في توثيق جديد للانتهاكات ضد حقوق الإنسان في مصر، رصدت 10 منظمات حقوقية مصرية انتهاكات بالسجون وملف قضية النوبة والحقوق العمالية، ودأبت السلطات المصرية على نفي الاتهامات الموجهة لها في مجال حقوق الإنسان، مؤكدة أنها تدعمه، غير أن الحقوقيين المصريين يتهمونها بالتضليل وتوقيف المدافعين عن حقوق الإنسان، وآخرهم الحقوقي عزت غنيم، مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات.
أزمة النوبة
وفي بيان اطلعت عليه “المجتمع”، طالبت 9 منظمات مصرية بارزة السلطات المصرية بإيلاء الاعتبار لتوصية فريق الأمم المتحدة المعني بالاعتقال التعسفي بوقف المحاكمة المعيبة لـ”معتقلي الدفوف” من أبناء النوبة، في قضية التظاهر، وضمان حقهم في التعويض، وامتثال الدولة المصرية لالتزاماتها الدستورية في ملف النوبة.
وأعربت المنظمات عن قلقها العميق إزاء تعمد تجاهل الكثير من الإجراءات القانونية وضمانات المحاكمة العادلة في هذه القضية، وتجدد مطلبها منضمة للعديد من المنظمات الحقوقية في الداخل والخارج بإسقاط كافة التهم عن “معتقلي الدفوف” والإفراج الفوري عن جميعهم.
وضم البيان كلاً من الجبهة المصرية للحقوق والحريات، وكومتي فور چستس، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومركز عدالة للحقوق والحريات، ومركز هشام مبارك للقانون، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
وكانت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ قد قررت في أحدث جلساتها بمايو، تحديد الأول من يوليو القادم لنظر القضية مجددًا أمام دائرة جديدة منتدبة للمرة الثالثة، وذلك بعد غياب رئيس الدائرة المنوط بها نظر القضية عن جلسة 20 مايو الماضي، الذي كان قد تم انتدابه عوضًا عن سلفه الذي تنحى في مارس الماضي عن نظر القضية لاستشعار الحرج.
وتعود أحداث القضية لـ3 سبتمبر 2017، حين شارك عشرات النشطاء النوبيين في مسيرة سلمية بـ”الدفوف” بمنطقة الكورنيش في أسوان، مطالبين بحق النوبيين في العودة إلى أراضيهم، معلنين رفضهم للمرسوم الجمهوري رقم (444 لعام 2014) الذي يقضي بتخصيص بعض الأراضي النوبية للمؤسسة العسكرية المصرية، فواجهتهم قوات الأمن المركزي بالعنف وألقت القبض على عدد منهم.
وفي 3 أكتوبر 2017، قبضت قوات الأمن مجددًا على 7 من عائلات وأنصار المتهمين النوبيين، وفي 7 نوفمبر 2017، عقب وفاة المحتجز النوبي محمد صالح سرور عامر في محبسه بعد إضرابه عن الطعام، تجددت الاحتجاجات، التي أدت لمزيد من الاعتقالاتـ ليصل إجمالي المحتجزين على ذمة هذه القضية لـ32 شخصًا، انتهت التحقيقات بإحالة جميعهم لمحكمة أمن الدولة طوارئ.
وطالبت المنظمات الحقوقية الموقعة على البيان بوقف المحاكمة فورًا في قضية “معتقلي الدفوف” وإعطاء المتهمين الحق القابل للتنفيذ في التعويضات طبقاً للقانون الدولي، وتحث الحكومة المصرية على ضمان إجراء تحقيق كامل ومستقل واتخاذ التدابير المناسبة ضد المسؤولين عن انتهاك حقوق النشطاء النوبيين المحتجزين.
32 انتهاكاً للحريات!
وفي سياق الانتهاكات، رصدت “التنسيقية المصرية للحقوق الحريات” في تقرير الحريات الأسبوعي منذ يوم 2 يونيو حتى 8 يونيو 2018، 29 حالة انتهاك لحقوق الإنسان في مصر تنوعت ما بين 22 حالة اعتقال تعسفي وإخفاء قسري، فضلاً عن 5 حالات انتهاكات داخل السجون، وحالتي إهمال طبي، حيث وثقت التنسيقية المصرية في الأسبوع الماضي 22 حالة اعتقال تعسفي وإخفاء قسري، وقد احتلت محافظة الشرقية -مسقط رأس د. محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب بالبلاد والموقوف حالياً- العدد الأكبر من حيث حالات الإخفاء القسري والاعتقال بعدد 9 حالات، ثم تأتي بقية المحافظات.
وفيما يخص انتهاك “الإهمال الطبي”، قالت التنسيقية: تتواصل معاناة المعتقلين من الإهمال الطبي المتعمد داخل مقار احتجازهم، الذي يمثل خرقاً واضحاً للقوانين الدولية والمحلية، حيث إن الدستور المصري أوجب في مادته رقم (18) “حصول كل شخص على الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة دون استثناء السجناء من ذلك”، وهو ما قامت الأجهزة الأمنية بتجاهله وعدم الالتزام به، حيث يعاني المعتقل عبدالرحمن أحمد رزق (21 عاماً)، طالب في الفرقة الرابعة بكلية الطب، من الإهمال الطبي المتعمد بحقه داخل مقر احتجازه بـ سجن طرة شديد الحراسة 2 العقرب، بعد إصابته بمرض الدرن، كما يعاني المعتقل عبدالرحمن محمد عبدالمقصود محمد عبدالهادي (27 عاماً) من تدهور حالته الصحية وحرمانه من تناول الأدوية خلال فترة إخفائه قسرًا، وبعد ظهوره بقسم شرطة أول شبرا، وترحيله لسجن العقرب.
وفي إطار رصد التنسيقية المصرية لانتهاكات السجون، وثقت شكوى معتقلي سجن الزقازيق من الانتهاكات، وما يحدث في سجن طنطا بحق المعتقلين ومنهم المعتقل عمر مصطفى غريب، الطالب بالفرقة الثانية بكلية الشريعة والقانون، الذي تعرض للاعتداء عليه في مقر احتجازه بسجن طنطا، وشكوى المعتقلين بسجن المنيا من استمرار وتصاعد الانتهاكات والمعاملة غير الآدمية بحقهم منذ أكثر من شهرين، حيث يتم حرمانهم من التريض والعلاج؛ مما أدى إلى تدهور الحالة الصحية لبعض المعتقلين نتيجة لعدم الرعاية الطبية المتعمدة؛ ما أدى إلى انتشار عدوى الأمراض بينهم، فضلاً عن منع إدارة سجن طرة المعتقل حمزه صبري أنور طه، الطالب بكلية التربية الرياضية، من أداء الامتحانات، رغم استيفاء الشروط، واستمرار الحبس الانفرادي والتنكيل بالمدون محمد إبراهيم محمد رضوان وشهرته “محمد أوكسجين”.
وبالتزامن مع مرور مائة يوم على اعتقال الحقوقي عزت غنيم، المدير التنفيذي للتنسيقية، دشنت المنظمة حملة تدوين شارك فيها حقوقيون ومدافعون عن حرية التعبير طالبوا فيه بالإفراج الفوري غير المشروط عن كل المعتقلين ومن بينهم عزت غنيم، وفي رسالة لرشا صبري، زوجة غنيم، حملت عنوان “عزت غنيم ومائة يوم بالزنازين”، كشفت عن أن الكثيرين ومنهم من هم في أوساط السلطة والمجتمع والمنظمات الحقوقية ممن تعاملوا عن قرب أو تواصلوا مع عزت غنيم اندهشوا من إهدار حريته دون مبرر قانوني.
61 احتجاجاً خلال شهر
وفي سياق متصل، أطلق برنامج حرية تعبير العمال والحركات الاجتماعية التابع للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان اليوم تقريره عن الاحتجاجات العمالية والمهنية والاجتماعية خلال شهر مايو 2018، ورصد البرنامج 61 احتجاجاً خلال الشهر، بينهم 15 احتجاجاً عمالياً ومهنياً، و46 احتجاجاً اجتماعياً.
وقال برنامج حرية تعبير العمال والحركات الاجتماعية: شهد شهر مايو إجراء الانتخابات النقابية العمالية بعد توقف دام 12 عاماً، وشهدت هذه الانتخابات استبعاد الآلاف من النقابيين على أسس بوليسية على خلفية نشاطهم النقابي في الدفاع عن حقوق العمال أو على خلفية نشاطهم السياسي السلمي الناقد لسياسات السلطة القائمة.
وأوضح البرنامج في بيان وصل “المجتمع” أنه بالنسبة للتقسيم الجغرافي للاحتجاجات أظهر المؤشر بأن محافظة القاهرة ما زالت تتصدر كافة محافظات الجمهورية من حيث عدد الاحتجاجات العمالية والمهنية والاحتجاجات الاجتماعية أيضاً، واحتل قطاع الصحة المركز الأول للاحتجاجات العمالية، بينما ظل الانتحار هو الوسيلة الأولى للتعبير عن سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الاجتماعية الأخرى.