عن الطعن المتكرر في العمل الخيري الكويتي!

للأسف الشديد أن الشعوب تسعى دائماً للتفاخر في مكتسباتها وعلامات التميز عندها، ومن ذلك ما عرفت فيه بلدنا الكويت بأنها بلد العمل الخيري مما جعل لقبها من ذلك "بلد الإنسانية".
ومنها الجائزة التي حصل عليها الشيخ صباح الأحمد
الصباح أمير الكويت الراحل رحمه الله في عام ٢٠١٤م من خلال الأمم المتحدة، فهذه العلامة
الفارقة يجب أن نعززها ونتفاخر بها، ولكن هناك من يكرر الطعن في العمل الخيري في كل
فترة لأسباب سياسية، أو خصومات شخصية أو دوافع نفسية، ويغيب عنهم التفكير الواعي والعقلاني
الاستراتيجي بأن تشويه هذا العمل هو تشويه لقيمة أخلاقية و لقوة ناعمة وعلامة تتميز
بها الكويت.
والجدير بالذكر أن اللجان والجمعيات الخيرية
الكويتية لها تاريخ طويل في العمل الإنساني، وعليها من الإجراءات المحلية الضابطة للعمل
الخيري، فتخضع لإطار قانوني وتنظيمي صارم يهدف إلى ضمان الشفافية، ومنع إساءة الاستخدام،
وتعزيز الكفاءة في توزيع المساعدات.
ومن
ذلك كما هو منتشر:
١- الإشراف الحكومي من وزارة الشؤون
الاجتماعية:
-
تتولى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الإشراف على الجمعيات واللجان الخيرية في الكويت،
يشمل ذلك تسجيل الجمعيات، مراقبة أنشطتها، والتأكد من التزامها بالقوانين.
-
القانون رقم 24 لسنة 1962 بشأن النوادي والجمعيات العامة يعدّ الأساس القانوني لتنظيم
عمل الجمعيات، بما فيها الخيرية، حيث يشترط الحصول على ترخيص رسمي من الوزارة لممارسة
أي نشاط.
٢- قانون تنظيم العمل الخيري:
-
صدر القانون رقم 1 لسنة 2016 بشأن الشركات غير الربحية لتوفير إطار حديث لتنظيم العمل
الخيري، يتضمن هذا القانون شروطاً لتأسيس الجمعيات، مثل تقديم الأهداف، خطة العمل،
ومصادر التمويل.
- أُدخلت لوائح تنفيذية (مثل القرارين
48 و49 أ لسنة 2014) لتنظيم جمع التبرعات وضمان توجيهها لأغراض مشروعة.
٣- تنظيم جمع التبرعات:
-
يُحظر جمع التبرعات دون تصريح مسبق من وزارة الشؤون، يجب أن يحدد التصريح الهدف من
التبرعات، الجهة المستفيدة، والمدة الزمنية للحملة.
-
تُلزم الجمعيات بتقديم تقارير مالية دورية توضح مصادر الأموال وكيفية صرفها، وتخضع
هذه التقارير للتدقيق من الوزارة.
٤- الرقابة المالية والشفافية:
-
تُشرف هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) ووزارة المالية بالتعاون مع وزارة الشؤون على الجوانب
المالية للعمل الخيري لمنع غسيل الأموال أو تمويل أنشطة غير قانونية.
-
تُطالب الجمعيات بالاحتفاظ بسجلات دقيقة وشفافة، ويُمكن للجهات الرقابية إجراء تفتيش
مفاجئ إذا لزم الأمر.
٥- العقوبات على المخالفات:
-
في حالة مخالفة الجمعيات للقوانين (مثل جمع تبرعات غير مرخصة أو استخدام الأموال بطريقة
غير قانونية)، يمكن للوزارة فرض عقوبات تتراوح بين الإنذار، تعليق النشاط، وحتى حل
الجمعية بقرار قضائي.
٦- التدقيق الأمني:
-
منذ عام 2019، أُعلن عن تدقيق أمني للعاملين في الجمعيات الخيرية، خاصة الوافدين، للتأكد
من خلو سجلاتهم من أي قيود أمنية، وذلك بالتنسيق مع وزارة الداخلية.
٧- التوجه نحو الرقمنة:
-
أُطلقت مبادرات لتسهيل الإجراءات عبر منصات إلكترونية مثل تطبيق "سهل" الحكومي،
حيث يمكن تقديم طلبات الترخيص أو التصاريح لجمع التبرعات إلكترونياً، مما يعزز الشفافية
ويقلل البيروقراطية.
٨- التعاون الدولي:
-
تتعاون الكويت في المعايير الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال (مثل توصيات
مجموعة العمل المالي FATF)، مما يفرض رقابة إضافية على تحويل الأموال الخيرية خارج البلاد.
أمثلة عملية:
- في يوليو 2019، طالبت وزيرة الشؤون السابقة
مريم العقيل مجلس الأمة باستعجال مناقشة مشروع قانون جديد للعمل الخيري (المرسوم
43 لسنة 2018)، لتعزيز الرقابة وتطوير الأداء.
- في مارس 2025، أكدت وزيرة الشؤون الحالية د.
أمثال الحويلة حرص الوزارة على الرقابة المستمرة للقطاع الخيري للحفاظ على مكانة الكويت
الإنسانية.
وقد حصلت العديد منها على جوائز وشهادات تقدير
محلية ودولية تكريماً لجهودها المتميزة، مثل جمعية الرحمة العالمية حصلت على جائزة
ISO 9001:2015 في معايير الشفافية والجودة، جائزة خالد العيسى الصالح
٢٠٢٤م، وكذلك نماء الخيرية، وتعاون الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية مع منظمة اليونيسيف،
وحصول جمعية النجاة الخيرية على جائزة الشارقة للعمل التطوعي ٢٠١٧م، وغيرها كثير من
الجوائز والشهادات للعديد من اللجان والجمعيات.
لذلك فالعمل الخيري ونجاحه أيضاً لا يجعلنا بالمقابل
ننزهه مطلقاً فهو أمر غير معقول، لأن من يقوم عليه بشر يتعرض كثير منهم للخطأ وبعضهم
للمخالفة، ولكن جوهر الأمر في كيفية حل الخطأ والتعامل مع المخالفة من غير أن نهدم
العمل كله ونجعله محل الشك والريب لأي سبب متداخل أو عارض.