ابتكارات ومبادرات أدخلت اللبنانيين بمختلف مشاربهم على خط الحرب التي تخوضها سلطات بلادهم ضد فيروس كورونا، على أمل رأب النقص الحاصل على مستوى المعدات الطبية الوقائية.
وتزايدت حدّة الطلب على المعدات الطبيّة ومنها الكمّامات التي شهدت أسعارها طفرة غير مسبوقة، نظرًا لعدم القدرة على إنتاجها، مع تسجيل لبنان أول إصابة بكورونا في 22 فبراير/شباط الماضي.
وتنامت ثقافة ارتداء الأقنعة والكمامات بين اللبنانيّين، على سبيل الوقاية بشكل عام، خاصة مع ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس في البلاد إلى 494 مع تسجيل 16 حالة وفاة، حتى الخميس.
** من قناع للغطس إلى جهاز وقاية
الاختصاصي في الإنعاش، الدكتور هنري فاخوري، قال إن “إطلاق هذا الابتكار يعتبر نتيجة للحرص على سلامة وصحّة الطاقم الطبي أثناء أداء مهامه أو احتكاكه بمرضى كورونا، وأيضًا للمرضى ممن لا يزالون في مرحلة غير خطيرة من الإصابة بالوباء”.
وفي حديث للأناضول، قال فاخوري إن “المسعفين والأطباء يعالجون المصابين بالفيروس من خلال استعمال كمامات (إن 95)، والتي بدأت بالنفاذ من الأسواق ووظيفتها حجب الفيروس، ومن هُنا كانت فكرة اختراع هذا القناع مع طبيب العيون زياد خوير، لأن هذه العدوى أيضًا بإمكانها الانتقال عبر العيون”.
وتابع: “الفكرة بدأنا بتنفيذها منذ 10 أيام في مستشفى بيروت التخصصي للعيون والحنجرة، وهي عبارة عن قناع الغطاسين الذي يعرف بعزل المياه، ويتألف القناع من قسمين، قسم للعيون وقسم للتنفس، وقمنا بإضافة فيلتر مضاد للفيروسات أثناء الاستخدام”.
وبخصوص أهميّة هذا القناع، أوضح أنه “يستخدم أيضا للمرضى ممن لم يصلوا بعد إلى مرحلة استخدام أجهزة التنفس، عدّلنا في هذا القناع بطريقة تزيد كمية الأوكسيجين”.
وحول الفريق الذي صمّم ونفّذ هذا القناع، قال فاخوري: “تواصلنا مع الشركة الألمانية التي أرسلت التصميم، لأنّ الفكرة في الأساس موجودة في أوروبا، فيما نفذته شركة محلية للطباعة، بالتعاون مع شركة أخرى من دون أي تكلفة”.
وشدّد فاخوري على أن “هذا الابتكار إنساني وطبي لا يهدف إلى الربح نهائيا، وكل من تعاون في إنجازه، هدفه مواجهة هذا الوباء وعدم السماح له بخرق صفوف الجسم الطبي”.
وعن موعد إطلاقه في السوق المحلي، أوضح: “قبل طرح الأقنعة في الأسواق لتصبح متوفرة في المستشفيات، يجب أخذ موافقة وزارة الصحة واللجنة المختصة ونحن على تعاون معها في هذا المجال”.
والخميس، فرضت الحكومة اللبنانية حظرًا للتجوال الليلي لمدة 10 ساعات، في كامل أرجاء البلاد، ضمن تدابيرها الاحترازية لمواجهة كورونا.
** تطوير آلة لتصنيع كمامات طبيّة
النائب المستقل، نعمة افرام، وهو أيضا صاحب شركتين كبيرتين لتصنيع الماكينات ومنتوجات الأوراق الصحية، رأى أنه “من الضروري مواجهة الفيروس بجميع الوسائل المتاحة”، حيث أطلق مبادرات إنتاجية وطنية، من خلال تأمين أجهزة التنفس ومراكز طبية ميدانية عبر مجموعته الصناعيّة التي يترأسها.
وفي تصريح للأناضول، قال افرام: “نعمل على تطوير آلة باستطاعتها إنتاج كمامات طبية تغطي حاجات السوق المحلي وستكون جاهزة خلال شهر تقريبًا”.
وأضاف: “هناك تحديّات عدّة تواجهنا، وأهمها تقديم هذا الإنتاج بأسرع وقت بالإضافة إلى تأمين واستيراد المواد الأوليّة”.
وشدّد على أنّ الفكرة انطلقت منذ وصول الفيروس إلى لبنان وأتت هذه الخطوة ضمن المسار الذي نواكب فيه الأزمة.
وختم افرام بالقول إن “الهدف هو تأمين حاجات السوق المحلي من أجهزة تنفس بالإضافة إلى الكمامات، للتفاعل مع هذه الأزمة والحدّ من انتشارها مع الإصرار على أنّ الهدف ليس ماديا”.
** الابتكار في سلم أولويات الشباب
الشباب اللبناني لم يتأخر بدوره في وضع التصدي للفيروس على سلّم أولوياته، من خلال مبادرات فردية.
وقرّر فراس ملاعب (30 عامًا، صاحب مهنة حرّة) مع مجموعة من أبناء قريته بيصور الواقعة في محافظة جبل لبنان، ابتكار وسيلة للتعقيم من هذا الفيروس.
وقال ملاعب للأناضول: “منذ انتشار الوباء ومع دخولنا لأي مكان يتم التعقيم بشكل يدوي، لذلك قررنا إنشاء غرفة ممر للتعقيم حسب القياس المطلوب، كما ابتكرنا آلة تجزئ الماء مع الدواء وتنشره بالجو بتقنية ضباب بالموجات فوق الصوتية”.
ولفت إلى أنه “بمجرد دخول الفرد داخل هذا الممر يُعقّم بنسبة 60 في المئة خلال 20 ثانية”.
وشدّد ملاعب على أنّ هذا الابتكار هدفه الحدّ من انتشار الوباء وغايته التعقيم، “علما أن المواد المستعملة مرخصة من وزارة الصحة”، وفق قوله.
ولفت إلى أن هذا الابتكار بات في الأسواق المحليّة وهو الأول من نوعه في لبنان ويستخدم في الصيدليات والسوبرماركت والمؤسسات.
وتمنى ملاعب، في الختام، انتهاء هذه الأزمة الصحية، مؤكداً أنّه يسعى إلى تطوير هذا الابتكار لا سيما بعد تلقيه اتصالات داعمة من جانب البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.