عادة ما تبنى الجدران بهدف الستر والإخفاء، أما جدار الفنان الصيني جانغ بين جيانغ فهو” للإشهار والفضيحة”. ويسميه صاحبه “جدار العار”، حيث ينشر عليه صورا لمسؤولين في الحزب والدولة ثبت تورطهم بالرشوة والفساد ويقبعون الآن وراء القضبان.
عادة ما تبنى الجدران بهدف الستر والإخفاء، أما جدار الفنان الصيني جانغ بين جيانغ فهو” للإشهار والفضيحة”. ويسميه صاحبه “جدار العار”، حيث ينشر عليه صورا لمسؤولين في الحزب والدولة ثبت تورطهم بالرشوة والفساد ويقبعون الآن وراء القضبان.
يقول الفنان الصيني “لم يعد هناك ما يمكن إخفاؤه أو التستر عليه، فقد استشرى الفساد كالوباء في جسد المجتمع، ويجب تضافر كل الجهود لفضحه ومحاربته”.
ويضيف جانغ للجزيرة نت “عندما كنت أتابع محاكمات المسؤولين على شاشة التلفاز لم أتمالك نفسي من الغضب لحجم الفساد المستشري، وقررت أنني لا بد أن أفعل شيئا لفضحهم وتوعية الناس بحجم جرائمهم”.
لكن الفنان المعروف لا يقوم بالرسم بنفسه معتقدا أنه “لا يمكن أن ينحدر بمستواه الفني لرسم مثل هؤلاء”، فهو يوكل مهمة رسمهم إلى فنانين مغمورين ويدفع أجرهم على نفقته الخاصة لمساعدتهم على مواصلة حياتهم.
وخلال ثلاثة أعوام جمع جانغ نحو ألفي بورتريه لمسؤولين حزبيين وحكوميين أدينوا بتهم الفساد واستغلال النفوذ والرشوة. واعتمد الفنان نموذجا موحدا ذا لون وردي لرسمهم استوحاه من تصميم ورقة من فئة المائة يوان، وهي أكبر ورقة نقدية في العملة الصينية وتحمل صورة زعيم الصين الراحل ماو زي دونغ مؤسس الحزب والدولة.
وأراد الفنان بهذا الاختيار أن يوجه رسالة مفادها بأن الثراء الفاحش واجتماع المال بالسلطة المطلقة لابد أن يقودا معا إلى الفساد.
لم يبتعد جانغ عن ما تظهره التحقيقات مع المسؤولين المتورطين بالفساد وباستغلال نفوذهم، حيث أعلنت السلطات الصينية مصادرة ما قيمته 14 مليار دولار من أملاك مسؤول واحد وعائلته وذويه فقط، وهو جو يونغ كانغ العضو السابق في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الحاكم أعلى هيئة قيادية بالبلاد، وهو آخر وأعلى مسؤول في قائمة الفساد الصينية ويخضع الآن للإقامة الجبرية قبل محاكمته.
وجاءت قضية جو بعد أشهر على قضية مماثلة هزت الرأي العام الصيني، وهي قضية العضو السابق في المكتب السياسي للحزب بو شي لاي والذي أدين بتهم الفساد وسوء استغلال السلطة وحكم عليه وعلى زوجته بالإعدام مع وقف التنفيذ لتورطها هي الأخرى بمقتل مواطن بريطاني.
وكان الرئيس الصيني قد أطلق حملة واسعة لاستئصال الفساد منذ تسلمه السلطة في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، معتبرا المعركة ضد الفساد أولوية بالنسبة له، “بل ومسألة وجود قد تطيح بالحزب وتؤدي إلى انهيار الدولة”، وذلك بعد أن أصبح الفساد ظاهرة مستشرية طالت قمة الهرم السياسي في الدولة والحزب.
وأظهرت إحصاءات رسمية تورط أكثر من سبعمائة ألف مسؤول حزبي وحكومي في قضايا فساد وسوء استخدام النفوذ والسلطة خلال السنوات الخمس الماضية، وأن نحو ثلاثين ألفا منهم قد خضعوا لمحاكمات واتخذت بحقهم إجراءات عقابية وتأديبية.
ولأن القائمة تطول فإن جانغ يؤكد أنه مصمم على مواصلة مهمته “الصعبة” تلك رغم سخرية الآخرين منه، ويقول “الموضوع لا يتعلق بأعداد المسؤولين الذين سأرسمهم، فإن رسم واحد أو مليون سوف يعطي النتيجة نفسها، والموضوع بالنسبة لي هو قضية مبدئية هي أن أرسم أو لا أرسم، أن أصمت أو أن أقرع جرس الإنذار”.
وبسؤاله عن طول الجدار الذي سيحتاج إليه لإتمام مهمته ابتسم قائلا “ربما جدار لا يقل طوله عن سور الصين العظيم”.
المصدر : الجزيرة