لا شك أيها القارئ الكريم؛ في التعليم والتربية لا يمكن أن تعمل دفعة واحدة وتكون النتيجة واحدة دفعة واحدة في كل شيء؛ في المجال العلمي والتربوي إلخ.. فهذه لا يمكن أن تأتي دفعة واحدة مثل ” جني الفانوس ” في أفلام الخيال، وإنما التعليم والتربية لا تكتمل إلا خطوة خطوة، ولا بد من فهم أن المعلومة سلسلة وحلقات؛ نهضم الأولى لنستطيع هضم الثانية، وإن لم تهضم الأولى لا يمكن أن تستوعب الثانية وهكذا.
نعم أيها القارئ الكريم؛ فلذلك، الباطل والظلم والزيغ حينما يستبد في مكان ما أو بلد ما؛ لا يمكن أن يكون الخلاص منه في عشية وضحاها ” شبيك لبيك ” فهذا أمر لا يكون إلا في أفلام المهازل والخيال، أما في الواقع فهو – التغير الجذري والسريع – هو قاعدة أصيلة من قواعد الشيطان الرجيم الذي يحرض أولياءه باسم الإصلاح للتغيير الجذري السريع ومن ثم ينفث وينال الشيطان بغيته من خلال إنكاره المنكر والإتيان بمنكر أكبر منه؛ خصوصًا في عظام الأمور، وهذا ما حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تنكر منكراً وتأتي بأكبر منه ” .
نعم أيها القارئ الكريم.. المسلم يجب أن يكون صاحب فطنة وكياسة فالكيس الفطن من علم الحسن والأحسن والسيء والاسوأ، حسن أن تعلم الباطل والحق، والأحسن أن تعلم آلية العمل الأنسب في الميدان؛ وبعد النظر في النتائج كما نرى ذلك ميدانيًا ونعايشه في تركيا، وإصلاحاتها حقيقة، وكيف تواجه العلمانية بمرحلية وتدرج، تلك العلمانية التي أسسها الماسوني اليهودي المنافق ” أتاتورك “.
ويجب أن نعلم أيضًا أن التدرج سنة إلهية حتى في بعض التحليل والتحريم وجعلها أيضًا بين الناسخ والمنسوخ أحياناً كما بين القرآن ذلك والسنة النبوية، وهما لا شك منهج للمسلم نصًا وقصصًا وفهمًا واستنباطًا.
البعض منا يخلط بين المرحلية والمجتمع ويساوي بين المجتمع الكافر في عهد النبوة بداية وبين مجتمعاتنا اليوم ومن ثم يدعِ أن الدين اكتمل والمرحلية والتدرج انتهى أمرهما والعمل بهما! وأن عملنا بهما يعني إدخال الجاهلية على المجتمع كقريش قبل الإسلام علمًا أن جاهلية المجتمع ليس لها دخل في مسالة المنهج اليوم.
إن كان يجهل المجتمع بعض الأمور أو كثير منها؛ لا يعني أنه جاهلي كقريش سابقاً.
إن المراحل التي مرت بها الدعوة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هي منهج لكل مسلم وجماعة تمر بنفس الأمر وقدوتهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ” لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ…. ” (جزء من الآية 21 الأحزاب).
نعم فمن المرحلية في الدعوة تتطلب السرية أحيانًا، وذلك من أجل التدرج في بيان الدعوة ومن ثم استيعابها من المجتمع والمحيط الذي تعمل فيه؛ ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة وذلك في بداية دعوته كانت سرية وهي دعوة الاجتماع في بيت الأرقم مع الخواص من المسلمين حاملي الدعوة والمنهج تعلمًا وتعليمًا.
وللعلم أيها القارئ الكريم؛ هذه المرحلية والتدرج هضمها العدو في الوقت الحالي أكثر من بعض المسلمين وبعض أدعياء المشيخة! مع الأسف الشديد.
نعم.. لا يخفى أن التنظيمات المنحرفة مثل الشيوعية الملحدة، والتنظيمات الماسونية تعمل بها بحرفية من الكتمان والتدرج والتستر من حيث الطرح المرحلي والتدرج مع وفي من ينتظم معهم؛ وذلك بطرح المتشابه والتدرج في طرح التشكيك في الدين؛ وكذلك تعمل الباطنية وهي لاشك وليدة اليهودية، لتأصيل؛ ان علومهم لا يعلمها إلا علية القوم منهم، وهذه العلوم من اسرار الله تعالى لا يفتح الله بها الا على علية القوم منهم فقط! ومن خلال هذا يستدرجون المريد إلى عبادة العبد بشكل او باخر بدلا من المعبود الحق جل جلاله، وهذه أيضًا حذرنا الله منها “… وَلاَ تَتَّبِعُواْ خطوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّه مَا لاَ تَعْلَمُونَ “.
نعم يعمل بالأمر الصغير التراكمي خطوة خطوة لعدم الاستفزاز للمقابل بداية؛ كما الماسونية والباطنية ومع الزمن والأيام تكون المعلومات جداً كبيرة وثقيلة ثم التقول على الله بجهل ” وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّه مَا لاَ تَعْلَمُونَ “
من حقنا أيضًا ان نسأل أنفسنا حينما نعيش حالة جهاد، ماذا نعني بالجهاد؟
لا شك يشمل ” جهاد النفس ومواصلة الطاعة والصبر عليها، وجهاد النفس في مواجهة مغريات المعصية، الجهاد في الكلمة والقلم، الجهاد في العلم، الجهاد في ساحة القتال ” وكلٍ من هذا يحتاج معرفة وعلم حتى تحقق معنى جهاد في هذا الميدان الجهادي او ذاك؛ وكل مرحلة منهم لها قواعدها ومراحلها التعليمية والجهادية؛ ولا شك هذا يحتاج المرحلية والتدرج لاستيعاب الامر بتكامل الجهاد .
ولو دققنا سنجد المرحلية أمر خلقي وكوني أيضاً؛ أوجده الله تعالى حتى في خلق مخلوقاته، وهو الذي إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، نعم يقول الله تعالى: ” وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ” وخلق الانسان اطوارا نطفة فعلقة .. الخ . ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في تغيير المنكر ” باليد، اللسان، القلب ” وذلك حسب الوضع تسير هذه المرحلة أو تلك حتى يتم النضوج للمرحلة الافضل والارقى والأقوى، ورسولنا صلى الله عليه وسلم قدوتنا؛ ما أعلن الجهاد حتى أذن له، نعم .. بعد أن ظهرت الارضية الصلبة والمناسبة للمجاهدين من اجل اقامة الدولة .
نعم .. استمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقارب من ثلاثة اعوام سرا يعد القاعدة الصلبة لحمل الدعوة والثبات عليها ، ثم بدأ مرحلة التبليغ والتحرك داخل المجتمع وبيان عوار المجتمع في هذه المسالة واحقية ما يحمله ويدعو له ، وهذه المرحلة اخذت من رسولنا ما يقارب من عشر سنوات دعوة ، ثم جاءت المرحلة الثالثة والاخيرة بعد الهجرة وهي مرحلة تأسيس الدولة ؛ ومن ثم تكامل الدعوة بالتي هي احسن وقوة الحجة عملا ولسانا وقلبا ، وقوة عسكرية بعد ان اذن لهم الله تعالى بذلك ” اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير .. ” فلذلك أقول: خير من يعمل بذلك اليوم ونعايشه ونراه هو النظام التركي، وها نحن نعرض بعض ما كانت عليه تركيا ومؤسسها قبل ٨٠ سنة تقريبا وماذا فعل ونقارن كيف تم الخلاص من كثير من هذه المساوئ الأتاتوركية الماسونية التوراتية المعادية للإسلام بالتدرج ، ومرحليا تجنبا من انكار منكر والاتيان بأكبر منه.
١- أسقط اتاتورك الخلافة
٢- مسح اثار الوحي فألغى الاذان
٣- غير الحروف التركية من العربية إلى اللاتينية ليقطع صلتها بالقران العظيم
٤- أبطل المدارس الاسلامية
٥- تحويل آيا صوفيا إلى متحف
٦- منع الحجاب ومحاكمة من ترتديه؛ وصرح بالشورت للمرأة
٧- ممنوع تدريس القران ومجالسه جريمة يحاسب عليها القانون
٨- نشر بيوت الدعارة
٩- قانون للمثليين
١٠- اغلاق الكثير من المساجد
١١- عدم رفع الاذان
١٢- الزواج الشرعي ملغي وبدلا منه المدني! وهذا جزء يسير مما فعله اتاتورك الماسوني عداءً للإسلام.
هذه الامور بعد مرور السنوات الطوال تحتاج إلى الفطنة والكياسة في الدعوة وفهم التدرج المرحلي؛ فهم الكيس الفطن الذي يعلم الحسن والاحسن والسيء والاسوأ فهنيئا لأردوغان وتركيا هذا الفهم الدقيق العميق.
السؤال: ما الأفضل.. ؟ التغير المرحلي والتدريج ومن ثم بعد فترة تطيب الحياة بما يرضي الله تعالى من غير إهدار الدماء؟
أم التغيير الكلي المفاجئ ومن ثم هدر الدماء والفتن ، ومن الممكن تقسيم البلاد وغموض المستقبل ؟!
اختم بوصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ في أهل اليمن.
” إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فإذا جئتَهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتُرَدُّ على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائمَ أموالهم، واتقِ دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينه وبين الله حجابٌ “
ـــــــــــــــــــــ
إعلامي كويتي.