جدل جديد في لبنان، ولكنه هذه المرة ليس سياسياً أو اقتصادياً كما اعتاد سكان هذا البلد العربي، فالبطل هنا هو “لقاح كورونا” الذي أثير حوله الكثير من اللغط والنقاش رغم عدم وصوله البلاد بعد.
وأضحى في الآونة الأخيرة الحديث عن تلقي لَقاح كورونا شغل اللبنانيين الشاغل، في ظلّ خروج الإشاعات تارةً وتداول الأخبار غير العلميّة حوله تارة أخرى، ممّا شكّل خشية وريبة لدى العديد من المواطنين الذين أعلن بعضهم رفض التلقيح، فيما رحب آخرون.
ومنتصف الشهر الماضي، قال الرئيس اللبناني ميشال عون: إن لبنان حجز مليونين و730 ألف جرعة من اللقاحات، فيما يقدر عدد سكان البلاد بنحو 6 ملايين نسمة، دون إعلان موعد وصولها.
غير أن وزير الصحة اللبناني، حمد حسن، كشف أواخر الشهر ذاته، أنه في 15 فبراير ستنطلق عملية التلقيح بدءًا من الرئيس عون، ورئيسي مجلس النواب والحكومة، نبيه بري، وحسان دياب.
وقُبيل انطلاق حملة التلقيح ضد فيروس كورونا في لبنان، تفاوتت آراء المواطنين ما بين رافض ومرحب، إضافة إلى آخرين فضلوا التريث والانتظار لحسم قرارهم.
وخلال جولة لوكالة “الأناضول” في شارع الحمرا الرئيس غربي العاصمة بيروت، وحديثها مع عدد من المواطنين، أكّدت هيام الشامي (50 عامًا)، بشكلٍ قاطعٍ أنّها ستتلقى اللقاح، قائلة: كلّ شخص يؤمن بالعلم عليه أخذ اللقاح.
وحمّلت الشام مسؤوليّة تأخير وصول اللقاح إلى الدولة اللبنانيّة، معتبرةً أنّ المشكلة تكمن في كيفيّة وصوله إلى البلاد ناهيك عن كيفيّة توزيعه.
وعبّرت الشامي عن تخوّفها من كيفيّة تخزين اللقاح لأنّها لا تثق بالدول.
رفض قاطع
وبرفض قاطع، قال أحمد داعوق (60 عامًا): لن آخذه لا أنا ولا عائلتي، نحن ننتبه على صحّتنا من خلال التعقيم ووضع الكمامات.
وبرّر داعوق رفضه اللقاح بالقول: لم يعطِ اللقاح نتيجة تامّة وآمنة، بالإضافة إلى أنّني لا أؤمن بالسلطة اللبنانيّة ولا بخطتها الصحيّة.
وبنبرة حاسمة، أكّد خالد الظاهر (55 عامًا): إذا الدولة لم توفره بعد.. فلماذا أنا سأخضع للتلقيح؟
ولدى سؤالنا محمد عبدالقادر (63 عامًا) عن مدى إقباله على تلقي اللقاح، ردّ بحيرة: عندما أرى فعاليّته على الناس سوف أتلقاه، فأنا لا أودّ أن أضرّ من حولي، خصوصًا وأنّ الشائعات كثيرة.
حيرة وتردد
وبنفس الحيرة، أبدى حسام عقل (45 عامًا) تردّده بأخذ التطعيم: لا أثق حاليًّا بفعاليّته وممكن في المستقبل أن أبدّل رأيي.
من جانبه، رحّب حازم شاهين (70 عامًا) بفكرة اللقاح، قائلًا: العلم يؤكّد أنّ هذا هو العلاج، وأنا أؤمن بالعلم وبنتيجته ولا سيّما وأنّ هناك الملايين الذين تلقوه.
يُقاطعنا حسام سليم (60 عامًا)، ليؤكّد: سأتلقاه إذا فعلًا هو فعّال وضدّ تلقيه إذا فقط هو مسألة تجاريّة، في ظلّ انتشار الشائعات.
أمّا مروى سعيد (37 عامًا)، فقالت: أنا متردّدة لمدى فعاليّته وعلينا القيام بأبحاث على هذا الصعيد ولكن طبعًا سأعطيه بداية لوالدي لأنّه كبير في السنّ.
ولأنّ منظمة الصحّة العالميّة وافقت عليه، أبدى أحمد جابر (67 عامًا) استعداده لأخذ الجرعة.
ونظرًا لأنّه يعطي مناعة جماعيّة، شدّد خير الدين السبع (47 عامًا) لـ”الأناضول” على أنّه ينتظر اللقاح “بفارغ الصبر”.
وتأخر لبنان في الحصول على لقاح كورونا، أرجعه مراقبون إلى الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عام، علاوة على الخلافات بين القوى السياسية؛ التي عطلت تشكيل حكومة جديدة، منذ أن استقالت حكومة حسان دياب عقب انفجار كارثي بمرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020، راح ضحيته أكثر من 200 شخص.
وفرضت السلطات اللبنانية حالة طوارئ صحية تشمل حظراً جزئياً للتجوال وإغلاق المحال التجارية من 25 يناير، إلى 8 فبراير الجاري، جراء ارتفاع إصابات كورونا، وذلك قبل أن تعلن التخفيف التدريجي لإجراءات الإغلاق بدءاً من اليوم الإثنين، على 4 مراحل.
وشهدت مدينة طرابلس (شمال)، الأسبوع الماضي احتجاجات لأيام عدّة ضد إجراءات الإغلاق التي ضاعفت معاناة اللبنانيين، تخللتها مواجهات مع قوات الأمن أسفرت عن إصابة المئات بجروح ومقتل شاب.
وحتى مساء السبت، بلغ إجمالي الإصابات بالفيروس 317836؛ منها 3562 وفاة، و201137 متعافياً.