مع بدء نظر محكمة الاحتلال “الإسرائيلية” العليا، اليوم الإثنين، في التماسات ضد إخلاء 4 منازل في حي الشيخ جراح، بمدينة القدس الشرقية المحتلة، يخشى السكان من صدور قرارات بتهجيرهم من منازلهم.
وفي الحي الذي استقطب الأنظار خلال الأشهر الماضية، فإن القلق مما هو آت يكاد يكون سيد الموقف، خاصة أن محاولات لإخلاء 4 عائلات من مساكنهم، جرت في إبريل الماضي، ساهمت في تفجير الأوضاع بسائر الأراضي الفلسطينية.
وتخلل تلك الأحداث تصعيد عسكري بقطاع غزة، في 10 مايو وحتى 21 من الشهر ذاته، بين “إسرائيل” وفصائل المقاومة الفلسطينية لتسفر إجمالاً عن استشهاد مئات الفلسطينيين وجرح الآلاف.
وأجلت المحكمة العليا في “تل أبيب” جلسة، للبت في القضية كانت مقررة في 10 مايو، إلى اليوم (الإثنين)، ما ساهم في تهدئة حدة التوتر داخل الحي في الأسابيع القليلة الماضية.
وأعادت الجلسة المقررة اليوم الإثنين للنظر في التماسات قدمتها العائلات الأربع للمحكمة، ضد إخلائها من منازلها، المخاوف لها من جديد.
توقعات بالتأجيل
ويتوقع نبيل الكرد (76 عاماً)، وهو أحد المهددين بالإخلاء، أن تؤجل المحكمة إصدار قرارها.
وقال الكرد لوكالة “الأناضول”: اليوم الإثنين سيكون هناك رد على الاستئناف الذي تقدمنا به، نحن لا نعلم ما الذي سيحصل بالمحكمة، ولكن أتوقع أن يكون هناك تأجيل للقرار.
ويعتقد الكرد أن من المفروض أن تتخذ المحكمة قراراً “عقلانياً”، لأنه إذا ما تم اتخاذ قرار بالتهجير “فستنفجر الأوضاع ليس فقط في القدس وحدها وفلسطين وإنما العالم أجمع، فما يقومون به هو جريمة حرب”.
وعائلة الكرد هي واحدة من 4 عائلات قررت المحكمة المركزية “الإسرائيلية”، مطلع العام الجاري، إخلاءها من منازلها لصالح مستوطنين.
والتمست العائلات إلى المحكمة العليا “الإسرائيلية” أعلى هيئة قضائية في “إسرائيل” ضد قرارات الإخلاء.
ويخشى سكان الحي البالغ عددهم نحو 550 شخصاً قراراً قد يؤثر على مستقبل وجودهم في الحي.
وتسكن في الحي 38 عائلة، بعد أن جرى في السنوات الماضية إخلاء 3 عائلات من منازلها لصالح مستوطنين.
وتقيم العائلات في الحي منذ العام 1956 بموجب اتفاق مع الحكومة الأردنية آنذاك، ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ولكن جماعات استيطانية “إسرائيلية” بدأت في العام 1972 بمطالبة العائلات بإخلاء منازلها، بداعي أنها مقامة على أرض كانت بملكية يهودية قبل العام 1948وهو ما ينفيه الفلسطينيون.
وكانت “إسرائيل” قد احتلت القدس الشرقية في العام 1967، وأعلنتها بشقيها الشرقي والغربي، عاصمة موحدة لها.
وأكد الكرد أن القضية بين أهل القدس والحكومة “الإسرائيلية”؛ لأن القرار سياسي بحت وليس قانونياً؛ فـ”الإسرائيليون” من الناحية القانونية استنفدوا كل الإجراءات.
وتابع: نحن في هذه القضية منذ العام 1972، الترحيل هو ترحيل قسري وجريمة حرب؛ لأننا في مدينة محتلة وهم يتصرفون عكس القانون.
وأكمل: (الإسرائيليون) يريدون إخراجي كفلسطيني من هذه الأرض المحتلة، وإسكان المستوطنين في بيتي، وهذا غير مقبول قانونياً.
ويعوّل سكان الحي على الضغط الدولي تجاه “إسرائيل” لوقف قرارات الإخلاء.
وأردف الكرد: الضغط الدولي يؤثر، وهناك سوابق ليس فقط في “إسرائيل”، وإنما أماكن أخرى عديدة، والضغط لا يتحقق إلا إذا كنت صاحب حق.
وزاد: أنا شرحت قضيتي للعالم، وهي قضية الفلسطينيين في كل فلسطين؛ فما حدث معنا من تهجير في العام 1948 تجري محاولة تكراره الآن في الشيخ جراح.
وقالت وسائل إعلام عبرية: إن الحكومة “الإسرائيلية” تتجه إلى تأجيل قرارات الإخلاء، لتفادي الضغوط الدولية.
ولكن الكرد قال: الله أعلم، لقد قرأنا بالإعلام “الإسرائيلي” أنهم ينوون تجميد الإخلاء ولكن لا نأخذ المعلومات إلا من المحامين.
أوراق تركية وأردنية
من جهته، يُبدي عارف حمّاد، أحد سكان الشيخ جراح المهددين بالإخلاء، قلقه من القرار المنتظر للمحكمة.
ويقول حمّاد لوكالة “الأناضول”: ما نسمعه هو أن رئيس الوزراء “الإسرائيلي” (نفتالي بينيت) يحاول أن يؤجل القضية، ولا نعرف ما الأهداف ولكن هذا ما نسمعه.
وأضاف: لدينا بصيص أمل، لوجود إثباتات جديدة نحاول من خلال المحامين تقديمها إلى المحكمة بعدما تم الحصول عليها من (الوكالة الأممية) “الأونروا”، والحكومة الأردنية وبعض الأوراق التي كانت موجودة في تركيا (إبان الحكم العثماني) التي تؤكد أنه لا حق لهم (المستوطنين) في هذه الأرض.
وتابع حماد: هناك أوراق تركية وأردنية ومن “الأونروا” وينظر فيها الطاقم القانوني.
ورجّح أن يكون للضغط الدولي تأثير على “إسرائيل”، قائلاً: إنه إذا ما كان الضغط الدولي صادقاً، فسيكون له تأثيره، أما إذا كان دعائياً فإنه لن يحقق أي شيء.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول العربية بما فيها الأردن، والإسلامية بما فيها تركيا، قد طالبت “إسرائيل” بالتراجع عن قرارات الإخلاء.
ويرى حمّاد أنه آن الأوان للعائلات التي تعيش بقلق منذ عقود “أن ترتاح”.
وأردف: نحن هنا منذ العام 1956، فأي قانون في العالم يخرجك من منزلك بعد 65 عاماً؟ لا يوجد قانون في العالم يعطيهم الحق في طردنا.
ومضى حماد قائلاً: نخشى من أن ينقضوا على هذا الحي لأن لديهم مخططاً لبناء 220 وحدة استيطانية على أنقاضه للمستوطنين، وإذا ما أزيل هذا الحي فسيكون هناك تواصل استيطاني “إسرائيلي” ما بين القدس الغربية والقدس الشرقية.