تساهم العديد من العادات الاجتماعية السلبية في عزوف الشباب المصري عن الزواج، في مقدمتها غلاء المهور وزيادة النظرة الاستهلاكية والتطلعات عن تأسيس بيت الزوجية وترتيبات الزفاف؛ ما يتطلب تدشين حملة شاملة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«المجتمع».
وكشفت إحصاءات غير رسمية أن نحو 60% من الشباب في مصر يرفضون الزواج، وفق محمد أحمد، الرئيس التنفيذي لشركة «إجابات» لاستطلاع الرأي، الذي قال في تصريحات صحفية حديثة: هناك نحو 12 مليون فتاة مصرية فوق سن الـ35 غير متزوجات، ونحو 2.5 مليون شاب مصري فوق الـ35 سنة غير متزوجين أيضاً.
د. سعداوي: النظرة الاستهلاكية الغربية وفرط التطلعات السبب
الغزو الثقافي
من جانبها، ترى الأكاديمية المصرية، أستاذ مساعد الثقافة الإسلامية بجامعة الملك خالد سابقاً د. وفاء محمود سعداوي، أن الغزو الثقافي والعولمة أثَّرا على العادات والتقاليد المصرية؛ مما جعلها خاضعة للمنظومة الغربية، وتميل للنظرة الاستهلاكية المادية وفرط التطلعات غير الواقعية.
وأضافت، في حديث لـ«المجتمع»، أن ذلك الغزو أسفر عن غياب البساطة التي كانت موجودة في الأجيال السابقة التي كانت تصل للزواج دون بعض الأساسيات مثل الثلاجة، مع ظهور المباهاة في تأسيس منزل الزوجية وعقد الزفاف.
وتوضح د. سعداوي أن الشروط التعسفية التي تؤخذ على العريس كزيادة كميات الذهب في قائمة المنقولات الزوجية، المعروفة في مصر، والتي تحصر محتويات الشقة لصالح الزوجة في قائمة باتت تنشر خوف الشباب من الخسائر المالية؛ صعَّب الزواج، وجعله فكرة «مرعبة»، بحسب وصفها.
د. القلعاوي: غلاء المهور والإسراف يعرقلان الزواج
المبالغة وغلاء المهور
ويعتقد رئيس أكاديمية «بسمة للسعادة الزوجية»، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د. محمود القلعاوي، أن غلاء المهور يهدد زواج الشباب المصري، مع أن المغالاة في المهر ليست من سُنة الإسلام، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أعظم النساء بركة أيسرهن صداقاً»؛ وكذلك من العادات السيئة الإسراف والبذخ في الإعداد لتكوين الأسرة رغم نهي الشرع عن ذلك.
ويوضح د. القلعاوي، في حديثه لـ«المجتمع»، أن الأزهر يقوم بدور في ذلك، ولكن لا بد من تكثيف نشر الوعي الديني لمواجهة تلك العادات السلبية ووضع إستراتيجية دينية شاملة لتغيير قناعات المواطنين.
د. خضر: «العادة السرية» تتزايد.. وتكوين أسرة بحاجة إلى توعية ودعم
أزمة كبيرة
وتكشف مديرة مركز «أسرتي» للاستشارات الأسرية والتربوية د. منال خضر، في حديث لـ«المجتمع»، عن أن بعض الشباب بمصر بدأ يلجأ إلى «العادة السرية» (الاستمناء)، بديلاً عن الزواج، الذين يرون أنه مجرد تكاليف تنتهي إلى مشكلات وخناقات في محاكم الأسرة، بحسب تعبيرهم لها، مؤكدة أهمية تذليل العقبات أمام الشباب للقضاء على تلك الأزمة.
وتقترح خضر أن تتجه الجهود إلى مساعدة الشباب مساعدة حقيقية عبر تنظيم حفلات زفاف جماعي، وتوفير شقق سكنية بسعر منخفض بديلاً عن الإيجارات مرتفعة السعر، بجانب تكثيف ترويج ثقافة إيجابية جديدة تقاوم العادات السلبية الحالية مثل ثقافة البساطة في التأسيس.
ودعت خضر إلى إنشاء صندوق مالي لدعم الأسر المصرية، يتركز على دعم الشباب من البداية للنهاية في تأسيس أسرة ورعايتها بتفكير تنموي غير مقتصر فقط على تلقي التبرعات أو المساهمات.
تطلعات عالية
من جانبه، قال الشاب علي ممدوح (35 عاماً)، في حديث لـ«المجتمع»: إنه جزء من جيل حالي لا يرى إلا تطلعات عالية لدى البنات قبل الزواج، وارتفاع في المتطلبات في الذهب والتأسيس دون نظر للواقع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه الجميع، مضيفاً أن محاولاته الفاشلة المتكررة في إيجاد مَنْ توافق على أفكاره وعقله ساهمت كذلك في تأخيره في الارتباط.