وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، عقب لقائهما التاريخي، اليوم الثلاثاء، في سنغافورة، وثيقة تضمنت التزام كيم بإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية مقابل التزام الولايات المتّحدة بأمن كوريا الشمالية.
واحتوت الوثيقة التي نقلتها وكالة “رويترز”، على 4 بنود رئيسة، نص أولها على أن “تلتزم الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بتطبيع العلاقات وفق إرادة شعبي البلدين بالسلام والازدهار”.
ثانياً؛ أن “تتعاون الولايات المتحدة وكوريا الشمالية نحو إقامة نظام سلام طويل الأمد في شبه الجزيرة الكورية”.
أما البند الثالث فأكد التزام “كوريا الشمالية بإعلان بامنجوم، الصادر عن قمة الكوريتين، في 27 أبريل بنزعٍ كامل للأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية”.
وأتى في البند الرابع أن “الولايات المتحدة وكوريا الشمالية تلتزمان بإعادة رفات قتلى وأسرى الحروب، وإعادة جثامين أولئك الذين تم تحديد هوياتهم إلى بلدهم فوراً”.
وإلى جانب البنود الأربعة، نصت الوثيقة أيضاً على أن تعقد واشنطن وبيونغ يانغ مفاوضات تكميلية في أقرب وقت ممكن، بقيادة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ومسؤول رفيع مناسب من كوريا الشمالية، لتنفيذ نتائج القمة بين ترمب، وكيم.
كما ورد في الوثيقة تعهد من الرئيس ترمب بـ”تقديم ضمانات أمنية لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وإقامة علاقات متينة من خلال فتح صفحة جديدة بين البلدين”.
لن تختلف عن وثيقة كوريا الجنوبية
وبحسب ما كتبت صحيفة “ذي جارديان”، تعقيبًا على ذلك، فإن الوثيقة، على أهميتها، لن تختلف بشكل كبير عن الاتفاق الموقع بين كيم ورئيس كوريا الجنوبية، مون جاي إن، بعد لقائهما في القسم الجنوبي من المنطقة منزوعة السلاح بين البلدين مع نهاية أبريل الماضي.
وقرأت الصحيفة بين سطور البند الأول أنّ اللغة المستخدمة فيه تمثّل خروجًا عن “الخطب النارية” التي طبعت العلاقات بين واشنطن وبيونغ يانغ في السابق، كما أنه “يعكس رغبة كيم في التركيز على التقدم الاقتصادي، وربّما بمساعدة أمريكية الآن، بعد أن حقق هدفه في تطوير أسلحة نووية قادرة على تهديد الأراضي الأمريكية، وجلب رئيسها إلى طاولة المفاوضات”.
أمّا البند الثاني، فترى “ذي جارديان” أنه لا يوجد فيه التزام مباشر لإضفاء الطابع الرسمي على “المشاعر الطيبة” الواردة فيه عبر معاهدة سلام تحلّ محلّ الهدنة الموقعة في نهاية الحرب الكورية عام 1953، وذلك ما من شأنه أن يتطلّب بالأساس انخراط الصين والدول الأخرى التي لها دور في النزاع، وكما كان متوقعًا، فقد قدّم ترمب ضمانات أمنية “غير محددة” لكوريا الشمالية، وهي لفتة يتطابق غموضها مع التزام كيم بنزع أسلحته النووية.
وبخصوص البند الثالث، الذي تتعهد فيه كوريا الشمالية بنزع أسلحته الكيميائية، فتعتبره “ذي جارديان” البند الأكثر أهمية وإشكالية بين البنود كلها، فمن جهة هو لا يلبّي هدف واشنطن طويل الأمد بتفكيك الترسانة النووية لكوريا الشمالية بشكل كامل، قابل للتحقق، ولا رجعة فيه، ومن جهة أخرى هو يعيد تأكيد موقف كيم بعد قمته مع رئيس كوريا الجنوبية، في الوقت الذي لا يتوقّع فيه أي مراقب للقضيّة أن يلتزم الزعيم الكوري الشمالي فعلًا بتفكيك أسلحته النووية بالصورة المطلوبة، ناهيك عن أن هذه الأمر يمكن أن يستغرق سنوات، ويكلف المليارات من الدولارات.
إضافة إلى ذلك، فإن البند المذكور، وفق الصحيفة، يفشل في تعريف ما المقصود بـ”نزع السلاح النووي”؛ ففي واشنطن، يتطلب الأمر من كيم التخلي عن طموحاته النووية تمامًا، لكن التفسير الكوري الشمالية للمسألة أكثر تعقيدًا، إذ يمكن أن يتضمن سحب المظلة الأمريكية النووية من كوريا الجنوبية، وانسحاب 28500 جندي أمريكي يتوزّعون على طول الحدود الجنوبية مع الشمال.
أما بخصوص البند الأخير، فتلفت الصحيفة إلى أنّه أغفل الإشارة إلى مواطنين يابانيين اختطفهم عملاء كوريون أثناء الحرب البادرة، وهو ما قد يسبب خيبة الأمل لدى المسؤولين اليابانيين، ولا سيما أن ترمب وعد خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، بإثارة قضيتهم خلال لقائه الزعيم الكوري الشمالي.