تغلي مواقع التواصل الاجتماعي في تونس حالياً، على خلفية رفض وزير السياحة التونسي، روني الطرابلسي، الرد على اتصال هاتفي من إذاعة محلية، للاستفسار عما يروّج عن دوره في إحياء فنانين تونسيين لحفلات في فلسطين المحتلة، وما يقال عن دوره في الموضوع، لكن الوزير امتنع عن الإجابة لأسباب دينية، حيث وقع إعلامه بأن الوزير لا يدلي بتصريحات في يوم الشابات (السبت) المقدس في الديانة اليهودية.
وكانت الإذاعة المحلية تريد أن تستفسر منه حول نشر موقع صهيوني لمقال يتحدث عن إحياء الفنانة التونسية درصاف الحمداني لحفل في مدينة إيلات في فلسطين المحتلة علاوة على حفل آخر للفنان محسن الشريف، وما يروّج حول تزكية وزير السياحة روني الطرابلسي لإحياء فنانين من تونس لسلسلة حفلات في فلسطين المحتلة.
الركائز الثلاث
وفي الخبر ثلاث ركائز أساسية لها علاقة بما تصدّع به رؤوس التونسيين، حول مدنية لا علاقة لها بالدستور، ولا بالمفهوم المتعارف عليه بين التونسيين، حول المدنية التي يريدها البعض أن تكون مقيدة للدين، وهي ركيزة يمكن تجاوزها في هذه الحالة.
الركيزة الثانية، هي صمت النخبة المتغربة، وصاحبة مفهوم المدنية المضادة للدين والمتناقضة معه والرافضة له في الفضاء العام، وفي حياة الناس، فضلاً عن السياسة والدولة، كما لو أنه يحق لكل صاحب دين أن يكيف حياته وفق دينه ما عدا الإسلام والمسلمين، (حرام الدوح على بلابله حلال للطير من كل جنس) وهي ظاهرة أصبحنا نراها كثيراً في بلاد المسلمين، والعالم.
الركيزة الثالثة، وجود مطبعين في الوسط الفني مع الكيان الصهيوني، وإذا ثبت تورط الوزير في ذلك وهو مستبعد في غياب الإثباتات حالياً على الأقل، كما هم موجودون في قطاعات حساسة أخرى كالمجال الأكاديمي والثقافي عموماً.
السبت المقدّس
يحرّم على اليهود القيام بالكثير من الأعمال في يوم السبت، فهم لا يركبون السيارات ولا يستخدمون الكهرباء إطلاقاً، ويستبدل ذلك بالشموع فلا تلفاز ولا أنوار ولا أجهزة إلكترونية ولا هاتف جوّال، ويعتبر اليهود أن يوم السبت هو يوم عبادة يبدأ من منتصف نهار الجمعة وينتهي بعد غروب شمس يوم السبت، ويرون أن الأعمال المحرمة حرّمت بسبب تشتيت الأذهان عن العبادة، حيث يعتقد اليهود أن الله خلق الكون في ستة أيام ثم استراح في اليوم السابع (السبت) (تعالى عمّا يصفون).
ويذكر كثيرون أنه في نوفمبر 2017، قدّم وزير الصحة في دولة الكيان الصهيوني يعقوف ليتصمان استقالته من منصبه، وذلك بعد سماح الحكومة لوزارة المواصلات بالاستمرار بالعمل في إنجاز خط سكة حديدية يوم السبت.
الطرابلسي المسلم
ويذكر الجميع الحملة التي استهدفت اللاعب الدولي السابق في كرة القدم النجم حاتم الطرابلسي الذي غرّد بمناسبة حلول رأس السنة الميلادية قائلاً: “لا يجوز تبادل التهاني في رأس السنة الميلادية.. أعيادنا توحيد وتكبير وصلاة.. وأعيادهم شرك ومعصية وفسق وخمر..”.
فقد نصبت له المقاصل الإعلامية، ورفعت في وجهه مفاهيم منبتة عن الدولة المدنية، وحرية الضمير والتعايش بين الأديان، ولم يكن ذلك موقفاً مبدئياً ممن هاجموه حيث خرست الألسن مع الطرابلسي اليهودي، ولم تهاجمه كما هاجمت الطرابلسي المسلم، رغم أن حاتم الطرابلسي كان معبراً عن حرية الضمير؛ ضميره، وضمير من يشاطرونه الرأي، في حين أن الطرابلسي الوزير، وإن كان له مطلق الحرية في ممارسة شعائر دينه، ولا يعمل يوم السبت وهو حر في ذلك دون منة من أحد أو مزايدة، لكنه ليس كذلك لو ثبت (لم يثبت حتى الآن) تورطه في التطبيع مع الكيان الصهيوني.
ويتساءل كثيرون: لماذا غض إعلامنا الطرف عن هذه الواقعة التي تضرب عرض الحائط بمخرجات دستور 2014؟
وقيل: ما رد فعل المنابر الإعلامية إذا قام أي وزير تونسي آخر برفض التفاعل مع إذاعة أو قناة تلفزيونية أو موقع إلكتروني يوم الجمعة باعتبار قدسية اليوم في الدين الإسلامي؟