سيعزز الشفافية ويمنع الفساد المالي والإداري الذي قد يحدث في بعض الأوقاف.
إضافة إلى ذلك، أكد الحزب أن هذا المشروع يمثل تطبيقًا لمبدأ "العدالة الاجتماعية" ويضمن استفادة الفئات المستضعفة من الأوقاف بشكل أكبر. وأشاروا إلى أن التعديلات ستساعد في تمويل المشاريع التي تدعم التعليم والرعاية الصحية للفئات الاجتماعية الأقل حظًا، بما في ذلك النساء والأيتام.
تساؤلات حول الدستورية
من بين النقاط المثيرة للجدل التي أثارها معارضو القانون هي تساؤلاتهم حول دستورية بعض التعديلات، خاصة تلك التي تتعلق بإلغاء "الوقف عن طريق الاستخدام" ومنع إعادة فتح القضايا السابقة.
يرى المعارضون أن هذه التعديلات قد تتناقض مع حقوق الأفراد والجماعات في إدارة ممتلكاتهم وفقًا لشريعتهم الدينية، خاصة فيما يتعلق بمسائل الوقف التي تشكل جزءًا من النظام الديني الإسلامي في الهند.
وفي هذا السياق، أبدى بعض الخبراء الدستوريين قلقهم من أن هذه التعديلات قد تكون انتهاكًا للحق في الحرية الدينية التي يكفلها الدستور الهندي. ووفقًا للعديد من المحللين القانونيين، قد تواجه هذه التعديلات تحديات قانونية في المحاكم، حيث قد يتم الطعن في دستوريتها من قبل بعض الأحزاب السياسية والجماعات الدينية التي ترى أن القانون يتعارض مع الحقوق التي يكفلها الدستور للمجتمعات الدينية.
المستقبل والآفاق القانونية
من المتوقع أن يستمر الجدل حول هذا المشروع في الأسابيع المقبلة، خاصة مع تقديم التقرير إلى رئيس لوك سابها.
ومن المحتمل أن يتم فتح باب المناقشة حول الدستوريات القانونية والتأثيرات الاجتماعية لهذه التعديلات على مستوى البرلمان وفي محاكم الهند.
كما قد تواصل المعارضة الضغط على الحكومة للطعن في مشروع القانون أمام المحكمة العليا.
ومن الممكن أن تتخذ الجماعات الدينية خطوات قانونية للطعن في بعض جوانب القانون التي تعتبرها غير دستورية، وهو ما قد يخلق حالة من عدم الاستقرار القانوني حول كيفية تطبيق هذه التعديلات في المستقبل.
وخلاصة القول
إن اعتماد مشروع قانون الأوقاف المعدل من قبل اللجنة البرلمانية المشتركة يمثل خطوة هامة في مسار إصلاحات الحكومة الهندية في مجال الأوقاف.
لكن المعارضة القانونية والدستورية التي واجهتها التعديلات تشير إلى أن هذا المشروع قد يفتح أبوابًا جديدة للجدل حول الفصل بين الدين والدولة في الهند.
ستستمر المعركة حول هذا القانون، سواء على الصعيد السياسي أو القانوني، حيث يتوقع أن تكون هناك مواجهات مستمرة بين الحكومة والمعارضة حول دستورية التعديلات وتداعياتها على الشؤون الدينية في الهند.