غضب عالمي من الهجوم الصهيوني على «أسطول الصمود»

سيف باكير

02 أكتوبر 2025

52

في مشهد يذكّر بحادثة «مافي مرمرة» عام 2010م، عاد الاحتلال الصهيوني إلى ممارسة قرصنته البحرية ضد سفن التضامن المتجهة إلى غزة، فمساء أمس الأربعاء، وفي المياه الدولية، اعترضت البحرية «الإسرائيلية» «أسطول الصمود العالمي» الذي يضم عشرات السفن المحمّلة بمساعدات إنسانية ومتضامنين دوليين، في رحلة تهدف إلى كسر الحصار المستمر على قطاع غزة منذ ما يزيد على 18 عامًا.

العملية بدأت حين طوّقت الزوارق الحربية «الإسرائيلية» قوارب الأسطول، وأجبرت 13 سفينة من أصل 44 على تغيير مسارها نحو ميناء أسدود، وسط اعتداءات وصفت بالعدوانية، شملت صدم قارب «فلوريدا» عمدًا، واستهداف قوارب أخرى مثل «يولارا»، و«ميتيك» بخراطيم المياه.

وأكد متحدث باسم الأسطول أن ما جرى ليس مجرد اعتراض، بل هجوم صريح يستهدف كسر روح التضامن مع غزة.

تبريرات «إسرائيلية» وقرصنة معلنة

«هيئة البث العبرية» أفادت بأن الجيش «الإسرائيلي» سيطر حتى الآن على أكثر من 40 سفينة من «أسطول الصمود العالمي»، مشيرة إلى أن مئات المشاركين يجري نقلهم إلى ميناء أسدود، بين خيار الترحيل الطوعي أو مواجهة إجراءات قضائية للترحيل القسري، وأضافت أن قوات الجيش والبحرية تواصل عمليات المسح البحري للتأكد من عدم نجاح أي سفينة في الاقتراب من غزة.

وزارة الخارجية «الإسرائيلية» أعلنت أن جميع المشاركين سيتم اقتيادهم إلى «إسرائيل» تمهيدًا لترحيلهم إلى أوروبا، في خطوة وُصفت بأنها اختطاف جماعي يخالف القوانين الدولية والبحرية.

سفينة وصلت غزة

ورغم الهجوم، أفاد مراسل «الجزيرة» المشارك في «أسطول الصمود العالمي» حسان مسعود بأن سفينة «ميكونو – البيرة» نجحت في الوصول إلى المياه الإقليمية لقطاع غزة، في تطور لافت قد يحمل رمزية قوية وسط محاولات الاحتلال لقطع الطريق على الأسطول.

موجة إدانات دولية متصاعدة

ردود الفعل الدولية جاءت سريعة ومتتالية، وزير الخارجية الأيرلندي سيمون هاريس اعتبر الاعتراض مثيرًا للقلق، مؤكدًا ضرورة معاملة النشطاء وفق القانون الدولي.

أما فرنسا، عبر وزير خارجيتها جان نويل بارو، فطالبت بضمان سلامة المتضامنين وتوفير الحماية القنصلية لهم، وأعلنت أنها على تواصل مباشر مع «تل أبيب» بشأن مواطنيها.

فيما شددت «الخارجية السويسرية» على أن أي تدخل يجب أن يلتزم بمبدأي الضرورة والتناسب، فيما اعتبرت تركيا الهجوم عملًا إرهابيًا يستهدف إرادة الشعوب الحرة.

وإسبانيا أكدت متابعتها الحثيثة لوضع المشاركين، بينما دعت بلجيكا «إسرائيل» لاحترام القانون البحري.

من جانبها، أدانت مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي ما وصفته بـ«الاختطاف غير القانوني»، مؤكدة أن العار لا يقع على «إسرائيل» وحدها، بل على الحكومات الغربية التي تواطأت معها.

مواقف فلسطينية: قرصنة وإرهاب

الفصائل الفلسطينية اعتبرت العملية قرصنة بحرية مكتملة الأركان، فحركة «حماس» وصفت اعتراض الأسطول واعتقال الناشطين بأنه إرهاب منظم، وطالبت المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته.

بينما شددت حركة «الجهاد الإسلامي» على أن ما جرى خرق فاضح للمواثيق الدولية والإنسانية، محمّلة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن سلامة المشاركين.

مظاهرات بمدن أوروبية وعربية

الغضب لم يقتصر على الدبلوماسية، بل امتد إلى الشارع، ففي برلين أغلق متظاهرون محطة القطارات المركزية تنديدًا بالهجوم، وفي روما ومدن إيطالية أخرى، رفع الآلاف شعارات ضد التواطؤ الحكومي مع «إسرائيل»، وفي برشلونة وبروكسل وباريس وأثينا وإسطنبول شهدت بدورها مسيرات غاضبة، كما خرج المئات في تونس رفضًا للاعتداء على الأسطول.

إضراب عالمي

وفي إيطاليا، لم يقتصر الموقف على البيانات، إذ أعلن الاتحاد الإيطالي العام للعمل عن إضراب عام يوم الجمعة احتجاجًا على اعتراض الأسطول.

وفي خطوة أخرى، دعت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة إلى إضراب عالمي مفتوح ضد الصهيونية، اعتباراً من اليوم الخميس، حتى رفع الحصار المفروض على القطاع.

بهذا الهجوم، يفتح الاحتلال فصلًا جديدًا من حربه على التضامن العالمي مع غزة، حرب تتجاوز الحصار المادي إلى حصار الإرادة الإنسانية، لكن الموجة العارمة من الإدانة والاحتجاجات الشعبية تعكس أن «أسطول الصمود» لم يكن مجرد قافلة بحرية، وإنما عنوان لصراع أكبر؛ صراع بين حصار يفرضه الاحتلال، وإرادة عالمية تسعى لكسره.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة