تحل الذكرى المئوية لـ”وعد بلفور” المشؤوم الذي صدر في الثاني من نوفمبر 1917، وحال الشعب الفلسطيني جراء الوعد معاناة وعذاب وتشريد وانتهاكات يومية.
الأسرى في سجون الاحتلال لهم رؤيتهم، فهم من يقف في مقدمة المواجهة ويدفع فاتورة العمر الباهظة ثمناً لحرية منشودة.
سجن النقب الصحراوي من أكبر السجون والمنشآت الاعتقالية من أصل 27 منشأة اعتقالية في الدولة العبرية من مركز توقيف أو مركز تحقيق أو معتقل أو سجن، يقبع فيه أكثر من ألفي أسير من مختلف الأحكام، الأسرى في هذا السجن أكدوا لـ”المجتمع” من خلال التواصل معهم بوسائل مختلفة، أن “وعد بلفور” لا يلغي حق الفلسطينيين في وطنهم التاريخي، وهم أصحاب الأرض مهما طال الزمان أو قصر.
لا تنازل
الأسير محمد في الاعتقال الإداري وأمضى في اعتقالات سابقة أكثر من خمس سنوات يقول: أنا وزملائي الأسرى الإداريون من آثار “وعد بلفور” المشؤوم، فقرار الاعتقال الإداري يستند إليه الاحتلال في محاكمه إلى قانون بريطاني إبان الانتداب البريطاني على فلسطين، ومن أعطى اليهود وطناً قومياً في فلسطين على حساب الحق الفلسطيني هو الانتداب البريطاني ووزير خارجية بريطانيا، لذا نحن كأسرى في الاعتقال الإداري نطالب بريطانيا بإلغاء القرار، ولن تسقط حقوقنا بالتقادم، ونقوم من خلال اللجنة الثقافية بالتعريف بقرار بلفور العنصري والإرهابي الذي قتل شعباً من أجل جلب شعب آخر ليحل محله، فبريطانيا مارست الإرهاب العنصري والهمجي ضد الشعب الفلسطيني قبل مائة عام.
وأضاف: التعريف بـ”وعد بلفور” تتضايق منه مصلحة السجون، وتقوم بعقاب كل من يتطرق إلى الوعد في خطب الجمعة أو المواعظ بعد الصلوات، فهي تعتبر الحديث عن “وعد بلفور” تحريضاً عليها وعلى أمنها وعلى وجودها، ويتم استدعاء الممثلين عن الأسرى كي لا يتطرقوا إلى “وعد بلفور” والحديث عنه، فهم يعلمون علم اليقين أنهم أخذوا أرضاً وطردوا شعباً ونهبوا خيرات البلاد وشردوا العباد.
إصرار على الحق
الأسير المقدسي أحمد يقول: نحن كأسرى مقدسيين نعتبر “وعد بلفور” وعداً كان الهدف منه القدس قبل فلسطين، فالاحتلال بعد أن أقام دولته كانت النكبة والنكسة والسيطرة على القدس وتهويدها، فما نشاهده من سطوة وقبضة حديدية في القدس هو من آثار “وعد بلفور”، نحن كأسرى مقدسيين وعموم الحركة الأسيرة دخلنا السجن وصدر بحقنا أحكام عالية لأننا نرفض الواقع الذي ساهم “وعد بلفور” على صياغته على حساب حقوقنا.
عدم اعتراف
أما الأسير صهيب من مدينة نابلس قال: الفلسطينيون لا يعترفون بالوعد بالرغم من مرور مائة عام، وهذا بحد ذاته إنجاز، فالكبار ورثوا الحقيقة التاريخية للأجيال القادمة، وكان جدي يحدثنا عن فلسطين التاريخية، وكيف أنهم طردوا منها بعد أن أعطى وزير خارجية بريطانيا وعداً لليهود بإقامة وطن قومي، وأنا اليوم في السجن في صحراء النقب مع زملائي لا نعترف بالوعد، وهو بالنسبة لكل فلسطيني لا يساوي شيئاً، وموازين القوى لن تبقى كما هي.
أعمال توثق الوعد المشؤوم
الأسير نضال قال في حديث معه: الأسرى يترجمون رفضهم لـ”وعد بلفور”، من خلال أعمالهم اليدوية، أو من خلال كتاباتهم المتنوعة سواء بالشعر أو النثر أو القصة والرواية، وهناك مسابقات تحدث في كثير من السجون لمعرفة أكثر الأعمال الفنية تعبيراً عن هذه المناسبة المشؤومة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وهذا يعتبر توثيقاً لهذه المناسبة في نفوس الأسرى ولمن ستخرج إليهم هذه الأعمال من الأهل بواسطة الزيارة أو عند محطة التحرر من الأسر.
وأشار الأسير نضال: هذا التوثيق له بعد نفسي يتضمن أن الوطن الفلسطيني التاريخي مازال حاضراً في نفوس الأسرى وهم من نخب الشعب الفلسطيني المهمة، ولهم تأثير على محيطهم العائلي بشكل كبير جداً، لذا فنظرة الأسرى لهذا الوعد يحسب لها ألف حساب، وتنتقم مصلحة السجون من الأسرى مع حلول هذه الذكرى المؤلمة.