قطعت مسؤولة بارزة بالحزب الحاكم في السودان باستحالة تخلي حزب المؤتمر الوطني الحاكم وحكومته عن “الحركة الإسلامية”، باعتبارهما “ذراعين للحركة” وبأن المؤسسات الثلاث تعملان باتساق تام، وليس كما يشاع.
وقالت أمينة الأمانة الاجتماعية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم وعضو مجلس شورى الحركة الإسلامية مها أحد عبد العال، لـ”الأناضول” رداً على مزاعم وتكهنات بأن الحزب يفكر في التخلي عن الحركة الإسلامية ومكوناتها: “الحركة الإسلامية وذراعها السياسية حزب المؤتمر الوطني، وحكومة الوفاق الوطني التي تكونت بفكر من الحزب، تعملان في تناغم تام”.
وأوضحت عبدالعال: “الحكومة لم تعد حكومة حزب المؤتمر الوطني، بل هي حكومة حوار وفاق وطني باركها الشعب، وشارك فيها الوطنيون”.
وأضافت: “هناك الكثير من الأسئلة والتكهنات في وسائط التواصل الاجتماعي، ينقسم حولها الناس بين مشفق ومن يتمنى زوال الحركة، ومن يتمنى حدوث تشاكس بين أهل الحركة الإسلامية، لكن كل هذه المزاعم لم تحدث ولن تحدث”.
وفي سبتمبر الماضي، أبدى على الحاج محمد، الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي وخليفة زعيم الإسلاميين السودانيين الراحل حسن الترابي، مخاوفه من احتمال دفع الحركة الإسلامية لـ”ثمن ما” مقابل رفع العقوبات الأمريكية عن الخرطوم، خاصة إدراج السودان على قائمة داعمي الإرهاب للوزارة الخارجية الأمريكية.
والثمن الذي أشار إليه الحاج، يمكن تحسسه فيما خرج به مؤتمر “مجلس شورى الحركة الإسلامية القومي” الثاني عشر – 27 إلى 28 أكتوبر الماضي، بضاحية العيلفون شرق الخرطوم – وقضى بتأجيل المؤتمر الذي كان مقرراً عقده الشهر الجاري إلى عام 2018.
بيان المؤتمر الختامي للمجلس – مجلس الشورى القومي أعلى سلطة في الحركة بين مؤتمرين عامين – منح التسريبات والتصريحات القائلة بأن ثمة “شيئاً ما يحدث”، بعض مصداقية.
ولم يفلح ما ورد في البيان الختامي للمؤتمر – موقّع باسم المقرر محمد عبدالله الأردب – بأن تأجيل “مؤتمر الحركة الإسلامية التاسع “تمكين للجان من الفراغ من أعمالها، وتجويد وإحسان التحضير”، في إسكات الأصوات القائلة بوجود صفقة تقتضي حل الحركة مقابل رفع العقوبات السياسية الأمريكية على السودان، بل زادها عنفواناً.
ثم وضعت مباركة المؤتمرون لما أطلقوا عليه “الجهود التي تبذلها الدولة في إعمار العلاقات الخارجية” المزيد من الحطب على نار الإلغاء، واعتبره مراقبون بينهم إسلاميون، مجرد انحناءة للعاصفة.
بل وزاد وصفهم لمرحلة ما بعد رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية، الشهر الماضي، تمهيداً لحذف اسم السودان من “قائمة الدول الراعية للإرهاب”، حماس المجموعات التي ترى أن الحركة ستكون قرباناً لتلك القائمة.
التسريبات التي نقلتها وسائل إعلام محلية عن فرضية شروط أمريكية سرية تتضمن تهميش الحركة أو حتى حلها، كانت مجرد فرضيات، لكن تأجيل المؤتمر للمرة الثانية توالياً، أثار الأقاويل.
ولاحقاً، تحول الشعور بالخطر إلى يقين عند رئيس حركة الإصلاح المنشقة عن الحزب الحاكم والقيادي الإسلامي المخضرم غازي صلاح الدين العتباني، الذي نقل عنه أن قرار رفع العقوبات بمثابة تصفية للمشروع الإسلامي السوداني.
وزاد تصريح القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم ستيفن كوتسيس عشية رفع العقوبات؛ بأن السودان يعرف بالضبط المطلوب لإزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، من حدة المخاوف.
القيادي الإسلامي والأكاديمي اللامع بروفيسور الطيب زين العابدين اعتبر أن ما خرج به مؤتمر مجلس الشورى التفاف على حل الحركة، فهم أجلوا المؤتمر للسنة القادمة، دون أن يحددوا زمناً، ولا يعرف ما إن كان المؤتمر سيعقد أم لا.
ورأى بروفيسور زين العابدين في الأوضاع المالية الصعبة التي تعيشها الحركة إرهاصاً بقرب استنفاذها لأغراضها، يقول: “أوقفت الحكومة تمويلها بتوجيه من الرئيس البشير”.
وزاد: يمكن أن يتعاطف معها البعض، فيتبرعون بشكل خاص، لكن مصيرها التلاشي، لأنها لا تقوم بأي نشاط.
وعملياً، دحض الرئيس البشير هذه الرؤية في كلمته بختام مؤتمر مجلس الشورى، حين قال: إن المشروع الإسلامي في البلاد ناجح، وإن المساجد انتشرت وهي ممتلئة بالشباب، والتنافس على فعل الخيرات وإقامة الصلوات في معظم المساجد أصبح حالة عامة، وإن الحركة “مرجعية” للحزب الحاكم.