بإمكاننا مضاعفة أعمارنا بانتصارات تنير الحياة وتجهض أي عتمة بالواقع
من الانتصارات الضرورية لحياة ناجحة تعلم السيطرة على النفس وعدم التوقف عند الصغائر
نيران الاستسلام تلتهم الحاضر والمستقبل وتجعلنا نتنفس الحسرة
لا تسمح للندم بالاقتراب منك فهو عدو خبيث يبث الحزن بالقلب ويوهن العقل وركز على الحاضر ليكون أفضل
لا أحد يولد بجينات الفوز بالحياة ويحرم آخرون منها؛ فالفرص متاحة للجميع بلا قيود أو حدود لامتلاك إرادة الفوز بكل جوانب الحياة.
مفتاح كل إرادة هو الرغبة؛ ويوقظها داخل العقل والقلب الوعي بأهمية المتع التي سيفوز بها، ومدى الخسائر والوجع الذي سيحاصره متى خسرها.
ولعل أجمل الفوز -بعد الفوز برضا الله والحياة كمؤمن قوي- رضا الإنسان عن نفسه واحتضانه لها بحب واحترام، واليقين بأنه ليس شيئاً تحركه الأحداث والأشخاص، بل يتحكم في ردود أفعاله، ولا يسمح للحياة بابتلاعه والسيطرة عليه، أو أن تجعله ورقة تتقاذفها الرياح؛ لا يفعل شيئاً سوى الاستسلام البغيض للظروف.
لزرع إرادة الفوز بالعقل والقلب علينا أن نتذكر أننا لن نعيش إلا مرة واحدة، وسنترك الحياة بلا سابق إنذار، وبإمكاننا مضاعفة أعمارنا بانتصارات تنير الحياة وتذيب الأوجاع، وتجهض أي عتمة بالواقع، أو يحاول البعض دفعنا نحوها أو نجلبها لحياتنا بأيدينا؛ عندما نؤذي أنفسنا بالتفكير السلبي، وبصحبة من اختاروا هزيمة أنفسهم، ويسعون باستماتة لدفع الآخرين لتجرع الهزائم مثلهم؛ حتى لا يتألموا عند رؤيتهم ينتصرون، وللأمانة فبعضهم يفعل ذلك دون وعي، وآخرون يتعمدون ذلك.
كي نحتفظ بإرادة الفوز عند التعرض لأزمات؛ لنتذكر الحكمة البديعة والصادقة: الإنسان المفاجَأ نصف مهزوم؛ فمن يتوقع أنه سيفوز دائماً وبلا منغصات وستكون حياته نزهة واحتفالات يهزم نفسه؛ فلا بد من الصعاب، ولا نطالب بانتظارها وتكدير النفس بالتفكير بأسوأ الاحتمالات؛ فالتفكير بذلك يسرق الحيوية والزهوة، بل ندعو لزرع الثبات عند وقوع ما نكره، والمسارعة بطمأنة النفس، وعدم البحث عن الدعم الخارجي أو الاحتياج للآخرين؛ حتى لا نضعف قدراتنا على الوقوف بعد الأزمات، ونقلل من تقديرنا لذواتنا، أو نشعر أنفسنا بالعجز وقلة الحيلة.
ونوصي بالمسارعة باستراحة محارب، وتذكير النفس بالانتصارات السابقة والفرح بها، وإن قلت، والاستمتاع بالترفيه وتمثيل ذلك ببادئ الأمر وسيصبح واقعاً، ثم احتضان النفس بحب واحترام، وكتابة ما ينبغي فعله للفوز بأفضل ما يمكن، أو بتقليل الخسائر، وذلك مكسب كبير؛ وبلغة الطب إزالة الاحتقان وتقليل حدة الأزمة لنحسن التعامل معها على مراحل، وكتابتها لتهدئة العقل ولنتذكر الحلول، كما نكتب أيضاً الأخطاء التي وقعنا بها؛ ليس لجلد الذات؛ بل لعدم تكرارها.
تنبه للأعداء
لتجديد إرادة الفوز علينا أن نوقن أنها الاختيار الوحيد بالحياة، فالبديل هو الموت ونحن على قيد الحياة والانتحار ببطء، ولا يليق بنا، وإن كل جهد يبذل ونحن نسعى للفوز سنجني ثماره التي ستنير أعمارنا وتسعدنا وسيزول التعب ويبقى الفوز، بينما نيران الاستسلام ستلتهم الحاضر والمستقبل وتقتلنا، وتجعلنا نتنفس الحسرة والوجع النفسي وربما الجسدي أيضاً ولو بعد حين.
من أعداء الفوز الهروب من مواجهة ما يؤلمنا؛ فيتضخم ويتوحش، ونتوهم باستحالة هزيمته؛ فنصنع خسائرنا بأيدينا، ونكون اليد التي نوجه بها الطعنات لأنفسنا.
يعد استنفار الطاقات –أحياناً- عدواً خفياً للفوز يؤذي الكثيرين؛ حيث يتعاملون مع أي شيء يتعرضون له وكأنه مسألة حياة أو موت، ويدفعون الثمن الباهظ من صحتهم النفسية والجسدية.
نود عندما نحس باستنفار طاقاتنا وباشتعال التحدي داخلنا، تأجيل أي كلام أو تصرف حتى لا نخطئ، ولننشغل بأي شيء آخر ولو بتناول طعام نحبه ببطء، أو إجراء مكالمة طويلة مع صديق مقرب، ولا نتحدث معه عما يشغلنا، بل في أحاديث لطيفة، ثم نكتب مشاعرنا لأنفسنا بأمانة شديدة بعد تهدئة النفس، وسنتمكن من التعامل بهدوء، ونطرد الاستنفار الذي يضاعف الجهد المبذول ويقلل التركيز ويزيد الأخطاء.
ولمضاعفة إرادة الفوز علينا صنع انتصارات دوماً؛ ولا نكتفي بأي قدر منها أبداً ونجعلها وقوداً للأفضل؛ ليكون العمر مساحات متصلة من النور والبراح.
ومن الانتصارات الضرورية لحياة ناجحة والمقوية لإرادة الفوز؛ تعلم السيطرة على النفس، وعدم التوقف عند الصغائر التي تحاصرنا جميعاً؛ من شركاء الحياة، وزملاء العمل، وحتى بالتعاملات اليومية العابرة بالانتقالات وغيرها.
يربح كثيراً من يتقن التفرقة بين ما يستحق التوقف عنده كأمور تمس الكرامة أو تؤثر مستقبلاً على العلاقات، وأخرى يجب المسارعة بطردها ومحو آثارها داخل العقل والقلب؛ فكل تأخير بمحوها يتسبب بتراكمها وبالانفجار بوجه الآخرين عند أتفه الأسباب، وصنع صراعات ومشكلات تلتهم بعض طاقاته؛ ما كان أغناه عنها لو تجاهلها، أو بتحميل النفس عبئاً نفسياً عند احتفاظه بالضيق منها.
والأذكى التعامل معها كالأتربة فنسارع بإزالتها بلا غضب، حتى لا تتراكم فتصعب إزالتها أو تصيبنا بالحساسية، وندخر طاقاتنا الذهنية لتحقيق الفوز الأكبر والأفضل، وقد يتبادر للذهن أنه الفوز بالعمل، وهو رائع ومطلوب بشدة لتكون للحياة معنى، ولنعش نحن ومن نعول بأفضل ما يمكننا معنوياً ومادياً، ولنسعد أنفسنا بمتع الإنجاز، ولنترك أثراً بعد مغادرتنا لها يضيء لمن يأتي بعدنا الطريق وتجعلنا نغادر برضا لطيف وناعم عن أنفسنا.
امنع الخسائر
يعد الفوز الأكبر هو حماية النفس من سيطرة الدنيا علينا، فننسى أو نتناسى مصادر أخرى للمتع والفوز بالحياة؛ كصنع أسرة متحابة ومترابطة، يسودها الرفق والصدق بالامتناع عن المضايقات، والمساندة الواعية عند الأزمات، والاحتضان الدائم لأفراد الأسرة، ودفعهم برفق ليكونوا أفضل دوماً، وطرد القسوة والغيرة والجفاء ومسببات المنغصات الأسرية أولاً بأول.
ولنستمتع بالفوز علينا أن نحافظ على الصحة النفسية والجسدية، ولا نسمح بإضاعتهما، والتنبه لأي نقصان بهما، مع الحرص على السعادة الروحية؛ فبدونها يتراجع الفوز، ويسهل تسلل الخواء للحياة، وتقل الصلابة الداخلية، وينسحب السلام النفسي.
ونقصد بالسعادة الروحية الحرص على الفوز برضا الله سبحانه دوماً، والحرص ليس فقط على أداء الواجبات الدينية، بل الفرح بذلك، فهي فرصة لا تعوض للاغتسال من تراكم الشوائب الدنيوية التي تغزونا جميعاً؛ وهي نعمة لنعيد تذكير أنفسنا بالغاية من وجودنا المؤقت بهذه الحياة، ولزرع الصلابة النفسية بقلوبنا وعقولنا، وطلب العون دائماً وأبداً من القوي اللطيف بعباده، وزيادة رصيدنا من الطمأنينة والسكينة، واليقين بأن الله عز وجل يساعد من يسعى دوماً ليكون أفضل، وهذا هو الوقود الذي ينمي طاقاتنا، ويضاعف إرادتنا للفوز دائماً وأبداً.
ومن أهم أسلحة الفوز التعامل مع الخسارة -وكلنا نتعرض لخسائر- أياً كان نوعها في العمل والعلاقات والأموال والتوقعات، على أنها ستكون -بإذن الله تعالى- مؤقتة، والحرص بوعي وهدوء وبلا جزع على السعي لتقليل آثارها -ما استطعنا- ومنع إقامتها بحياتنا وطردها أولاً بأول، وانتزاع الخبرات منها وكتابتها؛ حتى لا ننساها.
ولنتذكر دوماً أن التفكير بالخسائر يستدعيها مجدداً، أو يجلب خسائر أخرى؛ لأنه يضعف إرادة الفوز، كما تتراجع عندما نضع أهدافاً غير واقعية، أو نتعجل النتائج.
والصبر المطلوب لا يتجاهل أبداً مراجعة النفس للتيقن من صحة الخطوات التي نخطوها في الحياة؛ حتى لا نكرر تصرفات أو تفكير يقودنا للخسائر؛ فلا بد من التأكد من صحة تفكيرنا وتصرفاتنا ولا نكررها بدعوى الصبر؛ والأفضل دوماً التخلي عما يثبت عدم جدواه، والتحلي بشجاعة مواجهة النفس لطرد ما يخصم منا، ولْنَعِ ما يضيف إلينا ويسعدنا ويرضينا.
فكّر كفائز دائماً حتى في أصعب الأوقات؛ فستحمي نفسك من الرثاء للنفس، ولن يقترب منك العجز، وستحاصر الخسارة، وتنبه لدورك في صنعها وتجنبه مستقبلاً لتفوز عليها.
ولا تسمح للندم بالاقتراب منك؛ فهو عدو خبيث يبث الحزن بالقلب ويوهن العقل؛ والأحسن التركيز على الحاضر ليكون أفضل، وليبشرنا بمستقبل أكثر نجاحاً.
لا تضعف إرادة الفوز إلا إذا سمحنا بذلك، وتستطيع الاحتفاظ بها طوال العمر وبجميع الظروف، ودائماً يهدينا كل صباح فرصاً نستحقها لمنع الخسارة ولصنع فوزاً جديداً نحبه ويرضينا.