في مشهد لافت اصطف المعارضون المصريون في الداخل والخارج تحت لافتة حملة “لا لتعديل الدستور” على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، مؤكدين رفضهم الإجراءات التي وصموها بالبطلان وتفصيلها على مقاس شخص واحد، فيما واصلت منابر السلطة الحاكمة الدعاية للتعديلات بكثافة.
واستند النشطاء في حملتهم التي تصدرها وسم “لا لتعديل الدستور” إلى المادة (226) من دستور مصر التي تنص على: “وفي جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو مبادئ الحرية، أو المساواة ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات”، مؤكدين في تغريدات متواترة بكثافة لافتة أن التعديل البرلماني باطل لمساسه بهذه المادة الدستورية.
وقال د. محمد البرادعي، نائب الرئيس الأسبق ورئيس الجمعية الوطنية للتغيير في عام 2010 قبيل ثورة 25 يناير، في تغريدة له: ثار المصريون ضد نظام يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات تناقض أي نظام ديمقراطي ويبقى في الحكم إلى أبد الآبدين، تعديل الدستور في هذا الاتجاه إهانة لشعب قام بثورة لينتزع حريته وعودة سافرة إلى ما قبل يناير، لا نتعلم أبداً وفي كل مرة ندفع ثمناً باهظاً يُرجعنا للوراء!”.
وقال الكاتب المعارض وأحد ممثلي جماعة الإخوان في “الجبهة الوطنية المصرية” قطب العربي مشاركاً في الحملة: حين شرع السيسي في تغيير الدستور هذه المرة بما يناسب مقاسه الذي يرسمه لنفسه، دارت العجلة سريعاً في البرلمان لأنهم يريدون خطفه سريعاً قبل أن تظهر أي ضغوط داخلية أو خارجية، مضيفاً: كنّا نوقن بكذبه وهو يطلق هذه الادعاءات عن احترامه للدستور والمدد الرئاسية، لكننا نذكر المخدوعين اليوم.
وأكدت المحامية الحقوقية المحسوبة على التيار المدني ماهنيور المصري من جانبها في تغريدة داعمة للحملة الرافضة أنه تعديل لا يحمي، وأن الذي يحمي هو وجود سياسات اقتصادية واجتماعية منحازة للفقراء في وجود حريات، وهو ما لا يعرفه النظام الحالي ضاربة المثل بالرئيس المخلوع حسني مبارك الذي عدل الدستور في عام 2007 وقامت ضده ثورة لأن سياساته ضد الشعب.
ويرى الحقوقي والإعلامي المعارض هيثم أبو خليل أن الأزمة في انعدام الدستور في الأساس حتى يتم الحديث عن تعديله، مشيراً إلى الدستور الحالي تم إلغاؤه مرة بالتحايل على عدم فرض حالة الطوارئ والتمديد لها إلا مرة واحدة، وأخرى بعدم جواز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري والعدد الآن تجاوز 13500 مواطن، فيما أكد الإعلامي المعارض أسامة جاويش أنه لو كان التلاعب بالدساتير ينفع من سبق من طغاة مصر لنفع الآن، ولكن هيهات.
وقال وكيل اللجنة الدينية بمجلس الشعب المصري السابق د. محمد الصغير والمحسوب على الجماعة الإسلامية في مصر، مغرداً: بعد الانقلاب على إرادة الشعب ومحاكمة الثورة وكل من انتمى إليها، كفروا بالدستور الذي كتبوه بأيديهم، وبدأ البرلمان في وضع بصمته في صناعة الفرعون من خلال مد فترة الرئاسة، ولكن ستبقى أسماء من ساعد على ذلك وأعان عليه مدونة في أسوأ صفحات التاريخ.
ونقل الناشط الشاب أحمد البقري تصريحات للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي هاجم فيه دستور عام 2012م الذي صدر في عهد د. محمد مرسي، حيث وصفه السيسي بأنه كان يكرس للحاكم ويعطيه سلطات مطلقة، فيما أشاد بدستور 2014م ووصفه بأنه تقدمي ومتطور جداً، وهو ما اعتبره الناشط الشاب تناقضاً يكشف التعديلات خاصة أن الرئيس المصري صرح في عام 2017م برفض أي تعديل.
في داخل مجلس النواب المصري نفسه، يوجد صوت للمعارضين، حيث أعلن النائب هيثم الحريري عضو تكتل 25-30 أن تعديل الدستور هدفه الرئيس “مد فترة الرئاسة”، وإذا كان هناك مكسب حققته ثورة 25 يناير و30 يونيو حتى الآن فهو وجود دستور يحدد مدد الرئاسة بـ8 سنوات، وأن رئيس الجمهورية في 7 نوفمبر 2017 أعلن للرأي العام في حوار مع إحدى القنوات الأمريكية، أنه يحترم عن “قناعة” الدستور المصري فيما يخص تحديد فترة الرئاسة بمدتين كل منهما أربع سنوات، وبالتالي فإن تعديل الدستور هي محاولة لصناعة “إله جديد”، وهذا ما رأيناه مع مبارك، وكذلك في اليمن، وليبيا، وتسبب فيما وصلنا إليه من خراب.
وأكد الحريري أن هناك بعض النواب يملكون الجرأة والشجاعة لإعلان موقف قوى يرفض تعديل مواد الدستور، لكن عددهم لا يمكّنهم من عرقلة تمرير مثل هذه التعديلات، محذراً النظام السياسي من لعنة تعديل أو التلاعب بالدستور، وزيادة مدد الرئاسة بالدستور.