22 فبراير 2025

|

«كاميرا».. المنظمة الصهيونية التي تراقب الإعلام وتبتز المفكرين!

ندى جمال

28 يناير 2025

5943

اسمها «كاميرا»، تتسلط وتتدخل في كل خبر أو رأي أو تقرير يخص أو يشير إلى الكيان الصهيوني، قد يبدو أن الاسم استلهم من آلة التصوير المعروفة الكاميرا، ولكن الأمر مختلف، فكلمة كاميرا التي تشير إلى تلك المؤسسة مأخوذة من الحروف الأولى لمنظمة «Committee for Accuracy in Middle East Reporting in America»؛ وتعني «لجنة الدقة في إعداد التقارير عن الشرق الأوسط في أمريكا».

تأسست لجنة «كاميرا» في عام 1982م للرد على تغطية صحيفة «واشنطن بوست» للغزو «الإسرائيلي» للدولة اللبنانية، وكانت الصحيفة قد انتقدت وحشية وهمجية الغزو الصهيوني للبنان حينها ولم تبرره، وهذا ما اعتبره اللوبي الصهيوني تحيزًا ضد «إسرائيل» من وسائل الإعلام.

معارك ضارية وأنشطة مشبوهة

تذكر «الموسوعة الحرة» (ويكيبيديا) أنه في عام 2008م، أطلقت منظمة «كاميرا» حملة لتغيير مقالات «ويكيبيديا» لتتحول لدعم الجانب الصهيوني، واقترحت الحملة أن يتظاهر المحررون المؤيدون لـ«إسرائيل» بالاهتمام بموضوعات أخرى حتى يتم انتخابهم كمسؤولين، وبمجرد أن يصبحوا مسؤولين، يقومون بإساءة استخدام سلطاتهم الإدارية لقمع المحررين المؤيدين للفلسطينيين ودعم المحررين المؤيدين لـ«إسرائيل»، وقد تم حظر بعض أعضاء هذه المؤامرة من قبل مسؤولي «ويكيبيديا»، وسجلت الموسوعة ذلك على صفحاتها على الشبكة العنكبوتية.

مكارثية «كاميرا»

اتهمت «كاميرا» راديو «NPR» (الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية) بافتقار تغطيته للانتفاضة الثانية في فلسطين المحتلة للتوازن مع تحيز شديد ضد «إسرائيل»، وقالت «كاميرا»: إن الصحفي لورين جينكينز لديه سجل طويل من التحزب لصالح وجهات النظر الفلسطينية، ولكن جيفري دفوركين، أمين المظالم في الإذاعة الوطنية العامة آنذاك، قال: إن اللجنة استخدمت اقتباسات انتقائية وتعريفات ذاتية لما تعتبره تحيزاً مؤيداً للفلسطينيين في صياغة نتائجها، وإنه شعر أن حملة «كاميرا» كانت نوعاً من المكارثية.

ووجهت منظمة «كاميرا» انتقادات شديدة للأستاذين جون ميرشايمر من جامعة شيكاغو، وستيفن والت من جامعة هارفارد؛ بسبب كتابهما اللوبي «الإسرائيلي» والسياسة الخارجية الأمريكية الصادر عام 2007م، وفيه يقرر ميرشايمر ووال أن اللوبي «الإسرائيلي» في الولايات المتحدة يؤثر بشكل كبير على السياسة الخارجية الأمريكية بطريقة تعود بالنفع على «إسرائيل»، وأحياناً على حساب المصالح الوطنية الأمريكية. 

وأجبرت «كاميرا» «القناة الفرنسية الثانية» في عام 2000م على التراجع عن تقريرها الذي قال: إنّ الطفل محمد الدرة قُتل بنيران «إسرائيلية»، وادعت أن الطفل قتل أثناء تبادل لإطلاق النار بين فلسطينيين والجيش الصهيوني. 

معركة «طوفان الأقصى»

دخلت «كاميرا» في معارك مع كل من حاول أن ينصف الفلسطينيين بكلمة أو بمداخلة أو بمقال أو بتدوينة على شبكة الإنترنت، وكذلك لأنها تحدثت عن الفصل العنصري في الكيان.

فقد اتهمت «كاميرا» الجمعية التاريخية الأمريكية التي تضم أكثر من 10 آلاف مؤرخ بالانحياز ضد الكيان الصهيوني؛ لأن أكثر من 400 من أعضائها صوتوا لصالح طرح قرار يدين «إسرائيل» بسبب جريمة قتل الطلاب وتدمير المدارس عمداً، معتبرين أن تدمير المدارس وقتل الطلاب في غزة جريمة خيالية حسب موقع اللجنة. 

واتهمت «كاميرا» مقدم برنامج عالم الأسبوع على قناة «فرانس 24»، بمعاداة السامية؛ لأنه انتقد سلوك نتنياهو بعد «طوفان الأقصى» قائلاً: إن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو هو الشخص الذي أشعل فتيل الصراع في المقام الأول.

ويشن موقع كاميرا حملة على «أمنستي إنترناشيونال» لحقوق الإنسان، متهماً إياها بالوقاحة؛ لأنها اتهمت «إسرائيل» بشن حرب إبادة على غزة، وكذلك لأنها تحدثت عن الفصل العنصري في الكيان.

ولم تسلم منها حتى بعض الصحف الصهيونية مثل «جيروزاليم بوسط»، فقد  انتقدت «كاميرا» الصحيفة لأسباب مختلفة، من بينها استخدام مصطلحات مثل فلسطين، ودفعتها إلى إجراء تصحيحات لاستخدامها مصطلح فلسطين للإشارة إلى كيان حالي، وهو ما زعمت اللجنة أنه غير دقيق. 

وسائل «كاميرا»

لدى منظمة «كاميرا» الصهيونية فروع في أغلب المدن الأمريكية الكبرى، مثل نيويورك وشيكاغو وواشنطن العاصمة ولوس أنجلوس وميامي وبوسطن، ولها فرع في الكيان الصهيوني، ويتجاوز عدد أعضائها 65 ألفاً من الكتَّاب والصحفيين والمفكرين والمؤثرين مدفوعي الأجر، ويذكر موقع كاميرا الإلكتروني أن لديها 46 منفذًا إخباريًا. 

نشرت «كاميرا» على موقعها على الشبكة العنكبوتية: أرسل أعضاؤنا المتفانون 8272 رسالة وتغريدة إلى الصحفيين والمحررين والمنافذ الإعلامية في جميع أنحاء العالم، حيث أدانوا عدم الدقة ودافعوا عن التقارير الواقعية، وأسفرت جهودهم عن نشر 616 رسالة إلى المحرر؛ مما أدى إلى تضخيم الحقائق لملايين القراء وتوضيح الأمور. 

وتضيف أن محلليها نشروا أكثر من 1000 مقال وتقرير، بهدف تفكيك المعلومات المضللة وكشف التحيز! وقام موظفوها في «إسرائيل» بتأمين مئات التصحيحات في وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية و«الإسرائيلية»؛ وأنجزوا 120 تصحيحًا لوكالة «أسوشيتد برس» وحدها، وتذكر أن فريق البحث التابع لها نشر تقارير استقصائية تصدت للسرديات المعادية لـ«إسرائيل» في منافذ الأخبار الرئيسة وفي الجامعات النخبوية مثل جامعة براون.

«كاميرا» مجرد نموذج واحد للجهد المحموم الذي تقوم به دولة الكيان الصهيوني لتشويه الحقيقة وشيطنة المقاومين للهيمنة الصهيونية وتضليل الجماهير في أنحاء العالم، فهناك عشرات من المنظمات التي تقوم بنفس الدور أو أدوار مشابهة بعضها متخصص في الشباب والجامعات، وبعضها متخصص في المراهقين، وبعضها موجه للعوام، والبعض الآخر موجه للمثقفين والأكاديميين مثل شبكة الدفاع عن «إسرائيل»، وقف معنا، والهاسبارا، والمنظمة الصهيونية الأمريكية.. والقائمة تطول، عشرات المنظمات التي تستخدمها دولة الكيان الصهيوني إعلامياً يعمل فيها عشرات الآلاف وتضخ فيها المليارات.

___________________________

(1) https://en.wikipedia.org/wiki/Committee_for_Accuracy_in_Middle_East_Reporting_in_America.

(2) https://www.camera.org/.


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة