لا تزال حكومة الوفاق، التي يعترف بها المجتمع الدولي كممثل شرعي للشعب الليبي، تحصد ثمار انتصاراتها على قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي سعى بدعم إقليمي ودولي لتقويض السلطة الشرعية عبر انقلاب عسكري مدعوم بالمليشيات والمرتزقة.
حيث وثقت الولايات المتحدة الأمريكية علاقتها بحكومة الوفاق مؤخراً، من خلال التنسيق معها في مكافحة “الإرهاب”، والسعي لوقف إطلاق النار، وتحييد التدخلات الأجنبية في البلاد، فيما كثفت لجنة المتابعة الدولية جهودها لدعم تسوية سلمية شاملة ودائمة للصراع، تحت رعاية الأمم المتحدة، معربة عن قلقها من التحشيد العسكري حول مدينة سرت الإستراتيجية.
تعاون إستراتيجي
بناء على طلب أمريكي، التقى رئيس حكومة الوفاق فايز السراج بمدينة زوارة الساحلية (120 كم غرب العاصمة طرابلس)، وفداً أمريكياً ضم الجنرال تاونسند، قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، وريتشارد نورلاند، السفير الأمريكي لدى ليبيا، وبحث الطرفان التعاون الإستراتيجي بين الحكومة الشرعية وواشنطن.
وذكر بيان صادر عن مكتب السراج، أمس الإثنين، أن اللقاء استعرض أحدث المستجدات العسكرية والأمنية في ليبيا والجهود الأمريكية لتحقيق الاستقرار في البلاد.
وبحسب البيان، حضر اللقاء من الجانب الليبي كلاً من وزير الداخلية، فتحي باشاغا، ووكيل وزارة الدفاع، صلاح النمروش، ورئيس الأركان العامة للجيش الليبي، الفريق ركن محمد الشريف، وآمر غرفة العمليات المشتركة اللواء، أسامة الجويلي.
كما حضر آمر المنطقة العسكرية طرابلس، لواء عبدالباسط مروان، وآمر المنطقة العسكرية الوسطى، لواء محمد الحداد، وآمر غرفة عمليات سرت-الجفرة، العميد إبراهيم بيت المال.
من جانبها، أشارت السفارة الأمريكية في ليبيا إلى أن الاجتماع بحث تصاعد التدخل الأجنبي في ليبيا، بحسب بيان نشرته على موقعها الرسمي في شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).
وأضاف البيان أن الاجتماع ركز على الفرص المتاحة لوقف إستراتيجي للعمليات العسكرية من قبل جميع أطراف النزاع.
وتابع: قدم الجنرال تاونسند وجهة نظره العسكرية حول خطر التصعيد، والأخطار التي يشكلها دعم روسيا لعمليات فاغنر، والأهمية الإستراتيجية لضمان حرية الملاحة في البحر الأبيض المتوسط.
ويرى مراقبون أن توقيت هذا الاجتماع يأتي في إطار مساعي واشنطن لتطويق الوجود الروسي في ليبيا، خصوصاً بعد أن كشفت القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، معلومات عن حجم تواجد مرتزقة الشركة الأمنية الروسية “فاغنر”، التي يمتلكها رجل الأعمال يفغيني بريغوجين، المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي تقاتل إلى جانب مليشيا حفتر ضد الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً في ليبيا.
وقدرت اختصاصية العلاقات العامة في “أفريكوم”، نيكول كيرشمان، في تصريحات لقناة “فبراير” الليبية، يوم 6 يونيو الجاري، عدد مرتزقة “فاغنر” الذين يقاتلون إلى جانب اللواء المتقاعد خليفة حفتر بنحو ألفي مقاتل.
وأضافت كيرشمان أن الشركات العسكرية الروسية التي يرعاها الكرملين لها تأثير مزعزع في أفريقيا.
جاء ذلك بعد أن نشرت “أفريكوم”، في بيان على موقعها الإلكتروني، صوراً لمقاتلات عسكرية قالت: إن روسيا أرسلتها إلى ليبيا لدعم مرتزقة “فاغنر” التي تقاتل لصالح مليشيات حفتر.
وبحسب البيان، فإن تلك المقاتلات يرجح أنها لتوفير دعم جوي لمجموعة “فاغنر” التي تقاتل ضد قوات الحكومة الليبية.
وأوضحت أن المقاتلات الروسية وصلت ليبيا بعد مرورها بسورية وإعادة طلائها للتمويه.
ولفتت إلى أن روسيا تستخدم مجموعة فاغنر في ليبيا لإخفاء ضلوعها المباشر ولتنكر أفعالها الخبيثة.
وكان الجنرال ستيفن تاونسند بحث في 30 مايو الماضي، إمكانية نشر “أفريكوم” قواتها في تونس، على خلفية الأنشطة العسكرية الروسية في ليبيا.
وقالت “أفريكوم” في بيان: إن قائدها ستيفن تاونسند، أعرب لوزير الدفاع التونسي عماد الحزقي في اتصال هاتفي، عن استعدادهم لنشر “قوات مساعدة أمنية” هناك، وعن القلق من الأنشطة العسكرية الروسية في ليبيا.
وبحسب البيان، اعتبر تاونسند أن “الأمن في شمالي أفريقيا أصبح مصدر قلق كبيراً، في الوقت الذي تؤجج فيه روسيا الصراع في ليبيا”.
قلق أممي
في هذه الأثناء، عقدت لجنة المتابعة الدولية لليبيا اجتماعها الثالث على مستوى كبار المسؤولين، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، برئاسة مشتركة بين جامعة الدول العربية، ممثلة في الأمين العام المساعد حسام زكي، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ممثلة في الممثلة الخاصة بالإنابة ستيفاني وليامز.
وأعرب المجتمعون عن قلقهم العميق إزاء حالة التصعيد العسكري الخطيرة الجارية حول مدينة سرت، مطالبين جميع الأطراف بالخفض الفوري للتصعيد، ووقف الأعمال القتالية والتحركات العسكرية، وسرعة استكمال المفاوضات الليبية-الليبية، القائمة في إطار اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، بهدف التوصل إلى اتفاق رسمي وشامل ودائم لوقف إطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة.
ووفقاً لبيان أصدرته الرئاسة المشتركة للجنة، أمس الإثنين، شدد الاجتماع على أهمية إخراج كافة المرتزقة الأجانب، وانسحاب كافة القوات العسكرية الأجنبية، وتفكيك ونزع سلاح الجماعات المسلحة والمليشيات في جميع أنحاء البلاد.
وتابع البيان: استنكر أعضاء اللجنة الانتهاكات المتعددة المستمرة لحظر السلاح المفروض من الأمم المتحدة؛ وأعادوا التأكيد على ضرورة امتثال كافة الفاعلين الخارجيين، بشكل صارم لالتزاماتهم بالتوقف عن كافة أشكال التدخل العسكري في ليبيا، والامتناع عن القيام بأي أنشطة من شأنها تأجيج الصراع، وكذا الاحترام الكامل لأحكام قرار مجلس الأمن رقم (1970) وكافة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة التالية له.
واستعرض المشاركون التقدم المحرز حتى الآن في تنفيذ خلاصات مؤتمر برلين، الذي عقد في 19 يناير الماضي، وجهود اللجنة دعماً لتسوية شاملة ودائمة وسلمية بقيادة ليبية للصراع، تحت رعاية الأمم المتحدة، وبما يحافظ على سيادة واستقلال ليبيا وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية.
يشار إلى أن اللجنة عقدت اجتماعها، متابعةً للقاء الذي عقدته لجنة المتابعة الدولية لليبيا، في 13 مايو الماضي، بتنظيم مشترك بين إيطاليا وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.