فتح السلطان الملك الظاهر مدينة أنطاكية
عام 68هـ:
في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك الموافق 3 أبريل 687م، قُتل المختار بي أبي عُبيد الثقفي، أسلم أبوه في حياة الرسول مُحَمّد (صلى الله عليه وسلّم)، استحوذ المختار على الكوفة بطريقة التشييع وإظهار الأخذ بثأر الحسن، والتفت عليه جماعات كثيرة، كان يظهر مدح ابن الزبير في العلانيّة، ويسبه في السر، سار مصعب بن الزبير إلى البصرة بجيش هائل، وكان المختار في نحو عشرين ألفاً، وقد حمل عليه المختار مرة فهزمه، ولم يثبت جيشه حتى جعلوا ينصرفون عنه لاحقين وينقمون عليه، فلما رأى المختار ذلك انصرف إلى قصر الإمارة، فحاصره مصعب أربعة أشهر وقتله في مثل هذا اليوم.
عام 377هـ:
في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك الموافق 5 يناير 988م، أبصر النور الأمير عبدالرحمن الناصر، أمير الأندلس، درس القرآن الكريم والسُّنة وهو طفل في العاشرة من عمره، برع في النحو واللغة والشعر والتاريخ، استطاع الأمير عبدالرحمن الناصر أن يعيد الاستقرار والهدوء إلى الأندلس في فترة بدأت تتجاذبها الأعاصير وتهددها رياح الاضطراب والفرقة والانقسام، كان شديد القرب من الرعية، عطوفاً عليها، وفيه يقول ابن عبد ربه، صاحب كتاب “العقد الفريد”:
بدا الهلالُ جديداً والملكُ فيه جديدُ
يا نعمة اللهِ زيدي ما كان فيكِ مزيدُ
إن كان للصوم فطراً فأنت للدهرِ عيدُ
عام 612هـ:
في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك توفي العلاّمة عبدالكريم بن عطاء الله أبو مُحَمّد الإسكندراني، كان إماماً في الفقه والأصول والعربية، تفقّه على أبي الحسن الأبياريّ، رفيقاً لابن الحاجب، له تصانيف كثيرة منها “شرح التهذيب”، “مختصر التهذيب”، “مختصر المفصّل”، كانت وفاته في مثل هذا اليوم.
عام 630هـ:
في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك وفاة مظفر الدين كوكبوري، أمير إربل، واحد من كبار القادة الذين شاركوا صلاح الدين الأيوبي في جهاده ضد الصليبيين، في مدينة “إربل” كان مولد مظفر الدين كُوكُبُوري في (27 المحرم 549هـ)، وكلمة “كُوكُبُوري” تركية معناها “الذئب الأزرق”، وقد اشتهر بهذا اللقب تقديراً لشجاعته وإقدامه، و”إربل” مدينة كبيرة، تقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة “الموصل” العراقية، على بعد 80 كم منها.
نشأ “مظفر الدين” في كنف والده “زين الدين علي بن بكتكين” حاكم إربل، وعهد به إلى من يقوم على تثقيفه وتربيته، وتعليمه الفروسية وفنون القتال، ثم توفي أبوه عام (563هـ/ 1167م)، وكان “مظفر الدين” في الرابعة عشرة من عمره، فخلف أباه في حكم إربل، ولكنه كان قاصراً عن مباشرة شؤون الحكم والإدارة بنفسه لصغر سنه، فقام نائب الإمارة “مجاهد الدين قايماز” بتدبير شؤون الدولة وإدارة أمور الحكم، ولم يبق لمظفر الدين من الملك سوى مظاهره.
ولما اشتد عود “مظفر الدين” نشب خلاف بينه وبين الوصي على الحكم “مجاهد الدين قايماز”، انتهى بخلع “مظفر الدين” من إمارة “إربل” عام (569هـ/ 1173م)، وإقامة أخيه “زين الدين يوسف” خلفاً لمظفر الدين على إربل.
تولى مظفر الدين ولاية “إربل” بعد وفاة أخيه “زين الدين يوسف” عام (586هـ/ 1190م)، وهنا يبرز دور آخر له لا يقل روعة وبهاء عن دوره في ميادين القتال والجهاد؛ فهو رجل دولة وإدارة يُعنى بشؤون إمارته؛ فيقيم لها المدارس والمستشفيات، ويقوم على نشر العلم وتشجيع العلماء، وينهض بالزراعة والتجارة، ويشارك أهل إمارته أفراحهم، ويحيا حياة بسيطة هي أقرب إلى الزهد والتقشف من حياة التوسط والاكتفاء.
غير أن الذي يثير الإعجاب في نفوسنا هو إقدامه على إقامة مؤسسات اجتماعية لفئات خاصة تحتاج إلى رعاية الدولة وعنايتها قبل أن يجود عليهم أفراد المجتمع بعطفهم ومودتهم، وكان البعض يظن أن هذا من نتاج المدنية الحديثة، فإذا الحقيقة تثبت سبق الدولة الإسلامية إلى هذا النوع من العمل الإنساني منذ عهد الوليد بن عبدالملك الخليفة الأموي.
أقام مظفر الدين لذوي العاهات دُوراً خاصة بهم؛ خصصت فيها مساكن لهم، وقرر لهم ما يحتاجون إليه كل يوم، وكان يأتي لزيارتهم بنفسه مرتين في الأسبوع؛ يتفقدهم واحداً واحداً، ويباسطهم ويمزح معهم، كما أقام دُوراً لمن فقدوا آباءهم وليس لهم عائل؛ حيث يجدون فيها كل ما يحتاجون، حتى اللقطاء بنى لهم داراً، وجعل فيها مرضعات يقمن برعايتهم، ومشرفات ينهضن بتربيتهم، وأنشأ للزمنى وهم المرضى بالجذام داراً يقيمون فيها، وزودها بكافة الوسائل التي تعينهم على الحياة الكريمة من طعام وشراب وكساء وعلاج، وجعل لكل مريض خادماً خاصاً به يقوم على رعايته وخدمته.
وتعدى نشاط مظفر الدين إلى خدمة غير أهل بلاده؛ فبنى داراً للضيافة في إربل لمن يفِد إليها للتجارة أو لقضاء مصلحة، أو للمسافرين الذين يمرون بـ”إربل”؛ حيث يقدم للضيف كل ما يحتاج إليه من طعام وشراب، كما زودت بغرف للنوم، ولم يكتف مظفر الدين بذلك، وإنما كان يقدم للضيف الفقير نفقة تعينه على تمام سفره.
وامتد بره إلى فقراء المسلمين في الحرمين الشريفين: مكة والمدينة؛ فكان يرسل إلى فقرائهما كل سنة غذاء وكساءً ما قيمته ثلاثون ألف دينار توزع عليهم، كما بنى بالمدينتين المقدستين خزانات لخزن ماء المطر، حتى يجد سكانهما الماء طوال العام، وذلك بعد أن رأى احتياجهما إلى الماء وما يجدونه من مشقة في الحصول عليه، خاصة في مواسم الحج.
ورأى المظفر أنه مسؤول عن الأسرى الذين يقعون في أيدي الصليبيين؛ فلم يتوانَ في شراء حريتهم، فكان يرسل نوابه إلى الصليبيين لفداء الأسرى، وقد أُحصي الأسرى الذين خلصهم من الأسر مدة حكمه فبلغوا ستين ألفاً ما بين رجل وامرأة.
ظل مظفر الدين يحكم مدينة إربل نصف قرن من الزمان حتى جاوز عمره الثمانين عاماً، ثم وافاه الأجل في يوم الأربعاء (8 رمضان 630هـ/ 1232م) في إربل، وكانت له وصية أن يدفن بمكة، فلما توجه الركب إليها بجثمان مظفر الدين ليدفن بها حالت أمور دون وصولهم، فرجعوا من الطريق ودفنوه بالكوفة بالقرب من مشهد الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
عام 636هـ:
في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك الموافق 20 أبريل 1239م، رحل الحافظ الكبير زكي الدين أبو عبدالله بن مُحَمّد البرزالي الإشبيلي، أحد من اعتنى بصناعة الحديث وبرز فيه، وأفاد الطلبة، وكان شيخ الحديث بمشهد ابن عروة، توفي في مثل هذا اليوم في مدينة حماة في سورية.
عام 666هـ:
في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك الموافق السبت 28 مايو 1268م، فتح السلطان الملك الظاهر مدينة أنطاكية، فخرج إليه أهلها يطلبون منه الأمان، وشرطوا شروطاً له عليهم، فأبى أن يجيبهم، وردهم خائبين، وحرّر الأسرى المسلمين فيها، وكان الأغريس صاحبها، من أشّد الناس أذية للمسلمين، وعاد السلطان مؤيداً منصوراً، فدخل دمشق في السابع والعشرين من شهر رمضان.
عام 716هـ:
في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك رحل محبّ الدين عليّ بن الشيخ تقيّ الدين بن دقيق العبد، ولد بقُوص في شهر صفر سنة سبع وخمسين وستمائة للهجرة النبوية الشريفة، كان فاضلاً ذكياً، شرح التعجيز شرحاً جيداً، ولّيَ تدريس الكهاريّة والسيفيّة، توفي في مثل هذا اليوم ودُفن عند والده، وهو زوج ابنة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله.
عام 748هـ:
في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك كانت بداية ولاية السلطان حسن بن الناصر مُحَمّد قلاوون، تولى الحكم صغيراً، ولم يكن مطلق اليد في تصريف شؤون الدولة، وهو صاحب أعظم أثر إسلامي في مصر، المعروف باسم مدرسة السلطان حسن.
ولد السلطان حسن عام (735هـ/ 1335م) ونشأ في بيت ملك وسلطان؛ فأبوه السلطان الناصر محمد بن قلاوون صاحب أزهى فترات الدولة المملوكية، بلغت فيها الدولة ذروة قوتها ومجدها، وشاء الله أن يشهد الوليد الصغير ست سنوات من سني حكم أبيه الزاهر، فقد توفي سنة (741هـ/ 1340م)، وخلفه ستة من أبنائه لا يكاد يستقر أحدهم على الملك حتى يعزل أو يقتل ويتولى آخر حتى جاء الدور على الناصر حسن فتولى السلطنة في (14 رمضان 748هـ/ 18 ديسمبر 1347م) صبياً غض الإهاب لا يملك من الأمر شيئاً، قليل الخبرة والتجارب، فقيراً في القدرة على مواجهة الأمراء والكبار وتصريف الأمور.
وكان يدبر الأمر الأميران “منجك” وأخوه “بيبجاأرس”، وأصبح السلطان حسن كالمحجور عليه عاجزاً عن التصرف، وشاءت الأقدار أن تشهد السنة الثانية من حكمه ظهور الوباء الذي اشتد بمصر وفتك بمئات الألوف، ويذكر المؤرخون أنه كان يموت بمصر ما بين عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألفاً في اليوم الواحد، وحفرت الحفائر وألقيت فيها الموتى؛ فكانت الحفرة يدفن فيها ثلاثون أو أربعون شخصاً، وعانى الناس من الضرائب والإتاوات التي فرضها عليهم الأميران الغاشمان؛ فاجتمع على الناس شدتان: شدة الموت، وشدة الجباية.
وفي عام (751هـ/ 1350م) أعلن القضاة أن السلطان قد بلغ سن الرشد، وأصبح أهلاً لممارسة شؤون الحكم دون وصاية من أحد أو تدخل من أمير، وما كاد يمسك بيده مقاليد الأمور حتى قبض على الأميرين وصادر أملاكهما، وكان هذا نذيراً لباقي الأمراء، فخشوا من ازدياد سلطانه واشتداد قبضته على الحكم، فسارعوا إلى التخلص منه قبل أن يتخلص هو منهم، وكانوا أسرع منه حركة؛ فخلعوه عن العرش في (17 جمادى الآخرة 752هـ/ 11 أغسطس 1351م)، وبايعوا أخاه الملك صلاح الدين بن محمد بن قلاوون، وكان فتى لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره.
مدرسة السلطان حسن:
بدأ السلطان حسن في بناء مدرسته الشهيرة سنة (757هـ/ 1356م) بعد أن استتب له الأمر وأصبحت مقاليد الأمور في يديه، واستمر العمل بها ثلاث سنوات دون انقطاع حتى خرجت على النحو البديع في البناء والعمارة.
والمدرسة أو مسجد السلطان حسن تقع على مساحة 7906 أمتار مربعة، أي ما يقرب من فدانين، وهي على شكل مستطيل غير منتظم الأضلاع، ويبلغ امتداد أكبر طول له 150 متراً، وأطول عرض 68 متراً، وهو خال من جميع الجهات؛ ولذلك فللمسجد أربع واجهات، وتقع الواجهة الرئيسة في الضلع الشمالي الذي يبلغ طوله 145 متراً، وارتفاعه 37.80 متراً، ويؤدي الباب الرئيس للمسجد إلى مدخل يؤدي إلى الصحن وهو مربع الشكل تقريباً يبلغ طوله 34.60 متراً، وهو مفروش بالرخام، ويتوسطه فسقية للوضوء تعلوها قبة خشبية تقوم على ثمانية أعمدة.
وحول الصحن من جهاته الأربع إيوانات المدرسة، أكبرها إيوان القبلة، وتبلغ فتحته 19.20 متراً، وعمقه 28 متراً، ويتوسط الإيوان دكة المبلغ، وهي من الرخام، ويوجد في صدر الإيوان محراب كبير مغطى بالرخام الملون والمحلى بالزخارف مورقة تتخللها عناقيد العنب، ويجاور المحراب منبر من الرخام له باب من النحاس المفرغ.
ويكتنف المحراب بابان يوصلان إلى القبة التي تقع خلف المحراب، وهي مربعة، طول كل ضلع من أضلاعها 21 متراً، وارتفاعها إلى ذروتها 48 متراً، وبها محراب من الرخام محلى بزخارف دقيقة، وبالجانب القبلي الشرقي المنارتان العظيمتان، ويبلغ ارتفاع كبراهما 81.50 متراً.
ويحيط بالصحن أربع مدارس للمذاهب الأربعة تعد مساجد صغيرة محدقة بالجامع الكبير، وتتكون كل مدرسة من إيوان وصحن تتوسطه فسقية، وتحتوي كل مدرسة على ثلاثة طوابق تشتمل على غرف الطلبة والدرس، ويطل بعضها على صحن المدرسة وبعضها الآخر يطل على الواجهات الخارجية، وتعد المدرسة الحنفية أكبر المدارس؛ إذ تبلغ مساحتها 898 متراً.
نظام التدريس:
وقد قرر حسن لكل مذهب من المذاهب الأربعة شيخاً ومائة طالب، في كل فرقة خمسة وعشرون متقدمين، وثلاثة معيدين، وحدد لكل منهم راتباً حسب وظيفته، وعين مدرساً لتفسير القرآن، وعين معه ثلاثين طالباً، عهد إلى بعضهم أن يقوموا بعمل الملاحظة، وعين مدرساً للحديث النبوي، وخصص له راتباً قدره 300 درهم، ورتب له قارئاً للحديث.
وعين بإيوان مدرسة الشافعية شيخاً مفتياً، ورتب معه قارئاً، يحضر أربعة أيام من كل أسبوع، منها يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة، ويقرأ القارئ ما تيسر من القرآن والحديث النبوي، كما عين مدرساً حافظاً لكتاب الله عالماً بالقراءات السبع، يجلس كل يوم ما بين صلاة الصبح والزوال بإيوان الشافعية، وجعل معه قارئاً يحفظ من يحضر عنده من الناس.
ولضمان انتظام العمل بالمدرسة عين السلطان حسن اثنين لمراقبة الحضور والغياب، أحدهما بالليل والآخر بالنهار، وأعد مكتبة وعين لها أميناً، وألحق بالمدرسة مكتبين لتعليم الأيتام القرآن والخط، وقرر لهم الكسوة والطعام؛ فكان إذا أتم اليتيم القرآن حفظاً يعطى 50 درهماً، ويمنح مؤدبه مثلها ومكافأة له.
وعين السلطان طبيبين: أحدهما باطني والآخر للعيون، يحضر كل منهما كل يوم بالمسجد لعلاج من يحتاج من الموظفين والطلبة.
وقد احتفل السلطان حسن بافتتاح مدرسته قبل إجراء باقي الأعمال التكميلية، وصلى بها الجمعة، وأنعم على البنائين والمهندسين، وقد ظل اسم المهندس الفنان الذي أبدع هذا العمل مجهولاً قروناً طويلة حتى كشف عنه الأستاذ حسن عبدالوهاب، وتوصل إليه وهو محمد بن بيليك المحسني من خلال الكتابة الجصية الموجودة في المدرسة الحنفية.
ولا يزال هذا الأثر الخالد يثير الدهشة والإعجاب في نفوس زائريه، كما أثارها من ساعة تشييده على معاصريه وزائريه من الرحالة والمؤرخين.
عام 922هـ:
في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك الموافق 11 أكتوبر 1516م، تولّى طومان باي عرش السلطنة في مصر، عقب الهزيمة التي مُنيت بها قوات المماليك، بقيادة سلطان مصر قنصوه الغوري، في الرابع والعشرين من شهر أغسطس 1516م، حيث قُتل الغوري في تلك المعركة، وقد دام حكم “طومان باي” لمصر مدة ثلاثة أشهر ونصف الشهر، حيث استولى العثمانيون على مصر في التاسع والعشرين من شهر ذي الحجة للعام الهجري 922 الموافق للثاني والعشرين من شهر يناير للعام الميلادي 1517م، وأمر السلطان العثماني سليم الأول بإعدام طومان باي بعد ثلاثة أشهر، وبتفصيل أدق، ظل طومان باي يعمل على المقاومة بما تيسر له من وسائل، واجتمع حوله كثير من الجنود وأبناء الصعيد حتى قويت شوكته، غير أنه أدرك أن هذا غير كاف لتحقيق النصر، فأرسل إلى سليم الأول يفاوضه في الصلح، فاستجاب له السلطان العثماني، وكتب له كتاباً بهذا، وبعث به مع وفد من عنده إلى طومان باي، لكن الوفد تعرض لهجوم من بعض المماليك وقتل بعض رجاله؛ فحنق السلطان سليم الأول وخرج لقتال طومان باي بنفسه، والتقى الجيشان قرب قرية “الوردان” بالجيزة في (9 من ربيع الأول 923 هـ/1 أبريل 1517م)؛ حيث دارت معركة حامية استمرت يومين وانتهت بهزيمة طومان باي وفراره إلى البحيرة.
لجأ طومان باي إلى أحد رؤساء الأعراب بإقليم البحيرة طالباً منه العون والحماية فأحسن استقباله في بادئ الأمر، ثم وشي به إلى السلطان سليم الأول، فسارع بإرسال قوة للقبض عليه فأتت به إليه، وأخذ السلطان يتأمله معجباً بشجاعته وفروسيته، ثم عاتبه واتهمه بقتل رسله الذين أرسلهم لمفاوضته في الصلح، فنفى طومان باي التهمة عن نفسه، وبرر استمراره في القتال بأن الواجب يحتم عليه هذا، وكاد السلطان العثماني من إعجابه بشجاعة طومان باي أن يعفو عنه، ولكنه لم يفعل تحت تأثير الوشاة الذين حرّضوا السلطان على قتله بحجة أن لا بقاء لملكه في مصر ما دام طومان باي على قيد الحياة.
وفي يوم الأحد الموافق (21 من شهر ربيع الأول 923هـ/ 15 أبريل 1517م) أخرج طومان باي من سجنه، وسار وسط حرس عدته 400 جندي إلى باب “زويلة”؛ حيث نصبت له مشنقة فتقدم لها هادئ النفس ثابت الجنان والناس من حوله يملؤون المكان حيث لقي حتفه وسقط ميتاً؛ فصرخ الناس صرخة مدوية تفيض حزناً وألماً، وظلت جثته معلقة ثلاثة أيام ثم دفنت في قبة السلطان الغوري، وبموته انتهت دولة المماليك وسقطت الخلافة العباسية، وأصبحت مصر ولاية عثمانية.
عام 1278هـ:
في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك وفاة أحمد الباي سلطان تونس، حاول أن يقيم هناك نهضة إصلاحية محاولاً الاستفادة من تجربة مُحَمّد علي بمصر.
عام 1414هـ:
رمضان يهّل هذا العام والمسلمون في البوسنة يقاتلون للدفاع عن وجودهم الإسلامي، فالبوسنة أو كما كان يُسمى أهلها قديماً البوشناق، قد دخلها الإسلام في الفتح العثماني في القرن الخامس عشر على يد السلطان سليمان القانوني، وبعد سقوط الدولة العثمانية وهزيمتها في الحرب العالمية الأولى، أعلنت يوغوسلافيا استقلالها، وفي الحرب العالمية الثانية، وقعت يوغوسلافيا تحت الحكم الألماني النازي بقيادة “هتلر”، فبدؤوا باضطهاد المسلمين فيها، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ظهرت يوغوسلافيا التي حررها السوفييت دولة موحدة تعهد زعمائها بالمحافظة على حياة وممتلكات كل فئات الشعب اليوغسلافي، بعد انهيار الشيوعية في الاتحاد السوفييتي أخذ الصرب يفكرون بالقضاء على المسلمين البوشناق في البوسنة والهرسك وكذلك في إقليم الجبل الأسود، فالتهموا ثلاثة أرباع أراضي جمهورية البوسنة والهرسك، بعد تفكك دولة الاتحاد اليوغسلافي، المكونة من صربيا والجبل الأسود وسلوفينيا ومقدونيا وكرواتيا، وراح نتيجة لهذه المعارك ربع مليون قتيل وجريح ومعاق، تدخلت الأمم المتحدة بعد ضغوط عليها لمحاولة حل المسألة البوسنية، حيث قسمت أراضي البوسنة بين إقليم للصرب وإقليم للبوسنيين والكروات.