- ما حكم الشريعة في المسلم الذي يتعامل مع أعداء دينه ووطنه بمعاملات تجارية أو غيرها تعود بالنفع على العدو، سواء كان ذلك في وقت السلم أو في وقت الحرب؟
– لا شك أن المسلم مأمور بمجاهدة أعداء دينه ووطنه، بكل ما يستطيع من ألوان الجهاد؛ الجهاد باليد، والجهاد باللسان، والجهاد بالقلب، والجهاد بالمقاطعة.. كل ما يضعف العدو ويكسر شوكته يجب على المسلم أن يفعله، كل إنسان بقدر استطاعته، وفي حدود إمكاناته، ولا يجوز لمسلم بحال أن يكون ردءاً أو عوناً لعدو دينه وعدو بلاده، سواء كان هذا العدو يهودياً أم وثنياً، أو غير ذلك، فالمسلم يقف ضد أعدائه الذين يريدون أن ينتقصوا حقوقه وينتهكوا حرماته بكل ما يستطيع، وكل من والى أعداء الله وأعداء الدين وأعداء الوطن فهو منهم، كما قال الله تعالى: (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) (المائدة: 51)؛ أي من كان موالياً لهم بقلبه أو بلسانه أو بمعاملته أو بماله، أو بأي طريقة من الطرق أو أسلوب من الأساليب؛ فهو منهم.. يصبح في زمرتهم.. وهذا ما حذر القرآن منه في أكثر من سورة، وفي أكثر من آية، جعل الذين يتولون الكفار جزءاً منهم وبعضاً منهم: (وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) (الأنفال: 73).
والمفروض أن المسلم إذا لم يستطع أن يجاهد أعداءه بالسيف، فعلى الأقل يجاهدهم بالمقاطعة، لا يتسبب في أن ينفعهم اقتصادياً أو مادياً أو تجارياً؛ لأن كل دينار أو كل ريـال أو كل قرش أو كل روبية تذهب إلى العدو، معناه: أنك أعطيتهم رصاصة أو ثمن رصاصة تتحول بعد ذلك إلى صدر مسلم وإلى قلب مسلم، ومن هنا كان اليهود حينما يجمعون تبرعات في أمريكا وفي غيرها كان شعارهم لافتة معروفة: “ادفع دولاراً تقتل عربياً”، فالمال هو الذي يشتري السلاح الذي يقتل، وهكذا.. أنت إذا عاونت مشركاً أو كافراً أو فاجراً يحارب المسلمين، فأنت بذلك تقتل نفساً مسلمة، وهذه كبيرة من الكبائر العظمى (أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) (المائدة: 32)، (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء: 93).
العدد (2056)، ص54-55 – 29 رجب 1434ه – 8/6/2013م