راجت أنباء عن إلقاء السلطات الأمنية المصرية على المستشار هشام جنينة، الرئيس السابق الجهاز المركزي للمحاسبات نائب المرشح الرئاسي المعتقل سامي عنان، فور بيان القوات المسلحة بملاحقته قانونياً بعد تصريحاته الأخيرة التي كشف فيها عن وجود مستندات تدين الرئيس المصري المنتهية ولايته بالعديد من الجرائم، فيما أكدت مصادر إعلامية مثول المستشار جنينة، اليوم الثلاثاء، أمام النيابة العسكرية بالتزامن مع عدم النشر في القضية.
وكان المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية العقيد تامر الرفاعي استنكر تصريحات المستشار جنينة حول احتفاظ الفريق مستدعى سامى عنان بوثائق وأدلة يدعي احتواءها على ما يدين الدولة وقيادتها، وتهديده بنشرها حال اتخاذ أي إجراءات قانونية قبل المذكور، وهو أمر بجانب ما يشكله من جرائم يستهدف إثارة الشكوك حول الدولة ومؤسساتها، في الوقت الذي تخوض فيه القوات المسلحة معركة الوطن في سيناء لاجتثاث جذور الإرهاب.
وقال في بيان على صفحته الرسمية: “وهو الأمر الذي تؤكد معه القوات المسلحة أنها ستستخدم كافة الحقوق التي كفلها لها الدستور والقانون في حماية الأمن القومي والمحافظة على شرفها وعزتها، وأنها ستحيل الأمر إلى جهات التحقيق المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية قِبَل المذكورين”.
من جانبه، قال الإعلامي المقرب من السيسي عمرو أديب: إن المستشار هشام جنينة قرر الدخول في «مواجهة واضحة جدًا مع الدولة المصرية»، وتساءل أديب، في برنامجه «كل يوم»، مساء أمس الإثنين: «إذا كان الفريق سامي عنان يحتفظ بوثائق تدين بعض الشخصيات في المجلس العسكري، فلماذا لم يذعها؟.. عنان كان عضوًا في المجلس العسكري، وهذا يضعنا أمام سؤال آخر: هل كنت شريكًا في هذه المصائب؟ أم كنت طرفًا صامتًا؟ أنت كنت شريكًا ضامنًا متضامنًا في كل ما حدث حتى صعود الرئيس الأسبق محمد مرسي، الذي أطاح بوزير الدفاع ورئيس الأركان وقتها”.
وقال: «إذا كان هشام جنينة لديه فحوى هذه الوثائق، فلماذا لم يتحدث؟ هذا الراجل قال: إنه وصل لمرحلة التهديد بالقتل، نحن أمام عدة أطراف قررت أنها “تطرمخ”، وإذا كان هناك إجرام فأنت (عنان وجنينة) ضامن متضامن فيه، أنت “ما بتغسلش إيديك”، والساكت على الحق شيطان أخرس، هذا التهديد دائمًا تفوز فيه الدولة»، موضحا أن المستشار جنينة سيمثل، الثلاثاء، أمام النيابة العسكرية، مؤكدًا أن «السلطات ستصدر بيانًا بمنع النشر في هذه القضية»، على حد قوله.
وكان جنينة أكد في حوار أجراه مع أحد المواقع الإخبارية، مساء الأحد، بأن سامي عنان يمتلك وثائق مهمة وخطيرة تمس القوات المسلحة في فترة ما بعد ثورة يناير 2011، وقام بحفظها مع أشخاص يقيمون خارج مصر –لم يسمهم- وسيتم الإعلان عنها إذا حدث مكروه للفريق خلال فترة احتجازه
من جانبه، أعلن اللواء سيد هاشم، رئيس هيئة القضاء العسكري الأسبق، أن ما ذكره جنينة يجعله مطلوبًا للنيابة العسكرية، وإذا ثبت صحة كلامه فإنه يكون قد أدخل الفريق سامي عنان في جريمة إخفاء مستندات تقع ضمن جرائم محددة وفقًا للقانون (25 لسنة 1966) التي تنص على أن الوثائق تقع ضمن الاختصاص الولائي للقضاء العسكري، أما في حالة إنكار المستشار جنينة ذلك أثناء التحقيق معه في النيابة العسكرية، وإثبات النيابة لها، فإنه سيواجه عقوبة من 3 إلى 15 عامًا بتهمة نشر شائعات تهدد الأمن القومي.
وشدد رئيس هيئة القضاء العسكري الأسبق في تصريحات صحفية على أن ما صرح به جنينة، في حال التمسك به، قد ترى النيابة العسكرية استدعاء الفريق سامي عنان لسؤاله في الأمر، وإذا ثبتت صحة إخفاء مستندات فإنه سيكون متهمًا في قضية، وفقًا للاختصاص الولائي للقضاء العسكري، وفي حالة إنكاره لما نسبه إليه جنينه، وثبوت ذلك يقينًا لدى النيابة فلا عقوبة عليه.
لن أتخلى عنه!
وفي أول تعليق من علي طه، محامي المستشار هشام جنينة، أكد أن موكله كان يملك الصمت بحجة المرض، لكنه فارس نبيل، قد تكون تصريحاته غير مصبوغة بصبغة السياسة التي تحميه من المسؤولية، لكنه لا يملك فن التلاعب بالألفاظ، ولا تجميل ما يقول، انظروا إليه كذلك ولا داعي لأن يقذف بجهل ممن ضحى من أجلهم، فليس ذنبه أنه لم يتاجر بأحلامهم كغيره ويستخدم أحلامنا لتحقيق طموح شخصي.
ووصف طه المستشار جنينة في تصريحات على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بأنه وطني لا يزايد على حبه لمصر أحد، فقد كان قاضيها، ومحتسبها، المراقب على مالها، لم يرصد له أحد ساقطة، فحق تسميته ضمير الوطن، ردد ما سمعه وصدقه ووعد بتحقيقه وصولاً لدولة الحق والعدل والكرامة، ولم يعي أن أحلامه وأحلامنا من الممكن أن تكون وعوداً سياسية لمصالح انتخابية، فوثق وأيد وساند ورغم ما تعرض له أخذ يدافع عن من عاهده رغم فداحة الثمن.
وتعاهد طه باستكمال الدفاع عن جنينة حتى آخر نفس قائلاً: أشهد أنني ما وجدت أخلص ولا أنبل منه حباً للوطن، ولن أتخلى عنه حتى آخر نفس في حياتي، فمثل هذا الرجل يخرج ممن حوله أجمل ما فيهم، وأشهد أنك يا هشام يا جنينة أنبل وأشجع من قابلت، وكفاني وشرفني اختيارك لي محاميك، وأدعو الله أن يثبتني ويعينني على القادم إلى جوارك، فشجاعتك وصلابتك أيها الشيخ العجوز عمراً، شباب العزيمة، ألهمتني أن الحياة لحظة إما أن تكون فيها رجلاً أو لن تلحق أبداً بركب الرجال.
وأضاف: نموت واقفين، وأبداً لن نحيا راكعين، وسنترك النضال لوارثينا، بخطانا على طريق الحق مكملين، راضين بالموت فداء الوطن وهو ثمن قليلا، ألا أيها المتربص بنا، لم تهزم شيخاً بيّنا في السن طعيناً، فكيف بِنَا ونحن شباب تربينا على الحق والعدل وطهرت ثورة يناير كل خطايينا، وهذا هشام جنينة أشجع من فينا، يتحدى بصلابة أخجلت كل المهادنينا، إذا ما تسرب إلى قلوبنا جبناً أو فكرنا في الخضوع حيناً، معك يا جنينة مهما كلفني الدرب ومهما كان الخطب مقاتلاً صلباً لا يلينا، هذا عهد أسأل عنه يوم الدين.
من جانبها، قررت النيابة العسكرية في وقت لاحق من مساء الثلاثاء، حبس المستشار هشام جنينة 15 يوماً على ذمة التحقيقات، على خلفية تصريحاته، وانتقد علي طه، محامي جنينة، القرار ضمنياً في تغريدات على صفحته الرسمية قائلاً: “الفأر العجوز عاد إلى الجحور، والأسد الجسور مكانه الليلة غياهب السجون” في إشارة إلى جنينة، مضيفاً: “يدفع الأسد دوماً فواتير صمت الخصيان، فهل سيأتي يوماً وتنجب يا وطني رجالاً”، فيما انتشرت تعليقات على تغريداته تتساءل عن موقف الفريق سامي عنان، وما قيل عن تبرؤه مما قاله المستشار جنينة؟ ولكنه لم يعلق.