رغم إعلان الحكومة العراقية عن طرد تنظيم “داعش” في عموم البلاد، قبل أكثر من عام ونصف العام، لا يزال مليونا ونصف مليون نازح يقطن المخيمات التي باتت تشكل كابوسًا يؤرق النازحين.
حلمهم الوحيد العودة إلى منازلهم، التي تركوها مجبرين في محافظات نينوى، وصلاح الدين (شمال)، والأنبار (غرب)، وأجزاء من ديالى وبغداد وبابل (شرق) عقب سيطرة مسلحي تنظيم “داعش” على تلك المناطق صيف عام 2014.
وتزداد معاناة النازحين بالعراق في شهر رمضان، فالمخيمات ليست مكانًا مناسبًا لقضاء الشهر الكريم، حسب أيوب راضي، أحد نازحي محافظة صلاح الدين شمالي البلاد.
وقال راضي لـ”الأناضول”: وضعنا صعب جدًا، فلم تعد المخيمات مكانًا مناسبا لنا، نحن وعوائلنا نعاني مشكلات لا تعد ولا تحصى، ولا نريد من الحكومة سوى أن تعيدنا إلى مناطقنا التي حررت.
وأضاف راضي: معاناتنا تزداد يوما بعد يوم؛ خصوصًا في شهر رمضان الذي يحتاج الصائم فيه إلى الراحة التي لا تتوفر في المخيمات إلى جانب صعوبات توفير الاحتياجات الضرورية بالإضافة إلى الجوانب الصحية.
ولا يزال الكثير من النازحين غير قادرين على العودة لمناطقهم الأصلية، نتيجة تدمير منازلهم خلال الحرب؛ فضلًا عن عدم توفر البنى التحتية الأساسية للخدمات وعدم استقرار الوضع الأمني.
ويقطن معظم النازحين في مخيمات منتشرة في أرجاء البلاد، قسم كبير منها يقع جنوب مدينة الموصل مركز محافظة نينوى.
من جهته، قال أنس أكرم عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان (مؤسسة رسمية تعنى بمتابعة ملف حقوق الإنسان): إن نحو مليون ونصف مليون نازح لا يزالون يقطنون نحو 20 مخيمًا منتشرة في البلاد.
واوضح أكرم أن معاناة النازحين ما زالت مؤشرة (مسجلة) لدى مفوضية حقوق الإنسان، وهؤلاء لم يتلقوا مستوى عالٍ من الخدمات خلال شهر رمضان سواء من الحكومة أو من المنظمات الدولية.
وأضاف أن هناك قصورًا واضحًا في تقديم الخدمات للنازحين خلال شهر رمضان الحالي، فهناك شح في المواد الغذائية المقدمة لهم، وشح بالنسبة للموارد الاقتصادية، إلى جانب قلة المواد الحكومية المخصصة لإعانة النازحين.
وكان أكثر من 5 ملايين عراقي، قد اضطروا للنزوح وترك منازلهم في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين والأنبار وديالى وأطراف بغداد، وأجزاء من محافظة بابل، بعد منتصف عام 2014 عقب توسع سيطرة مسلحي “داعش” على مناطق البلاد المختلفة.
إهمال حكومي
بدوره، قال حميد جحجيح، ناشط في مجال حقوق الإنسان: إن رمضان الحالي يعتبر الأسوأ على النازحين العراقيين المتواجدين في المخيمات، بسبب إهمالهم من قبل الحكومة والمنظمات الدولية.
وأوضح جحجيح، أن الجانب الحكومي لم يقم بدوره في تقديم السلال الغذائية الكافية للعوائل النازحة في المخيمات، على عكس السنوات الماضية التي كان النازحون يحصلون على مساعدات كبيرة في شهر رمضان.
وتابع جحجيح: من خلال متابعتنا لأوضاع النازحين في المخيمات، هم يعانون ظروفًا معيشية صعبة، وبات الحل الأمثل لإنهاء معاناتهم إعادتهم الى مناطقهم التي تم تحريرها.
لكن حلم الأسر النازحة بالعودة إلى منازلهم، لا يزال بعيد المنال وفقًا للمعطيات على الأرض، إذ تواجه الحكومة العراقية صعوبة في توفير أبسط متطلبات العيش في المناطق التي حررتها من سيطرة “داعش”، ليتمكن النازحين من العودة إلى ديارهم.
كما أن بعض المناطق في محافظتي صلاح الدين وبابل، لا يسمح للنازحين بالعودة إليها لأسباب تتعلق بتهديدات عشائرية، أو مذكرات قضائية صادرة بحق بعض النازحين لاتهامهم بدعم تنظيم “داعش”.