تمر اليوم ذكرى غزو «صدام» الغاشم لدولة الكويت (2 أغسطس 1990م)، ذلك الحدث الذي كان سبباً في غالبية النكبات التي تعرضت لها الأمة في العقود الثلاثة الأخيرة.
فبالإضافة لما سببه هذا الغزو الهمجي من تدمير لجزء كبير من مقدرات الكويت والدول الخليجية (في عملية التدمير ثم إعادة البناء، والفاتورة الكبيرة للتحرير)، فإنه تسبب في تراجع القضية المركزية للأمة الإسلامية؛ ألا وهي قضية فلسطين أرض الإسراء والرباط، بعد أن أوجد شرخاً في الأمة، وضعفت وتفككت طبقاً لموقفها من الغزو العراقي الغاشم، واهتزت الثقة فيما بين الدول العربية.. واخترق العدو الصهيوني صفوفها، وقام بتحييد غالبية الدول العربية والإسلامية (ناهيك عن الدول التي تدعمه سراً)، واستفرد بكامل الدولة الفلسطينية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، لافتراسها، فأصبح يعيث فيها فساداً دون أن يردعه أحد.
فها هي الحملة الاستعمارية الصهيونية الضارية على القدس والمسجد الأقصى تتواصل، لتصل ذروتها بالإعداد لاحتلال المسجد الأقصى ومحاولة تقسيمه.
لقد آن للموقف العربي والإسلامي أن يكون أكثر قوة وصلابة في مواجهة الصلف الصهيوني والدعم الأمريكي والغربي اللامحدود لهم وفي عدوانهم.. وآن لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي الاضطلاع بمسؤولياتها، والتحرك بأسرع وقت؛ لمواجهة عمليات التهويد، والاعتداء على المقدسات.. وآن للحكومات العربية والإسلامية أن تسارع لتقديم الدعم بكل أنواعه لأهلنا في فلسطين والقدس؛ حتى يواصلوا صمودهم وكفاحهم دفاعاً عن أرضنا ومقدساتنا.. كما أن الشعوب العربية والإسلامية مطالبة بالتحرك لدعم إخوانهم في فلسطين، والالتفاف حول راية «المقاومة»، وتقديم كافة أنواع الدعم المتاحة لديهم.
إن الأرض المباركة – وفي قلبها القدس – تنادي كل مسلم، بل كل حرّ شريف أن يقف وقفة مع نفسه ومع الآخرين ليسأل نفسه: ماذا فعلتُ لإنقاذ القدس وفلسطين، وهذا المسجد المبارك؟
إن القدس ستظل عربية إسلامية، وإن المسجد الأقصى سيظل شامخاً في مكانه، وإن فلسطين ستعود لأهلها إن شاء الله تعالى، وإن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لم تهتز ثقتهم في نصر الله سبحانه على تلك العصابة المجرمة.
تتبقى الدروس والعبر التي نخلص بها من غزو «صدام» الغاشم للكويت، ويأتي على رأسها أن الاستبداد والدكتاتورية والطغيان تسبب في قيادة المنطقة إلى حروب مدمرة، وأن الشعوب مطالبة بمقاومة هذه الآفات التي تؤدي إلى هلاك الأمم.