24 فبراير 2025

|

5 أمور يجب أن تعرفها عن تقنية «الهولوجرام».. أهمها رأي الدين

محرر المنوعات

24 فبراير 2025

59

أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولم تدع بابًا إلا وطرقته بكل ما تحمله من مزايا وعيوب، فاللبيب من أغنى نفسه بمزاياها، واستغنى عن عيوبها، ولبست التكنولوجيا أثوابًا مختلفة، حيث ظهرت في أدوات الذكاء الاصطناعي، ومن ثم الاتصالات والروبوتات، والطباعة ثلاثية الأبعاد، إلى أن وصلت لمرحة تجسيد الأشخاص والأشياء في صورة تبدو للوهلة الأولى حقيقية، ويعود تسارُع التكنولوجيا إلى التنافس المتزايد بين الشركات والدول لابتكار مزيدًا من الحلول الابتكارية الأكثر ذكاءً، بالإضافة إلى التراكم المعرفي المستمر.

وتعد تقنية «الهولوجرام» (Hologram) واحدة من أحدث التقنيات التكنولوجية التي تقوم بتسجيل الصور وعرضها في شكل ثلاثي الأبعاد، ومن ثم تظهر هذه الصور (الافتراضية) في البيئة الحقيقية بطريقة تجعلها تبدو وكأنها تطفو في الهواء دون حاجة إلى شاشة عرض.

فبإمكان تقنية «الهولوجرام» أن تجسد صورة لجد جدك الذي توفي من أكثر من 100 عام وهو واقف في أحد أركان المنزل وكأنه موجود حقًا! كأنه لم يمت! 

من هنا اختلف العلماء والمفكرون حول هذه التقنية، ومدى إمكانية استخدامها في مجالات مختلفة، وهل استخدامها مباح؟ أم يتعارض مع القيم الدينية؟ وقبل أن نجيب عن هذه التساؤلات، ونوضح هذه الشبهات، لا بد أن نسلط الضوء على عدة أمور، منها:

1- كيفية عمل تقنية «الهولوجرام»:

تعتمد هذه التقنية على عرض الأشياء والأشخاص في صورة ثلاثية الأبعاد باستخدام الضوء، وأشعة الليزر، وذلك لخلق وإنشاء تأثير بصري يبدو كصورة حقيقية تتحرك بشكل واقعي، وتمر هذه العملية بعدة خطوات:

- التصوير الهولوجرامي: وفي هذه الخطوة يتم تسجيل الصورة باستخدام مصدر ضوء قوي مثل أشعة الليزر، ويتم توجيه هذه الأشعة إلى مرآة مقسمة تقوم بفصل الضوء إلى شعاعين رئيسين، وبعد التقاء هذه الأشعة يتم تسجيل نمط التدخل الضوئي (النمط الذي يحمل معلومات ثلاثية الأبعاد عن الجسم الذي تم تصويره).

- تخزين المعلومات الهوموجرامية: حيث يتم تسجيل نمط التداخل كصورة مجهرية لا تتشابه مع الصورة التقليدية، ذلك لأنها تظهر كنمط متشابك من النقاط والخطوط التي يستحيل تفسيرها بالعين المجردة، وتحمل هذه المعلومات تفاصيل الأبعاد والزوايا والعمق التي يتم من خلالها إعادة تشكيل الصورة عند إعادة عرضها.

- عرض لصورة الهولوجرامية: ويتم في هذه المرحلة إعادة تكون الصورة المسجلة عندما يتم تسليط مصدر ضوئي معين على النمط المخزن أو المسجل، حينها يتم إعادة إنتاج الصورة الأصلية ثلاثية الأبعاد لتظهر وكأنها تطفو في الهواء، بالإضافة إلى إمكانية رؤيتها من زوايا مختلفة، وهذا في حد ذاته يخلق إحساسًا واقعيًا بالأبعاد والعمق؛ ما يجعل الصورة تبدوا وكأنها جسم حقيقي. 

2- مجالات استخدام تقنية «الهولوجرام»:

أصبحت هذه التقنية تستخدم في العديد من المجالات، ذلك لقدرتها العالية على عرض الصور ثلاثية الأبعاد بشكل واقعي، ومذهل، وجذاب للغاية، ومن المجالات التي تستخدم فيها هذه التقنية:

- المجال الطبي: حيث تستخدم في التشخيص والجراحة من خلال عرض صور ثلاثية الأبعاد لأعضاء الإنسان الداخلية، ويسهم ذلك في فهم الحالات المرضية، وبالتالي إجراء العمليات بدقة.

- التعليم والتدريب: وذلك من خلال استخدامها لشرح المفاهيم المعقدة في الفيزياء، والكيمياء، والفضاء وما إلى ذلك، حيث يتم عرض المفاهيم في صورة ثلاثية الأبعاد تمكن الطلاب والباحثين من التعرف على كافة تفاصيلها.

- الترفيه والإعلام: وأحدث الأمثلة على استخدام هذه التقنية في مجال الترفيه والتمثيل إحياء حفلات النجوم الراحلين مثل أم كلثوم، ومن ثم استخدمت التقية في السينما والعروض المسرحية.

- التسويق والإعلان: حيث أصبحت المتاجر تستخدم لجذب العملاء من خلال عرض المنتجات في شكل ثلاثي الأبعاد؛ ما يجذب المستهلكين ويمكنهم من رية المنتجات من مختلف الزوايا وبطريقة مبتكرة.

واستخدمت تقنية الهولوجرام أيضًا في العديد من المجالات الأخرى، مثل: المجال العسكري، والهندسة والتصميم، والسياحة والتراث، والاتصالات، والاجتماعات الافتراضية، وعلم الفلك والفضاء.. إلخ، بدءاً من التعليم والطب، وحتى الترفيه والتسويق.

3- فوائد تقنية «الهولوجرام»:

إن لتقنية «الهولوجرام» العديد من الفوائد في مختلف المجالات، فعلى سبيل المثال يمكن أن تقدم هذه التقنية تجارب العرض والتفاعل من خلال توفير صور ثلاثية الأبعاد يمكن رؤيتها من زوايا متعددة؛ ما يضفي على التجربة الواقعية مقارنة بالشاشات التقليدية، كما تمنح المستخدمين القدرة على التفاعلية، وتستخدم لتدريب الأطباء، والمهندسين، والطيارين، وأصحاب المهن الأخرى من خلال عرض نماذج ثلاثية الأبعاد لكافة التخصصات، بل ساعدت المعماريين في عرض تصاميم المشاريع والمباني المختلفة قبل تنفيذها، كما استخدمت في تعزيز الأمن والدفاع من خلال توظيفها في التخطيط والتدريب العسكري، وعرض الخرائط للمواقع الجغرافية.. إلخ.

4- عيوب تقنية «الهولوجرام»:

على الرغم من الفوائد الكبيرة لتقنية «الهولوجرام»، فإنها تحمل في طياتها العديد من العيوب، فعلى سبيل المثال؛ تحتاج هذه التقنية إلى تكلفة عالية خاصة وأنها تحتاج إلى أجهزة متطورة مثل أشعة الليزر، وأجهزة المعالجة، كما تحتاج هذه التقنية إلى بيئة مناسبة للعرض، فالإضاءة القليلة أو الكثيرة قد تؤثر على جودة الصورة، كما أن بعض التطبيقات الخاصة بهذه التقنية ما زالت تعاني من مشكلات في جودة الصورة، ووضوحها، مقارنة بالشاشات عالية الدقة، وتحتاج هذه التقنية أيضًا إلى معدات إضافية يصعب توفيرها مثل مستشعرات الحركة، بالإضافة إلى عدم انتشارها الواسع في الحياة اليومية، أي أنها غير متاحة في الأسواق الاستهلاكية؛ ولذا تظل فوائدها مقتصرة على مجتمعات معينة، وفئات محددة.

ومن أبرز عيوب هذه التقنية أنها قد تستخدم في انتحال الشخصيات من خلال استخدام هولوجرامات لهم؛ ما قد يكون مصدرًا كبيرًا للمشكلات الأمنية.

5- رأي الدين في استخدام تقنية «الهولوجرام»:

تعددت المواقف والآراء الدينية حول تقنية «الهولوجرام»، حيث يرى البعض أنها وسيلة مفيدة يمكن استخدامها في مجالات مختلفة كالتعليم، والتدريب، والطب وما إلى ذلك، ولذا لا خلاف على التقنية ذاتها، بل اختلف العديد من العلماء ورجال الدين على استخدام هذه التقنية في تجسيد الشخصيات المختلفة بما يتنافى مع القيم الدينية، ويثير العديد من الشبهات. 

وظهرت هذه الشبهات بعدما استخدمت تقنية «الهولوجرام» في تجسيد أم كلثوم وظهورها في شكل ثلاثي الأبعاد خلال إحدى حفلاتها؛ الأمر الذي أصاب جميع الحضور بالدهشة والتعجب، وسبب جدلًا كبيرًا حول إذا كانت تلك التقنية حراماً أم حلالاً، وعلى الرغم من تعدد الآراء، فإن الرأي الأحوط والأصح أن هذه التقنية إذا اقتصرت على تجسيد ورسم ذوات الأرواح فإنها حرام، وهذا ليس من باب الشرك بالله عز وجل، إلا أنه كبيرة من الكبائر، كونه يحاكي ما تم صناعته من الله عز وجل.

فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ»، وفي الصحيحين أيضًا من حديث ابن عمر قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ».

من هنا يمكن القول: إن هذه التقنية تعامل معاملة التصوير الفوتوغرافي؛ أي أنها ليست حراماً في المجمل، لكن المحرم منها الذي يكون تشكيلًا لذوات الأرواح، كالبشر والحيوانات، وذلك لسببين: 

1- إن تصوير ذوات الأرواح يعتبر محاكاة لخلق الله.

2- إن تصوير ذوات الأرواح قد يكون باباً يؤدي إلى الوقوع في الشرك والعياذ بالله.

إن تقنية «الهولوجرام» بحد ذاتها ليست محلًا للنقاش الديني؛ هل «الهولوجرام» حلال أم حرام، إنما تجسيد الأجسام، والصور، والمحتوى الذي يتم عرضه باستخدامها هو ما يتطلب حتمًا النظر الديني.


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة