دعت صحيفة هآرتس العبرية (Haaretz) الحكومة الجديدة إلى أن تفكر في اعتبارات أوسع، وتأمر المدعي العام بالتدخل “من أجل المنطق والعدالة” في حي الشيخ جراح بالقدس، مشيرة إلى وجود خطر أمني على جميع “الإسرائيليين”.
وقالت الصحيفة في افتتاحية لها إن تجنيد موظفي الدولة، من المدعي العام إلى آخر عناصر الشرطة، لصالح مشروع الطرد والاستيطان في حي الشيخ جراح، أمر محرج لـ”إسرائيل”، ويسبب ضررا معنويا ويضر بالدبلوماسية العامة.
وأشارت إلى أن قرار المدعي العام عدم التدخل في قضايا الإخلاء بحي الشيخ جراح يعطي دعما واضحا لحجة المستوطنين القائلة بأن هذه قضية مدنية بسيطة لأصحاب الأراضي الذين يحاولون إزالة واضعي اليد، لكن القرار يتجاهل دورا حاسما لعبته السلطات في تحويل منظمة استيطانية يمينية إلى مالك حي يعيش فيه مئات الفلسطينيين.
وأوضحت أن دور الحكومة يبدأ بتجاهل القوانين التي تميز بين العرب (الفلسطينيين) واليهود فيما يتعلق بجميع الممتلكات المملوكة قبل عام 1948، ويستمر من خلال قرارات مكتب الوصي العام في وزارة العدل بالإفراج عن الأرض لأصحابها اليهود التاريخيين، وينتهي بالتنصل من المسؤولية عن السكان الفلسطينيين الذين استقروا بالمنطقة إبان الحكومة السيادية في ذلك الوقت، وهي حكومة الأردن.
تمييز صارخ
وتقول هآرتس إنه في عام 1948، هجر الكثير من الناس ممتلكاتهم وفروا إلى الجانب الآخر من الحدود، ومعظمهم من الفلسطينيين الذين تركوا عددا هائلا من الممتلكات على الجانب الغربي، وفروا شرقا. وكانت هناك أقلية صغيرة جدا من اليهود الذين هجروا ممتلكات وهربوا غربا، ويسمح القانون “الإسرائيلي” للمجموعة الثانية فقط باسترداد ممتلكاتها، ويمنع ذلك على المجموعة الأولى.
وأضافت أن الفلسطينيين الذين يعيشون في حي لشيخ جراح لاجئون هجروا ممتلكاتهم وفروا شرقا، وحصل المستوطنون على هذه الأرض لأنهم ينتمون إلى المجموعة الثانية. من الناحية العملية، اشترت المنظمة اليمينية -التي تديرها شركة مسجلة في ملاذ ضريبي أجنبي- الأرض من أصحابها اليهود.
وقالت الصحيفة إن “الحجج القانونية التي تسمح بذلك قد تبدو منطقية في المحاكم الإسرائيلية، التي تم تكييفها لعقود للحكم على أساس نظام قوانين تمييزي، لكن من المستحيل تفسيرها على الساحة الدولية، ولا شيء سيجعلها تبدو منطقية أو أخلاقية لشخص عاقل“.
وختمت هآرتس بأنه كلما زاد الظلم حاولت “إسرائيل” إخفاءه، مشيرة إلى اعتقال مراسلة الجزيرة الصحفية جيفارا البديري “بقسوة” قبل إطلاقها بعد ساعات قليلة وهي مصابة بكسر في ذراعها؛ لتنضم للقائمة الطويلة للصحفيين الفلسطينيين الذين أصيبوا على أيدي عناصر الشرطة بالقدس خلال الأسابيع القليلة الماضية، بالإضافة لاعتقال الشقيقين منى ومحمد الكرد الناشطين البارزين بحي الشيخ جراح ولهما ملايين المتابعين على مواقع التواصل.