أكد تقرير صدر مؤخراً لمنظمة العفو الدولية استمرار انتهاكات السلطة بحق الصحفيين والحريات الصحفية بمصر، ووثق التقرير، الذي جاء تحت عنوان “مصر: السجون هي الآن غرف أخبار الصحفيين”، حالات37 صحفياً مصرياً معتقلين بتهم مختلفة تتعلق بممارسة الحق في التعبير.
وأفرجت السلطات عقب صدور التقرير عن اثنين من الصحفيين انقضت مدد الحبس الاحتياطي لهما، وهما مصطفى الأعصر، إلى جانب معتز ودنان المسجون منذ عامين عقب إجراء حوار مع رئيس جهاز المحاسبات سابقاً هشام جنينة، قبل أن تعيد تدويره على ذمة قضية جديدة.
وأجرى معدو التقرير سلسلة مقابلات مع مصادر من الصحفيين والمحامين وأقارب لعدد من الصحفيين المحبوسين المصريين جرى اعتقالهم واتهامهم نتاج قيامهم بممارسة العمل الصحفي، و17 آخرين للتعبير عن الرأي وانتقاد السلطات نقداً مشروعاً ومباحاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولفت التقرير إلى أن هناك 12 صحفياً من بين الـ37 المعتقلين يعملون في وسائل إعلام مملوكة للدولة أو موالية لها.
وسجل التقرير تصاعد الانتهاكات بحق الصحفيين منذ العام 2016 عبر ملاحقة صحفيين عبروا عن آرائهم بالكتابة في مواقع صحفية أو على صفحاتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، وبالتزامن مع التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.
وتضمن التقرير توثيقاً لملابسات الإخفاء القسري والتعذيب والاحتجاز والحبس الاحتياطي الممدد تحت طائلة التحقيق والسجن للعديد من أسماء الصحفيين ومنهم عادل صبري، وإسماعيل الإسكندراني، وهشام فؤاد، وحسام مؤنس، وسلافة مجدي، وحسام السيد، ومحمد صلاح، وأحمد علام، ومحمود حسين، ولينا عطا الله، وعاطف حسب الله، وأحمد شاكر.. وغيرهم.
وذكر التقرير أن الحبس طال صحفيين يعملون بصحف حكومية، تقع تحت سيطرة التوجيهات الرسمية، لكن دواعي القبض عليهم جاءت لأسباب تخص النشر على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي.
ومن هؤلاء الصحفي أحمد شاكر من مؤسسة “روزا اليوسف” الحكومية، وجرى القبض عليه في نوفمبر الماضي؛ لأنه قام بمشاركة فيديو على صفحته بـ”فيسبوك” يتحدى ادعاءات نقيب الصحفيين ورئيس هيئة الاستعلامات ضياء رشوان بأن بمصر حرية صحافة ولا يوجد حبس للصحفيين إلا على ذمة قضايا جنائية.
وأشار التقرير إلى رسالة بعث بها شاكر من محبسه تفيد التحقيق معه من الأمن الوطني أيضاً في مقال قام بمشاركته على صفحته الشخصية بشأن الحملة الأمنية على موقع مدى مصر في نفس شهر اعتقاله.
ووثق التقرير أيضاً حالة الصحفي عاطف حسب الله ويعمل بالموقع الإلكتروني لجريدة الأخبار الحكومية، وجرى اعتقاله عقب نشره تدوينه على صفحته بـ”فيسبوك” في مارس الماضي تشكك في الإحصاءات الرسمية حول حقيقة أعداد حالات المصابين بفيروس “كوفيد 19”.
ومن بين العبارات اللافتة التي أوردها التقرير ما جاء بأن صحفيين أبلغوا العفو الدولية بأنهم تركوا العمل في وسائل الإعلام المصرية خوفاً من عدم القدرة على التمسك بنزاهتهم المهنية.
وقالت منظمة العفو الدولية: إن هذا القمع ضد وسائل الإعلام لا ينتهك حق الصحفيين في حرية التعبير فحسب، بل ينتهك أيضًا حصول عامة الناس على المعلومات المستقلة.
تهم ملفقة
وأخضعت السلطات عشرات الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام الآخرين للاعتقال والاحتجاز التعسفيين والملاحقات القضائية بشأن تهم ملفقة تتعلق بـ”الإرهاب” وفصلهم بسبب التعبير عن آراء انتقادية، بحسب التقرير.
وداهمت قوات الأمن المنابر الإعلامية المستقلة القليلة المتبقية على الإنترنت في مصر، وحظرت مئات المواقع الإلكترونية، في ظل تقييد منح الاعتماد لوسائل الإعلام وتشديد التشريعات الإلكترونية في عام 2018 لمنح سلطات واسعة للغاية لهيئات تنظيم المحتوى الإعلامي، وتقييد حرية الصحفيين في التعبير وفرض أحكام بالسجن على الانتقادات عبر الإنترنت.
وأكد التقرير أن إلصاق الاتهامات بـ”الإرهاب” ضد الصحفيين يَسهُل بسبب تآكل ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة، حيث تقع مثل هذه القضايا ضمن اختصاص النيابة العامة لأمن الدولة، وهي فرع خاص من النيابة مسؤول عن التحقيق الأمني، إذ بررت السلطات سحق الأصوات المعارضة على أساس حماية “الأمن القومي”.
وفي فبراير من العام 2018، أمر المدعي العام المصري في ذلك الوقت باتخاذ إجراءات قانونية ضد أولئك الذين ينشرون أي محتوى في أي جهة نشر -بما في ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي- تعتبر “ضارة بالأمن القومي”، وهذا النهج يخرق التزامات مصر بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية)، وفق التقرير.
ووجدت منظمة العفو الدولية أن احتجاز وملاحقة 37 صحفياً على الأقل تم بسبب ممارستهم لعملهم المشروع أو لحقهم في حرية التعبير، وحددت حالات 20 صحفيًا على الأقل تم اعتقالهم واحتجازهم لمجرد قيامهم بعملهم، بينما تم اعتقال 17 آخرين لانتقادهم السلطات على صفحاتهم الشخصية بمنصات التواصل الاجتماعي.
وطبقاً لمحامين يعملون بمجال حقوق الإنسان، تم تهديد ثلاثة على الأقل من الصحفيين المعتقلين بالتعذيب إذا فشلوا في الكشف عن مصادر معلوماتهم المنشورة.
وقال محامون حقوقيون لمنظمة العفو الدولية: إن ضباط الأمن هددوا موكلهم بالصدمات الكهربائية وجعلوه يستمع إلى صرخات سجناء آخرين، وفي الحالتين الأخريين، هدد ضباط الأمن باعتقال أقارب الصحفيين وتعذيبهم.