قال وزير الاتصالات اللبناني جوني القرم: إن المشكلة الأساسية للاتصالات في البلاد هي انقطاع الكهرباء، مبيناً أن إضراب موظفي هيئة “أوجيرو” التابعة لوزارته تسبب بشلل قطاع الاتصالات.
ومطلع سبتمبر الجاري، توقفت خدمات الاتصالات والإنترنت لعدة أيام في مناطق مختلفة بالبلاد، بسبب إضراب موظفي الهيئة التي تدير هذا القطاع.
ويبلغ عدد موظفي “أوجيرو” حوالي 2500، وهي تتبع للوزارة لكنها تتمتع باستقلالية إدارية، وتشكل البنية التحتية الأساسية لجميع شبكات الاتصالات بما في ذلك الهاتف المحمول وخدمات الإنترنت.
ويطالب موظفو الإدارات الحكومية في لبنان بتحسين رواتبهم، التي انهارت قيمتها على مدى السنوات الثلاث الماضية، إثر هبوط الليرة اللبنانية مقابل الدولار.
إلا أن المشكلة الأساسية المرتبطة بانقطاع الكهرباء، ما تزال المشكلة الأبرز في تأثر خدمات الاتصالات والإنترنت في عموم البلاد.
وما تزال قيمة الليرة تسجل تراجعاً ملحوظاً، حيث بلغ سعر صرف الدولار الواحدة مؤخراً 35 ألف ليرة في السوق الموازية، مقابل 1507 في السوق الرسمية.
ومنذ أواخر 2019 تعصف بلبنان أزمة اقتصادية حادة صنفها البنك الدولي واحدة من أشد 3 أزمات عرفها العالم، حيث أدت إلى انهيار مالي ومعيشي وشح بالوقود المخصص لتشغيل معامل الطاقة الكهربائية.
مفاوضات
وفي حديث لـ”الأناضول”، قال الوزير القرم: إن إضراب الموظفين تسبب بشلل قطاع الاتصالات، فيما أكد حقهم بالإضراب، لكنه شدد على رفضه توقف الخدمة (الاتصالات والإنترنت) عن الشعب.
وحذر القرم من أن استمرار الإضراب على المدى الطويل قد يؤدي إلى تعطيل هذا القطاع كلياً.
وبعد نحو 10 أيام من الإضراب، أعلنت نقابة الموظفين أواخر الأسبوع الماضي، تجميد إضرابها لعدة أيام بعد مفاوضات جرت مع الوزارة، تم خلالها التوصل إلى اتفاق لتحسين رواتب الموظفين.
الاتصالات الخلوية
يُفضل القرم أن يميّز بين الاتصالات الأرضية والإنترنت التي تديرهما “أوجيرو”، وقطاع الاتصالات الخلوية الذي تديره شركتان بنظام خاص تحت إشراف الدولة.
وقال: إنه بالنسبة للقطاع الخلوي جرى تعديل الأسعار واعتماد سعر صرف منصة “صيرفة” لسعر الدولار، ومن خلال هذه الطريقة استطاع القطاع تأمين الإيرادات الكافية لاستمراريته، والآن بدأنا ندرس مرحلة كيفية تحسين الخدمة.
ويبلغ سعر صرف الدولار الواحد وفق منصة “صيرفة” التابعة للبنك المركزي اللبناني حوالي 28 ألف ليرة، في وقت يبلغ سعر الصرف بالسوق الموازية 35 ألف ليرة.
أما بالنسبة إلى “أوجيرو”، فإنها تتبع الحكومة مباشرة، وبالتالي إيراداتها غير مرتبطة بكلفة تشغيلها، ومدخولها يذهب إلى خزينة الدولة، بينما كلفة التشغيل تأتي من الموازنة العامة السنوية للبلاد، بحسب الوزير.
لا موازنة
وشكا الوزير اللبناني من عدم إقرار البرلمان لموازنة عام 2022، لما لذلك من عواقب على حسن سير المرافق العامة، لكنه أوضح أن الأموال التي رصدت لقطاع الاتصالات غير كافية.
وبحسب الموازنة، جرى رصد 48 مليار ليرة (نحو 1.4 مليون دولار) لهيئة “أوجيرو”، وهو مبلغ لا يكفي لشراء المازوت لفترة قصيرة لتشغيل مولدات الكهرباء، ورأى الوزير أنها موازنة قديمة لا تراعي التغيرات الاقتصادية والمالية.
وبسبب توقف معظم محطات الطاقة الحكومية في البلاد نتيجة شح الوقود، يلجأ اللبنانيون إلى تأمين الكهرباء من مولدات خاصة، لكن كلفتها تعد باهظة جداً مقارنة بكهرباء المحطات الحكومية.
وتابع: الموازنة المنتظرة كان يجب أن تلحظ مصاريف إضافية، أهمها شراء مولدات خاصة لهيئة “أوجيرو” في ظل استمرار أزمة انقطاع الكهرباء في البلاد.
وكان البرلمان طلب من الحكومة مؤخراً إدخال تعديلات على الموازنة، قبل الموافقة عليها، خصوصاً فيما يتعلق بتعرفة الرسوم الجمركية واعتماد سعر موحد لسعر صرف الدولار، لكن ذلك لم يتمّ بعد.
استجرار الإنترنت من الخارج
وعن استجرار الإنترنت من الخارج، أكد الوزير أنه حتى الآن لا توجد أي مشكلات أو صعوبات في تأمين كلفة ذلك، مبيناً أن المشكلة الأساسية مرتبطة بصعوبة تأمين الطاقة.
وتبلغ كلفة استجرار الإنترنت قرابة 6 ملايين دولار في السنة، في وقت تعاني البلاد من عدم وفرة النقد الأجنبي المخصص للاستيراد على وقع تراجع غير مسبوق باحتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي.
وقال: إذا تأمنت الطاقة الكهربائية في البلاد، فإن أكثر من 50% من مشكلات قطاع الاتصالات تُحل.
أزمة الطاقة
ولفت إلى أن الوزارة تملك 3 آلاف مولد كهربائي كان من المفترض أن تعمل ساعتين أو ثلاث في اليوم، لكن بسبب انقطاع شبه تام للكهرباء الحكومية، فإن المولدات أصبحت مصدر الطاقة الأساسي، ما أدى إلى زيادة كلفة صيانتها وتأمين الوقود لتشغيلها.
وأكد أن الاعتماد على المولدات الخاصة ليس حلا دائماً، إنما الحل الشامل مرتبط بإعادة إنتاج الكهرباء من معامل الطاقة التابعة للحكومة.
ومنتصف مارس الماضي، أقرّت الحكومة خطة لزيادة إنتاج الكهرباء، إثر توقف معظم محطات الطاقة في البلاد منذ نحو عام ونصف عام، لكن الخطة لم تنفذ بعد.
ومطلع تموز يوليو الماضي، رفعت شركات الاتصالات والإنترنت في لبنان أسعار خدماتها بنحو 5 أضعاف تنفيذاً لقرار وزارة الاتصالات.
وقال مصدر قريب من الوزير آنذاك لـ”الأناضول”: إن تعديل الأسعار هدفه منع انهيار القطاع، وكان لا بد منه تماشياً مع ارتفاع أسعار المحروقات وهبوط قيمة العملة المحلية مقابل الدولار.