نجحت إثيوبيا في تخزين المليار التاسع، من التخزين الرابع، ووصل منسوب بحيرة سد النهضة إلى 611 مترا فوق سطح البحر خلال الأربعة أسابيع الماضية، ليصبح إجمالي التخزين حوالي 26 مليار مكعب.
ومن المتوقع أن تمتد عملية التخزين حتى شهر سبتمبر المقبل، بحسب تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، الشهر الماضي، لتجنب إلحاق الضرر بدولتي المصب (مصر والسودان)، مشيرا إلى أن مراحل الملء الثلاثة السابقة لم تؤثر على دول حوض النهر، وبالمثل لن تكون عمليات الملء الأخرى مختلفة عن سابقاتها.
ويأتي تواصل عملية الملء على الرغم من اتفاق رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، منتصف يوليو الماضي على بدء مفاوضات عاجلة، للتوصل إلى اتفاق بين دولتي المصب ودولة المنبع بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
ويقول آبي إن بلاده ملتزمة أثناء الملء المقبل للسد بعدم إلحاق ضرر فادح بمصر والسودان، وكذلك بما يوفر الاحتياجات المائية لكلا البلدين، ويأمل الجانبان من الانتهاء من الاتفاق في غضون 4 أشهر، مع استمرار الجانب الإثيوبي بإتمام عمليات الملء سنويا.
وكانت المفاوضات بين الجانبين حول السد قد تجمدت منذ أكثر من عام بسبب تمسك القاهرة والخرطوم بالاتفاق أولاً مع إثيوبيا على ملء السد وتشغيله، لضمان استمرار تدفق حصتيهما السنوية من المياه المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب و18.5 مليار متر مكعب على التوالي.
إعلام إثيوبيا وواقع مصر
لكن خبراء ومتخصصون يعتقدون أن تصريحات آبي أحمد إعلامية أكثر منها حقيقية، إذ توقع أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن يصل منسوب الملء الرابع عند 625 متر للممر الأوسط، لكن جميع هذه المياه هي من التدفق لمصر، وسوف يعود منها حوالى 10 مليار م3 خلال الأشهر العشرة القادمة نتيجة فتح بوابتى التصريف وتشغيل توربين أو اثنين لعدة ساعات يومياً.
وأوضح في منشور له على صفحته الشخصية على فيسبوك أن “تعويض مياه التخزين فى سد النهضة يكلف الدولة عشرات المليارات من الجنيهات (7-10 مليار جنيه/مليار م3)، ومع ذلك تدعى إثيوبيا أن التخزينات لم ولن تضر مصر”.
وأضاف باستنكار “يبدو أن مفهوم الضرر هو أن يموت الإنسان المصرى عطشاً أو جوعاً، وهذا لم ولن يحدث إن شاء الله بفضل السد العالي، وجهود الدولة في عمل المشروعات المائية الحديثة المكلفة اقتصاديا”.
ووفق شراقي سوف تعوض مصر المزارعين من مخزون السد العالي حتى لا يتأثر مباشرة من نقص الإيراد السنوي، وفي نفس الوقت يتم معالجة جزء من مياه الصرف الزراعي من خلال بعض محطات المعالجة، تحديد مساحة الأرز، واستبدال جزء من قصب السكر بمحصول بنجر السكر، والتوسع فى بناء الصوب الزراعية لتوفير مياه، وتطوير الرى الحقلى فى الوادى والدلتا، وتبطين بعض الترع، كل ذلك لتعويض جزء من المياه التى تخزنها إثيوبيا وكانت من قبل تتجه إلى مصر.
أضرار التخزين المادية على مصر
يقول خبير هندسة المياه والسدود، الدكتور محمد حافظ: “مبدئيا إثيوبيا محتاجة أن تستكمل الملء الخامس نهاية سبتمبر 2024, وهذا يعني تخزينها هذا العام (27 مليار متر مكعب تخزين حي) + (3 مليار متر مكعب فواقد) أي إجمالي (30 مليار متر مكعب) + (4 مليار متر مكعب بدلا عن ما تم تصريفه لمصر أثناء تجفيف الممر) وهذا يجعل ما تم تخزينه في الملء الرابع عند منسوب (625) فوق سطح البحر يعادل (34 مليار متر مكعب)، بينما الملء الخامس سيعادل قرابة (35 مليار متر مكعب)”.
وتابع “هذا يعني أن يوم إكتمال الملء الخامس ستكون إثيوبيا قد خزنت خلال عامي 2023 و2024 قرابة (70 مليار متر مكعب) ولو افترضنا أن الزراعة المصرية تحتاج (5 مليار متر مكعب) لري (1 مليون فدان سنويا) فهذا يعني حرمان القطاع الزراعي قرابة (70 مليار متر مكعب) أي حرمان قرابة (14 مليون فدان من مياه الري على مدار عامين) أي حرمان (7 مليون فدان من الري لكل عام)”.
وأضاف حافظ: “فإذا كنا نعلم بأن كل فدان بمصر يوفر غذاء لقرابة (100 مواطن على مدار العام) فهذا يعني احتياج الدولة المصرية لاستيراد كمية من الغذاء سنويا تعادل إنتاج (7 مليون فدان) إلا أن الواقع يؤكد بأن الدولة المصرية لن تحتاج للجوء لهذا الأمر هذا العام أو العام القادم حيث أن بحيرة ناصر تحتوي اليوم على قرابة 127 مليار متر مكعب منهم جزء في التخزين الميت وقرابة (90 مليار متر مكعب في التخزين الحي) يكفي الدولة المصرية حتى نهاية عام 2024 مع الإضافات التي تأتي من نهر (عطبرة والنيل الأزرق). ولكن بعد نهاية عام 2024 ستكون بحيرة ناصر عند منسوب يقارب المنسوب (الميت) والذي لا يمكن الإستفادة منه بحسب عربي21”.
المصدر: وكالات