أدان حقوقيون ما أسموه بالانقضاض على حرية الرأي والتعبير والصحافة في مصر، مؤكدين أن استمرار السلطات المصرية في هذا المسار بات ممنهجاً وخطيراً ويستوجب إنهاؤه في أسرع وقت، فيما تنفي الحكومة عادة تورطها في أي انتهاكات لحرية الصحافة والتعبير وتعتبر الاتهامات المتكررة لها في إطار الشائعات التي تلاحقها وتستوجب الاعتذار.
قمع لا يتوقف
وصف الحقوقي علاء عبدالمنصف، مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، ما يحدث في الفترة الأخيرة ضد حرية التعبير والصحافة بأنه محل قلق حقوقي شديد، خاصة في ظل وجود تشريعات تقنن القمع بجانب السياسات التنفيذية التي تنفذ طبقاً لهذه التشريعات، وهو ما ظهر في وقائع عدة تجرم حرية الرأي والتعبير.
واستنكر عبدالمصنف في حديث لـ”المجتمع” لائحة المجلس الأعلى للإعلام بمصر وما ترتب عليها من حجب لموقع المشهد، وملاحقة إذاعة “بي بي سي” البريطانية بسبب تغطيتها لفعاليات المعارضة في مصر، موضحاً أن تجريم حرية الرأي والتعبير والصحافة بات أمراً ممنهجاً.
واتهم مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان السلطات الحالية بمحاولة القضاء على المجتمع المدني، وفي القلب منه الصحفيون والحقوقيون، منعاً لتداول الآراء وتعرية القمع المنتشر في البلاد، فضلاً عن مظاهر الاستبداد، حيث لم يقتصر الأمر على معارضي النظام، بل امتد للمؤيدين الذين يقعون في إحراج النظام عبر ملاحقتهم قضائياً، في تعبير عن خوف رسمي يتمدد يناهض الدستور والقانون.
وأشار عبدالمنصف إلى أن الأمر بدأ بإصدار التشريعات الجائرة خاصة قانون منع التظاهر الذي حرم المصريين من حق الاحتجاج القانوني والدستوري، مروراً بتحويل الحبس الاحتياطي إلى عقوبة كما حدث مع الصحفيين هشام جعفر، ومحمود حسين على سبيل المثال، لتنضم لهم لائحة المجلس الأعلى للإعلام التي عبرت عن تجريم الرأي والتعبير والصحافة بجانب ملاحقة حتى المؤيدين الذين يخرجون عن السياق المرسوم.
وفي السياق ذاته، أدانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في بيان، أمس الأحد، رصدته “المجتمع”، ملاحقة الصحفيين والإعلاميين في مصر، مؤكدة أن ما يحدث يهدد صناعة الإعلام، ويؤذن بغياب ما تبقى من حرية الصحافة وحرية التعبير التي أوشكت أن تخلو منها مصر.
واتهمت المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بـ”تكميم أفواه الصحفيين وإسكات وسائل الإعلام، والعداء لحرية الصحافة، ومخالفة مواد الدستور لا سيما المادة (77)، التي تحظر على الجهات الإدارية التدخل في شؤون أعضاء النقابات المهنية مثل نقابة الصحفيين”.
كما طالب المرصد العربي لحرية الإعلام المفوضية السامية لحقوق الإنسان بجنيف باتخاذ اللازم تجاه إصرار السلطات المصرية على إهدار استقلال الصحافة والإعلام وترويع الصحفيين والإعلاميين، عبر إجراءات أمنية قمعية، أو قرارات إدارية متعسفة، أو تشريعات مخالفة للدستور.
وأوضح في بيان له أن استمرار سياسة الحجب التي طالت أكثر من 500 موقع حتى الآن، بجانب إغلاق القنوات ووقف البرامج وملاحقة الإعلاميين من ذوي التوجهات الوطنية الرافضة للاستبداد والفساد وتمديد فترة الرئاسة، يصب كله في صالح عدم استقرار الوطن وإهدار متكرر لدستوره وقانونه وحق شعبه الأصيل في صحافة حرة وصادقة.
مبررات الحكومة
عبرت الهيئة العامة للاستعلامات التي تتبع مؤسسة الرئاسة المصرية في بيانها عن استدعاء مديرة مكتب “هيئة الإذاعة البريطانية” (بي بي سي) بالقاهرة بسبب تغطيتها الإخبارية لحملة “اطمن إنت مش(ليس) وحدك” المعارضة، عن بعض مبررات السلطات المصرية.
وبحسب بيان الهيئة، فإن التقرير الذي نشر “مسيساً وموجهاً، بصورة لا لبس فيها ضد الحقيقة والشعب المصري معاً”، كما اعتبرت أن التقرير يدعم جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها محظورة منذ عام 2013 ولكن الجماعة ترفض ذلك.
مبررات أخرى أضافها رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مكرم محمد أحمد، حيث صرح لوسائل إعلام محلية مقربة من السلطة أن المجلس يقوم بدوره في مواجهة التجاوزات رفضاً قصر الأمر على مجلس نقابة الصحفيين كما يقول القانون.
وأكد في تصريح لصحيفة “الشروق” الموالية للسلطات أن إصدار عقوبات ضد جريدة “المشهد” استخدم الحد الأدنى من العقوبات سواء مدة الحجب أو قيمة الغرامة، كي “نذكر الناس بأن المجلس موجود، وعدم ارتكاب مثل تلك المخالفات والجرائم الإعلامية”.