الحمد لله وحده؛ والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..
– تعودُ بداياتُ التَّفكيرِ في مشاريع التقسيم عند ساسة الغرب إلى نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر إبان الهيمنة البريطانية والفرنسية؛ على السياسة العالمية آنذاك.
– بل بدأت بدايات هذا المشروع الخبيث منذ أول نشأة الدولة العثمانية؛ ويشهد لهذا كتاب “مئة مشروع لتقسيم تركيا” للوزير الروماني دجوفارا، الذي رصد تلك المشاريع خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1281 – 1913م؛ أي حوالي 6 قرون.
ثم جاءت اتفاقية “سايكس بيكو” لتقسيم الأمة في القرن العشرين؛ حيث تم بموجبها تقسيم البلاد الإسلامية بعد سقوط الخلافة العثمانية.
– غير أن الغرب المتآمر لم يقنع بذلك التقسيم؛ الذي أضعف المسلمين وشتتهم؛ فشرع من جديد في مشاريع تقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ.
– وفي هذا السياق، أتت خرائط برنارد لويس ووزارة الدفاع الأمريكية لتفكيك المنظومة الإسلامية وتفتيتها إلى دويلات عرقية ودينية ومذهبية وطائفية.
– ثم تلتها خارطة حدود الدم “مشروع رالف بيترز” الأمريكي لتصحيح الأخطاء الكبيرة في اتفاقية “سايكس بيكو”.
هذا، ويأتي السودان في بؤرة مشاريع التقسيم اليوم؛ من خلال إضعافه عبر العقوبات للهيمنة السياسية والاقتصادية على موارده وتغيير هويته الثقافية تمهيداً لابتزازه وتفتيته.
– لقد تمّ الجزءُ الأوّلُ من التقسيم بفصل الجنوب بعد اتفاقية السلام “نيفاشا”، وظنَّت حكومة الإنقاذ (البشير، وعلي عثمان) أنّ المؤمرة على السودان ستقف عند هذ الحد، ولكن تبيّن لكلِّ مطلعٍ بعدها أن مشروع برنارد لويس ماضٍ في طريقه.
– واليوم بعد سقوط نظام الإنقاذ، نرى معالم تقسيم السودان المسلم إلى دويلات عبر:
1- طمس الهوية الإسلامية للشعب المسلم من خلال فرض العلمانية؛ التي ستفرق ولن تجمع فتوحِّد.
2- التطبيع مع الكيان الصهيوني، ودويلتهم ضالعةٌ في هذا التقسيم.
3- صناعةُ اصطفافات مناطقية خطيرة باسم “اتفاقيات سلام” ناقصةٍ، ومشوَّهةٍ؛ تزيدُ من الغبن والفرقة، وتوجد الضغائن والإحن بين أبناء البلد الواحد؛ بأساليب لم يشهدها السودان من قبل.
4- مشاريع تفكيك القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى؛ باسم إعادة هيكلتها.
5- استدعاء البعثة الأممية للمساعدة في تنفيذ الأجندة المفضية إلى التقسيم؛ من خلال شرعنة قيادتها للمشهد السوداني.
6- تأجيج النزاعات القبلية لإضعاف النسيج الاجتماعي.
7- إيصال الشعب السوداني إلى حالة من اليأس والإحباط؛ حتى يرضخ لكل الشروط والإملاءات.
ولتفويت هذه المؤامرة والعمل على إفشال هذا المخطط التقسيمي لا بد أولاً من اليقين بما قاله الحق سبحانه في سورة “البقرة”: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنـزلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ).
للأسف، إنّ المؤامرات اليوم تحبك خيوطها، وتتبلور مقدماتها، من خلال اختطاف الثورة، والسير بها نحو نفقٍ مجهول، فلا مناص من العودة إلى منصة الاستقلالية، واستدعاء الوعي بالأخطار المحدقة.
علينا أن نفوِّتَ الفرصةَ على المتربصين ببلدنا؛ بإصلاح ما بيننا وبين معبودنا الأعظم، وإلهنا الحقُّ الأكرم، اللهُ جَلَّ جلالُهُ، فهو الذي يحمينا من شرور أنفسنا وكيد أعدائنا.
عندها يهدينا الله ويوفقنا للتوافق على حكومة كفاءات مستقلة، غير حزبية لتنفيذ مشروعات إصلاحية حقيقية تحقق السلام والوئام، وتنبذ الفرقة والخصام.
___________________
(*) المصدر: “منتدى العلماء”.